الجلسة 13… النحس ينقلب بشرى أو لن تكون

هيام طوق
هيام طوق

عقدت الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، وكما كان متوقعاً لم تنتج رئيساً، بل ان مسارها جاء صورة طبق الأصل عن الجلسات السابقة بحيث اكتمل نصاب الجلسة الأولى، وجرى تطييره في الدورة الثانية ما يعني استمرار الجلسات الفولكلورية والهزلية في حال دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقدها أسبوعياً كما كان يحصل سابقاً.

على أي حال، في ظل الانقسام الحاصل، وعدم تمكن أي فريق من ايصال مرشحه الى القصر الجمهوري، لم تعد مهمّة الدعوة الى جلسة انتخابية لأن النتيجة أصبحت معروفة سلفاً، ويبدو أن الاستحقاق الرئاسي تحوّل فعلاً الى معضلة، وبات واضحاً أمام القاصي والداني أن اخراجه من عنق الزجاجة يتطلب معجزة أو مبادرة أو تسوية خارجية ليست واضحة المعالم الى اليوم.

في الجلسة التي حضرها 128 نائباً للمرة الأولى بنصاب كامل، وسجلت اشكالية حول فرز الأوراق التي بلغ عددها 127 لا 128، وطالب نواب بإعادة الفرز، حصل فيها الوزير السابق جهاد أزعور على 59 صوتاً، ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية على 51، وبالتالي، لا جديد سوى التغيير في الأسماء. ولا بد أنها ستكون الخطوة الأولى نحو مسار رئاسي جديد لأن الكل أصبح على قناعة باستحالة الوصول الى رئيس في ظل الستاتيكو القائم، وأن على الكل النزول عن الشجرة، وإنهاء لعبة عض الأصابع لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من كيديات المسؤولين، كما أن الشعب صبر أكثر من أيوب، ولم يعد بإمكانه الاستمرار في الوضع الراهن.

إذاً، من المرجح أن يكون عنوان المرحلة المقبلة، المسار الرئاسي الجديد، لكن ظروفه لا تزال غامضة، وربما مرحلة انضاجه تتطلب وقتاً طويلاً، اذ يشير عدد كبير من المتابعين الى أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان سيحمل معه مبادرة ما، يتم التوافق عليها مع دول مهتمة بالشأن اللبناني، وسيسعى مع اللبنانيين الذين في حال تمسكهم بمواقفهم، لن تنفع معهم وساطات العالم. كما هناك حديث عن عودة الديبلوماسيين القطريين وغيرهم الى لبنان، وعن اجتماع اللقاء الخماسي في وقت قريب بحيث أن التنسيق يجري بين هذه الدول.

وسط هذا المشهد الضبابي، والتأزم الرئاسي، والدوران في الحلقة الفارغة، جدّد الرئيس بري دعوته الى الحوار من دون شروط، لا يلغي حق أحد بالترشح، “ولنعترف جميعاً بأن الامعان في هذا السلوك لن يوصل الى النتيجة المرجوة”. لكن، كيف يمكن تقويم ومجريات جلسة الأمس وقراءتها؟ وهل نتائج الجلسة، تؤكد المؤكد أنه لا يمكن انتخاب الرئيس من دون التوافق بين الأطراف كافة؟ وهل يقبل النواب بالحوار انطلاقاً من قناعة بأنه لا يمكن الاستمرار في سيناريو الجلسات العقيمة الى أجل غير مسمى؟ وهل الجلسة التي تحمل الرقم 13 الذي يعتبره كثيرون نحساً ويجلب الحظ السيء، تحمل معها بشرى انتخاب الرئيس للبنانيين؟

رأى الوزير السابق رشيد درباس في حديث لموقع “لبنان الكبير” وجوب “الخروج من نطاق الهزيمة والانتصار لأنه في لحظة اعلان النتائج، كل فريق زعم الانتصار، لكن في الحقيقة أن لبنان انهزم لأنه لم ينتخب رئيس للجمهورية، ولا يمكن لأي طرف ادّعاء الانتصار على حساب الدولة اللبنانية”، مشدداً على أن “علينا تخطي لعبة الأرقام، فكل فريق أراد توجيه رسالة الى الفريق الآخر. محور حزب الله، أراد ايصال رسالة أن هناك كتلة صلبة تصب لصالح فرنجية، في المقابل، فإن الفريق الآخر، أراد القول ان فرض إرادة منفردة على بقية الفرقاء، لم تعد واردة. وبغض النظر عن سكور الأرقام، اذ كان من المتوقع أن يحصل أزعور على نسبة أعلى من الأصوات وفرنجية على نسبة أقل، إلا أن ذلك، لن يغيّر في الدلالات بأن الطريقة التي استخدمت في السابق لايصال الرئيس عون الى سدة الرئاسة، لم تعد ممكنة”.

واعتبر أن “الحل الداخلي أصبح مستحيلاً، لكن الحل الخارجي ربما لن يكون بعيداً جداً خصوصاً أن هناك اجتماعاً سيحصل بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسيحصل التفاوض مع ايران وأميركا، واذا نضجت الطبخة اللبنانية في الخارج، فستنعكس سريعاً على الداخل، وسنجد أن الرؤوس الحامية أصبحت باردة”.

وقال درباس: “الحوار بين اللبنانيين حول ماذا؟ من المهم اليوم، المقاربة بطريقة أخرى مع التأكيد أن الخلاف ليس على الشخص انما على النهج لأن الشخص وحده لا يمكن أن يشفي لبنان من مرضه. الأطراف السياسية مختلفة اختلافاً بيّناً وعميقاً حول برنامج الانقاذ، ولو اتفقت على برنامج الانقاذ، لما كان مهماً الشخص بعينه، وكانت الأمور تتم بسلاسة”. وأكد أنه “ليس تفصيلاً على الرغم من الخلافات بين التيار الوطني الحر والأحزاب المسيحية الأخرى، أن يقفز الجميع فوق الخلافات، ويصلون الى تقاطع معين. انها رسالة الى محور الممانعة أن لبنان لا يمكنه أن يحتمل أكثر مما يحمّلونه. إذاً، المشكلة في النهج والبرنامج وليس على الشخص. أي شخصية يمكن أن تصل الى سدة الرئاسة، لا يمكنها النجاح في ظل هذا الانقسام”.

أضاف: “الرقم 13 سيكون رقم الحظ أو lucky number لأنه في حال دعا الرئيس بري الى الجلسة رقم 13، هذا يعني أنه حصل التفاهم على الرئيس، وبالتالي، انتخاب الرئيس”.

ولفت النائب السابق محمد الحجار الى أن “انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تدخل خارجي، أصبح شبه مستحيل بفعل أداء الفرقاء السياسيين الذين لم يفهموا بعد كيف يضعون في سلم أولوياتهم مصلحة البلد بعيداً عن المحاصصات والتشنجات والتوترات. لو أراد المسؤولون فعلاً، وضع مصلحة البلد في أول اهتماماتهم، لكان لدينا رئيس للجمهورية منذ أشهر، لكن، للأسف، التدخل الخارجي، يكاد يكون السبيل الوحيد اليوم لانتخاب الرئيس”.

وقال: “بغض النظر عن دعوة الرئيس بري الى الحوار، ليس هناك من سبيل لحل الخلافات والمشكلات الا بالحوار، والا ما هي البدائل؟ لكن الحوار، يجب أن يكون تحت سقف الدستور، وليس حواراً لتغليب إرادة فريق على إرادة فريق آخر. عندما يهدف الحوار الى الوصول الى قواسم مشتركة بعيداً عن الشروط والاملاءات، حينها يمكن الوصول الى نتيجة، والا غير ذلك يكون حوار طرشان”.

وأشار الحجار الى أن “من المفروض أن تعقد الجلسة رقم 13، وأن تجلب الخير للبنانيين، وينتخب خلالها رئيس للجمهورية. ليس لدينا خيار آخر، والا البلد ليس ذاهباً الى الانهيار وحسب، انما الى الاندثار. اذا كانت هناك دعوة لجلسة رقم 13، فيعني أن هناك رئيساً، ولا بد من تهيئة ظروفها، واللجوء الى الدستور، ووضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار، والا فلن تعقد هذه الجلسة. وحتى اللحظة، وفق المعطيات الحالية ، الأمور تسير في هذا الاتجاه”.

شارك المقال