أين لبنان من لقاء ماكرون – بن سلمان؟

هيام طوق
هيام طوق

بعد مشهد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، وما سبقها من جلسات عقيمة، أصبحت هناك قناعة لدى الكثيرين بأن انتخاب رئيس الجمهورية لم يعد وارداً إلا في إطار تسوية خارجية تسعى اليها الدول الصديقة التي لديها النية في إخراج لبنان من مأزقه، ليتبخر حلم اللبنانيين بإنتاج الرئيس خصوصاً أنه منذ فجر الاستقلال، لا ينتخب الرئيس الا بتوافق أو تسوية إقليمية ودولية، فكيف الحال في ظل هذا الانقسام الحاد بين الفرقاء السياسيين العاجزين عن القيام بالمهمة، ونتائج الجلسات “الهزلية” خير دليل، كما أن البلد لم يعد على أبواب الانهيار انما أصبح على أبواب الاندثار؟

إذاً، تجمع غالبية القوى السياسية على أن الاستحقاق الرئاسي تحوّل الى معضلة بسبب العقد السياسية والكيدية التي ترافقه، وبات من الصعب فكفكتها على الطريقة اللبنانية، والجميع يترقب اليوم لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحيث اعتبر لقاءً مفصلياً على صعيد الملف اللبناني الذي سيأخذ حيزاً مهماً من النقاش وفق المعلومات مع العلم أنه سبق هذا اللقاء، اجتماع لخلية الأزمة اللبنانية من الوفدَين الفرنسي والسعودي، الذي كان في عداده مستشار الديوان الملكي نزار العلولا والسفير وليد بخاري.

وبالتالي، تعتبر مصادر مواكبة أن اللقاء بين بن سلمان وماكرون، يعوّل عليه كثيراً خصوصاً أن باريس والرياض من اللاعبين الأساسيين على الساحة اللبنانية كما أن ماكرون وبن سلمان لديهما مكانتهما الخاصة، ومن المنتظر أن يرى اللبنانيون ضوءاً في النفق الرئاسي المظلم بعد أسابيع قليلة، وستشهد بيروت جولة لقاءات واتصالات في الأيام المقبلة، وأبرزها زيارة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان الذي سيحمل معه خريطة طريق أو مبادرة تنتج عن اللقاء، بالتنسيق مع أعضاء اللقاء الخماسي، الى جانب عودة السفير بخاري الى بيروت، ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين بعد أن تتبلور نتائج اللقاءات في باريس.

وفي هذا السياق، تشير معلومات صحافية الى أن الفرنسيين يعملون في اتجاه صياغة “تسوية عاجلة” للملف اللبناني، سبق لباريس أن رسمت خطوطها، ومن المرتقب أن يشكل لقاء اليوم قوة دفع كبيرة لاتمامها، لكن لا بد من التساؤل: هل هناك من مفاجأة سارّة تحضّر للبنانيين بعد لقاء بن سلمان – ماكرون، وينقل خطوطها العريضة لودريان إلى المسؤولين اللبنانيين أو أن الأمور لم تصل بعد الى هذه المرحلة بانتظار بعض التطورات الاقليمية والدولية؟ وهل التسوية حول الملف الرئاسي فقط أو تتضمن أكثر من ملف ومنها الاستحقاق الحكومي والاصلاحات المطلوبة؟ وفي حال كان هناك من تسوية، هل هذا يعني أن البلد دخل فعلياً في مرحلة الخيار الثالث أي لا رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ولا الوزير السابق جهاد أزعور؟

رأى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أن “اللقاء بين ماكرون وبن سلمان في غاية الأهمية، ولا شك في أن له إنعكاسات مباشرة أو غير مباشرة مهمة على لبنان، في المجالات كافة، ستنعكس نتائجه على الاستحقاق الرئاسي وعلى مستقبل حراك التسوية على مستوى المنطقة بأكملها”، مشيراً الى أن “الملف اللبناني سيأخذ حيّزاً مهماً من النقاش”.

وقال الفرزلي في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “ليس مستبعداً أن تنتج عن اللقاء تسوية، تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً إذا كانت منطقية وفعلية. ويبدو أن الاتجاه نحو سلة متكاملة، لكن تبقى مسألة إنتخاب الرئيس مدخلاً وقضية مركزية أساسية”.

وعما اذا كان لودريان سيبلغ المسؤولين اللبنانيين بنتائج اللقاء، أوضح “أننا لا نعلم التفاصيل التقنية، لكن من المنطقي أن يتحدث لودريان مع المسؤولين عن التوجهات والنقاشات التي جرت في اللقاء”، معتبراً أن “التسوية في حال كتب لها النجاح، تتطلب بعض الوقت لتعطي نتائجها على أرض الواقع”. ورفض التعليق عما اذا كانت التسوية تعني أننا دخلنا في مرحلة الخيار الرئاسي الثالث، “فهذا موضوع آخر، لا يمكن أن أعطي رأيي فيه”.

أما النائب عماد الحوت فأشار الى أن “الملف اللبناني سيكون طبقاً أساسياً على طاولة النقاش بين ماكرون وبن سلمان، ولا بد من أن ينتج عنه تصور مشترك بين السعودية وفرنسا. اللقاء من العناصر المساعدة جداً، ويساهم في الحوار بين اللبنانيين بهدف الوصول الى انتخاب الرئيس، لكن ليس هو الذي سيحسم الانتخاب بل يحتاج الى ترجمة على مستوى القوى السياسية المحلية”.

ولفت الى أن “الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان، يمكن أن ينقل الأفكار التي طرحت في اللقاء الى اللبنانيين، لكن انتظارنا تسوية خارجية لننجز استحقاقاً بهذه الأهمية، مشكلة كبيرة. في كل الأحوال، لا شك في أن اللقاء سيخرج بنتائج تترجم في محاولة لتقريب وجهات النظر، ويبقى المهم أن تكون القوى السياسية اللبنانية على استعداد للتحاور سواء بمبادرة داخلية أو خارجية”.

وقال الحوت: “بعد الجلسة الثانية عشرة في المجلس النيابي، بات الجميع مدركاً صعوبة انتخاب رئيس الجمهورية، وبناء عليه، فإذا كان اللقاء غداً (اليوم) ستنتج عنه مبادرة تسهّل الحوار، فلا بد من أنها ستوصل الى انجاز الاستحقاق. لن تترجم التسوية بصورة سريعة جداً، لكن في فترة زمنية معقولة أي الى نهاية الصيف ربما خلال الشهر التاسع أو العاشر”.

وأكد أن “الملف الرئاسي عنوان وليس نهاية الملفات، لكن اذا أردنا الاصلاح فنحن في حاجة الى رئيس للجمهورية، واذا أردنا تشكيل حكومة، فنحن في حاجة الى الرئيس، لكن لا يمكن الرجوع خطوة الى الوراء، ونتحدث عن تلازم المسارات بمعنى الذهاب نحو صفقة عنوانها رئيس الجمهورية مقابل رئيس الحكومة، وأن يحصل كل طرف على حصة أو على رئيس من الرئيسين. هذا منطق تجاوزناه، والتركيز اليوم على انجاز الاستحقاق الرئاسي”.

أضاف: “ليس هناك مهرب من الوصول الى مرحلة الخيار الثالث في الملف الرئاسي، ونأمل أن يكون التعادل السلبي في جلسة الأربعاء، أوصل الفرقاء الى قناعة في هذا الموضوع. في الخطاب العام، سيتمسك كل فريق بمرشحه، لكن عندما يبدأ الحوار بين الفريقين، نحن محكومون بأن نصل الى الخيار الثالث. وبالتالي، ربما ستطرح التسوية المرتقبة، أكثر من خيار كي يتمكن اللبنانيون من التوافق على اسم”.

شارك المقال