“الثلث المعطل” هو القصة الشهيرة للرئيس السابق ميشال عون، والذي يعني حصوله على ثلث الحقائب الوزارية في الحكومة ما يجعله المتحكم بقراراتها وتعطيل إنعقاد إجتماعاتها، ومن أجل ذلك حارب الجميع ووقف في وجه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ومنعه على مدار سبعة أشهر من تشكيل حكومته، واستخدم أبشع الأساليب في تعطيل التشكيلات الحكومية والدستور والحياة السياسية في البلاد، وبحث بكل الوسائل المتاحة لديه في التخلص من الرئيس المكلف حينها، وهذا ليس بغريب عن عون الذي لديه تجربة كبيرة في التعطيل والتجاوزات الدستورية من أجل “عيون الصهر”.
وبات “الثلث المعطل” عرفاً دستورياً، وأسهم “عهد جهنم” في التمسك بهذا العرف مع العلم أنه غير دستوري، بحيث بات كل رئيس حكومة يُكلف يوضع أمام معادلة مستحيلة، إما تشكيل الحكومة كما يريدها فريق الرئيس أو لا حكومة، وقد ذاق الرئيس المكلف الأمرين يومها وكل أساليب التعطيل التي مورست في السابق أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم، خصوصاً وأن البدعة الدستورية المتعلقة بحصة الرئيس أوقفت كل التشكيلات.
واليوم صارت المشكلة متعلقة برئيس الجمهورية المقبل، فمن يؤيد وجود “الثلث المعطل” سيكون حاملاً سلفاً رؤى وتصورات نسخة طبق الأصل عن عهد عون الذي أوصلنا الى ما بعد جهنم، فهل الثلث المعطل وحصة الرئيس موجودان دستورياً؟ وأي رئيس يضمن اليوم حقوق موقع رئاسة الحكومة ولا يتخطى صلاحيات رئيسها؟
المرعبي: يجب التخلص من الثلث المعطل
النائب السابق طلال المرعبي أشار عبر موقع “لبنان الكبير” الى “أننا مررنا بالكثير من التجارب وهناك رؤساء مارسوا أدواراً عطلوا من خلالها البلد، لذلك موضوع الثلث المعطل أو غيره يجب التخلص منه، ويجب أن تكون الحكومة منسجمة كي تتمكن من العمل لصالح البلد وشعبه، واذا أردنا أن نضع الفكرة السيئة منذ البداية ونعمل على أساسها ما بيمشي الحال”، معتبراً أن “من الشروط الأساسية اليوم أن يكون هناك إنسجام بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجموع الحكومة (الوزراء) من دون الدخول في موضوع المحاصصات”.
وأكد أن “الثلث المعطل أمر غير مقبول، واذا عدنا الى الطائف نرى أن كل هذه النقاط شرحت بصورة مفصلة، وبالتالي يجب أن يلتزم الجميع بها وأن ينفذوا اتفاق الطائف كما يجب وأن يتنازلوا من أجل مصلحة البلد، واذا أردنا الدخول بنية الغدر فلن نحقق الخير للبلاد”.
وعن حصة رئيس الجمهورية من الحكومة، أوضح المرعبي أن “لا حصة للرئيس أو لغيره دستورياً، فرئيس الحكومة من يُشكل حكومته ويتداول مع رئيس الجمهورية في الأسماء وتوزيع الحقائب، والكتل النيابية عرفاً تقول انها تريد وزيراً أو وزيرين لكنها لا تطرح من هو الوزير الذي تريده أو أي حقيبة تريدها”.
الطبش: نريد رئيساً يحترم صلاحيات رئاسة الحكومة
أما النائبة السابقة رولا الطبش فشددت على أن “كل هذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلاً، وكل أساليب التعطيل التي مورست في السابق أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم، بحيث بتنا نريد رئيساً يُطبق الدستور ويحترم صلاحيات رئاسة الحكومة ويُنفذ صلاحياته ضمن ما هو منصوص عليه دستورياً، وبالتالي نرفض أي تعطيل يمارسه فريق على حساب الآخر، وكل أشكال المحاصصات مرفوضة”.
الحجار: روحية التعطيل تضر بمصلحة البلاد
ورأى النائب السابق محمد الحجار أن “أي رئيس أو مسؤول في البلد، يأتي الى الحكم على قاعدة نزع صلاحيات غير مكرّسة له دستورياً، سواء كان في موقع رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب أو الوزراء يأخذ البلد الى المزيد من التعطيل والمؤسسات الى الشلل الكامل”، موضحاً أن “الدستور جرى وضعه لحل الاشكالات وليتم الالتزام به وليحسم الأمور في حال كان هناك تضارب في وجهات النظر، اذاً جرى وضع الدستور كأداة حل وليس لتكون نصوصه أداة للتعطيل كما حصل مع الرئيس السابق عون والرئيس الحريري والحكومات التي توقف تشكيلها لعدة أشهر”.
أضاف: “أي رئيس يأتي بروحية التعطيل سواء الثلث المعطل أو غيره، سيضر بمصلحة البلد. لا وجود للثلث المعطل دستورياً بحيث أعطي خلال فترة الدوحة عند تشكيل حكومة فؤاد السنيورة ولم يكن أكثر من ذلك، وللأسف عون أراد من عهده في اطار الشعبوية التي تعاطى بها أخذ البلاد الى المزيد من التعطيل والانهيار بفعل إصراره على تفسير الدستور بحسب أهوائه”.
يتضح من كل ذلك، أن حصة الرئيس والثلث المعطل بدع مورست طيلة السنوات الماضية ولا وجود لهما دستورياً، والمطلوب من الرئيس المقبل أن لا يتعاطى بأسلوب عهد عون السابق وأن يحترم صلاحيات رئيس الحكومة وأن لا يتخطاه أو يعطل التشكيلات الوزراية نتيجة حساباته الضيقة والمحدودة، فهل يعيد الرئيس المقبل تكرار السيناريوهات السابقة مع رؤساء الحكومات أم يحتكم الى الدستور؟