حل سعودي – إيراني تسهّله فرنسا؟

رواند بو ضرغم

التوازنات النيابية التي أفرزتها الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية قطعت الشك بيقين عجز الأطراف اللبنانية عن التفاهم لإنتاج رئيس “التسوية الداخلية”. وفي ظل الانقسام السياسي وشروط اللاحوار المسبقة، وُضعت الرئاسة الأولى تحت مظلة “التسوية الخارجية”، وعلى نار محطتين تشاوريتين قد يكون لهما التأثير المباشر على قناعات بعض القوى السياسية اللبنانية وخياراتها رئاسياً، وتهدئة جو الاحتقان السياسي التصعيدي الذي تقوده معراب والصيفي. فانقطاع العلاقات بين المكونات السياسية ينتظر دفعاً خارجياً من أجل أن تجلس على طاولة الحوار وبهدف خلق مساحات مشتركة بينها للوصول الى التفاهم.

راقب اللبنانيون باهتمام الطاولة الفرنسية – السعودية التي جمعت الرئيس ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأفضت الى تذكير الأقطاب اللبنانيين بضرورة وضع حد سريعاً للفراغ السياسي المؤسساتي وانتخاب رئيس لمعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

الا أن مصادر سياسية قيادية ترى في حديث لموقع “لبنان الكبير”، ووفق وجهة نظرها، أن المحطة التشاورية الأساسية هي زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الى طهران، حيث سيشكل الملف اللبناني جزءاً من المحادثات، وأي تفاهم إيراني – سعودي شامل ونهائي سيكون له تأثير ودور فاعل على مستوى الرئاسة اللبنانية، وعلى إعادة وضع لبنان على خريطة الاهتمام العربي.

وتعتبر مصادر قيادية لموقع “لبنان الكبير” أن السعودية تحمل كثيراً من الود والصداقة لفرنسا، ولكن بحسب المصادر فإن حل الملف اللبناني عملياً وحسم التوجه للاسم الرئاسي سيكون ضمن اتفاق ايراني – سعودي، وللفرنسي دور مساعد في تخريجته وإكمال إطاره ضمن تسوية شاملة متكاملة، قوامها الرئاستان الأولى والثالثة ومسار العمل الحكومي الاصلاحي المطلوب من لبنان دولياً.

فما يطمح إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري هو مساعدة المملكة العربية السعودية في تسهيل مناخات التواصل بين القوى اللبنانية ودفعها باتجاه الحوار للتفاهم، كذلك رعايتها للبنان من أجل الخروج من أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، انطلاقاً من الأجواء السائدة في المنطقة نتيجة الاتفاق الايراني – السعودي وإعادة الانفتاح على سوريا.

أما محصلة هاتين المحطتين الأساسيتين فسينقلها المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان الى الأقطاب اللبنانيين في منتصف الأسبوع المقبل، وسيلتقيهم جميعاً لحثهم على الحوار والتفاهم من أجل تسريع عجلة الحلول وانتشال اللبنانيين من أزماتهم من خلال عودة المؤسسات الدستورية وانتظامها. وعليه، فإن الرئيس بري يتريث في تحديد موعد لجلسة انتخابية، إنما تؤكد معلومات موقع “لبنان الكبير” أن الجلسة الثالثة عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية ستكون حتماً ما قبل عيد الأضحى.

كل هذه الايجابية الاقليمية لا تجد طريقاً في لبنان، حيث إن مسار الحوار الوطني الداخلي غير سالك ومقطوع بفعل شروط مسبقة تضعها قوى المعارضة وعلى رأسها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ومحاولة فرض استبعاد المرشح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عن طاولة الحوار، وهذا ما يرفضه قطعاً الفريق النيابي الداعم له. في حين أن الرئيس بري يطمح الى حوار حقيقي، من دون إقصاء أو تحدٍ، قد يصل الى رؤية مشتركة حول انجاز هذا الاستحقاق، بدءاً من الدور المطلوب من رئيس الجمهورية، والالتزامات الواجبة عليه على مستوى إدارة التوافق الداخلي وعلى مستوى العلاقات الخارجية، وتحديداً الخليجية منها. كذلك رؤية الرئيس لادارة العمل التنفيذي وشكل الحكومة، بالاضافة الى مناقشة العناوين الاقتصادية.

وفي الوقت الضائع، طرح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب اقتراح الذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة، نتيجة العجز عن انتخاب رئيس والعجز عن إدارة حوار داخلي، الا أن هذا الطرح وُلِد ميتاً، وتعرب المصادر لموقع “لبنان الكبير” عن اعتقادها أنه غير جدي وغير قابل للبحث أو التنفيذ.

أما الجلسة التشريعية التي حدد موعدها الرئيس بري الاثنين، فلن يكتمل نصابها وستحجب المكونات المسيحية الميثاقية عنها جراء مقاطعتها لها، بحيث علم موقع “لبنان الكبير” أن “التيار الوطني الحر” يتجه الى عدم المشاركة في الجلسة، وهذه المرة سيلتزم أعضاء التيار جميعاً قرار القيادة، قطعاً للطريق أمام أي استثمار قواتي وإشتراكي، سعياً الى تثبيت تهمة تسرب الأصوات من التيار الى فرنجية في الجلسة الأخيرة.

شارك المقال