أطباء السودان على خط النار

حسناء بو حرفوش

سلط تقرير في موقع ITV News الضوء على وضع الجسم الطبي السوداني الذي يكافح في ظل احتدام الحرب، وشارك ما اعتبره “نظرة نادرة داخل البلاد حيث يشهد الصراع المستمر منذ شهرين تعرض المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية للنيران ويكافحون من أجل إنقاذ الأرواح، بالتوازي مع محاولتهم البقاء على قيد الحياة بأنفسهم.

ويقف العاملون في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات في السودان على الخطوط الأمامية لهذا الصراع، كما أنهم أصبحوا جزءاً من الخسائر المتزايدة (تم التأكد من أن عدد القتلى بعد شهرين تجاوز الـ 2000). وقبل شهرين، بدأ الصراع في السودان بين جيشها وجنرال سابق، ومنذ ذلك الحين تدور أحداثه خلف الأبواب المغلقة إلى حد كبير. ومع استمرار القتال بين الجيش السوداني والوحدة شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع، أدى العنف المقترن بنقص الكهرباء والانترنت لأيام متتالية في بعض الأحيان الى إعاقة نقل الصورة للعالم الخارجي، بما في ذلك الهجمات المتزايدة على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية وحتى الأطباء.

وتعجز مستشفيات السودان (نحو الثلث) عن العمل حالياً بسبب النزاع، وقتل ما لا يقل عن 20 طبيباً وعاملاً في مجال الرعاية الصحية. في غضون ذلك، يستمر ارتفاع عدد الضحايا في جميع أنحاء السودان مع ورود تقارير الجمعة تفيد بأن عدد القتلى تجاوز الآن ألفي شخص. وحرص بعض الأطباء على مشاركة الروايات حول ما يحدث، على الرغم من أن جمعها استغرق أياماً وأسابيع. ومن بين الأمثلة، أجبر الطبيب عبد الرحيم على إجراء عملية جراحية لضحية طلق ناري باستخدام زجاجة “كوكا كولا”. وسلط الضوء في وقت مبكر على عدد الذين ما زالوا يعملون لأن الكثير منهم قد أصيبوا أثناء القتال أو استولت عليهم قوات الدعم السريع، ما يترك في بعض الأحيان ملاذات آمنة قليلة للجرحى الذين يكافحون بالفعل حتى من أجل الوصول الى مرفق للرعاية الصحية.

ويشير الطبيب إلى الواقع الوحشي بحيث إن مستشفيات السودان بلا كهرباء ولم تعد مولداتها مجدية بسبب نقص الوقود وعدم القدرة على الحصول عليه. كما يروي العديد من القصص عن كيفية محاولته إنقاذ المرضى ولم يستطع: “أتذكر إصابة أحد المرضى بالرصاص في الساعة 10 مساءً لكننا انتظرنا حتى الساعة 4 مساءً في اليوم التالي لتوصيل الكهرباء… ولسوء الحظ، توفي المريض”. ومع ذلك، لم يُهزم الطبيب وهو مصمم على إنقاذ الأرواح.

ولادة على ضوء الهاتف

الدكتور أحمد عباس من نقابة أطباء السودان كان في السودان عندما اندلعت “الحرب المروعة”، وقد تحدث بدوره عن مدى خطورة الوضع بالنسبة الى الأطباء هناك، وكيف يعملون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وهم مرهقون تماماً. كما وصف المشاهد المروعة التي شاهدها هناك، ولماذا لم يكن عدد القتلى دقيقاً: “الحالات المبلغ عنها هي تلك التي تمكنت من الوصول إلى المستشفى. لقد امتلأت شوارع الخرطوم بالجثث، بعضها هناك منذ أيام، وبدأت بالتحلل منتجة رائحة كريهة للغاية ومن الواضح أن هذه بحد ذاتها أزمة إنسانية وقد تكون كارثة طبية وبيئية. وهناك انقطاع مستمر تقريباً في إمدادات الكهرباء والمياه. المستشفيات تعاني من نقص الأدوية والأوكسجين والدم والأدوية الأساسية. واستخدمت إحدى الزميلات وهي د. هويدا أضواء الهواتف المحمولة الخاصة بزملائها لاتمام عملية ولادة بعد انقطاع التيار الكهربائي في المستشفى.

وكررت الأمم المتحدة التأكيد على تعارض الهجمات التي تستهدف أي مرفق أو عامل رعاية صحية مع القانون الدولي، داعية الى وقفها. وقال رئيس جمعية الأطباء السودانيين الأميركيين إن العالم بحاجة إلى التحرك الآن، لأن التقاعس في مواجهة هذه الفظائع هو رخصة للإفلات من العقاب. لكن وسط كل ذلك الخطر والموت، يبقى الأطباء في السودان مصممين على الاستمرار في رسالتهم”.

شارك المقال