بعد التمايز بين أركانه… “التيار الوطني الحر” الى أين؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ فترة، يُفصل بعض القياديين من “التيار الوطني الحر” لمخالفتهم قرارات حزبية، في حين قرّر آخرون الاستقالة أو الانفصال عنه لاعتبارات حزبية، واحتجاجاً على سياسة قيادة التيار، وتفردها في اتخاذ القرارات، وأبرزهم، النواب السابقون زياد أسود وحكمت ديب وماريو عون. وتفاقمت هذه الخلافات حول الاستحقاق الرئاسي بحيث يتم التحقق من التزام عدد من نواب تكتل “لبنان القوي”، بقرار التكتل في التصويت للوزير السابق جهاد أزعور في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الأخيرة، ومنهم: الياس بو صعب، إبراهيم كنعان، آلان عون، أسعد درغام وسيمون أبي رميا.

إذاً، بات واضحاً أن هناك نواباً من “التيار”، يغرّدون خارج سرب قراراته حتى ان البعض يتحدث عن حالة عونية جديدة، يؤسس لها بو صعب، ويجمع تحت جناحها قدامى العونيين، وان التواصل يجري معهم في هذا الاطار، خصوصاً أن من بينهم من ناضل وضحّى في سبيل القضية، وهم اليوم خارج تيّارهم وسط قناعة لدى الكثيرين بأن خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا، سيجعل حركة الاعتراض تسلك مساراً تصاعدياً بعد أن كانت مضبوطة خلال سنوات، إحتراماً له ولموقعه، مع العلم أن الأزمة استفحلت داخل “التيار” منذ سنة 2015 على خلفية ما يعتبره معارضو النائب جبران باسيل أنه عيّن خلفاً لعون، ولم ينتخب إنتخاباً ديموقراطياً بسبب الضغوط التي مورست على الراغبين في الترشح.

على أي حال، حتى اللحظة، لم يتخذ أي قرار حالياً بفصل النواب غير الملتزمين بقرارات القيادة أو طردهم أو معاقبتهم، اذ يعتبر بعض النواب والقياديين في “التيار” أن هناك من يحاول تضخيم الأمور، وإظهار “التيار” وكأنه انقسم الى تيارات، لكن من الطبيعي في حزب ديموقراطي أن يكون هناك العديد من وجهات النظر، وحرية في التعبير والاختيار، مع التأكيد أنه في حال قرّر البعض الانشقاق، فإن ذلك لن يضعف “التيار” أو يزعزع ركائزه. في حين وجّه باسيل خلال مؤتمر صحافي سابق، سهامه في اتجاه النواب المعترضين، قائلاً: “لا أحد أكبر من المؤسسة، وعندما يخرج أحد عن قراراتها ويعتقد أنه أكبر منها، فهي ترد الشخص لحجمه وتريه أنها أكبر منه”. ورأى أن “الديموقراطية تعني احترام التنوع والآراء، وتعني الالتزام بالقرار ووحدته”.

وفيما يؤكد البعض حق النواب في التمايز في خياراتهم عن خيارات زملائهم في التكتل، لكن، في ظل المعركة الرئاسية القاسية التي تخوضها المعارضة مع “التيار الوطني الحر” اللذين توافقا على التصويت لأزعور في وجه الفريق الآخر المتمسك بمرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، تحوّل هذا التمايز الى فاقع، وربما يدلّ على إجراءات حزبية قد تتخذ بحقهم، وربما هناك انتظار للوقت المناسب لتصفية الحسابات داخل البيت الواحد مع إعادة رسم التموضعات والتحالفات في المرحلة المقبلة. ويبقى السؤال بعد كل هذا التمايز بين أعضاء تكتل” لبنان القوي”، “التيار الوطني الحر” الى أين؟

لفت النائب غسان عطاالله الى أن “التيار في الواجهة، ويتعرض أكثر من غيره للرشق، لكن ما يحكى في الاعلام عن تمايز بين نواب التكتل أو ربما حالة عونية جديدة ليس واقعياً اذ نحن واضحون وصريحون. نحن في حزب ومن فيه يلتزم بقراراته، واذا حصل أي خروج عن هذا الالتزام، هناك قواعد في الحزب للمحاسبة، ولا يجوز اعطاء الأمر حجماً أكبر مما هو. نتيجة التحقيقات مع الذي لم يلتزم، تحدد القرار المناسب، لكن حتى الآن ، نتحدث نظرياً وليس هناك من شيء ثابت”. وقال: “في عز المشكلات، حين قالوا ان الحالة العونية انتهت، تبين أن هناك عدداً من الأشخاص خرجوا من التيار، لا أكثر ولا أقل. التيار يتغلب دائماً على الصعوبات، وفي الانتخابات النيابية الأخيرة، اعتقد البعض أنه انتهى أو أنه سيحصل على 5 نواب في أحسن الأحوال، ورأينا النتيجة”.

وتمنى على الاعلام الذي يتحدث عن النواب المتمايزين أن “يسأل أحدهم إن كان متمايزاً عن التيار، وليسمع الجواب منه مباشرة”، مؤكداً أن “ليس هناك أي تمايز، واذا تبين عدم التزام أي فرد، فهناك أطر مؤسساتية في المحاسبة لأن الحزب اتخذ قراراً في خيار استراتيجي لهدف سياسي معين، هل يجوز أن يقرر كل نائب الاختيار من دون الالتزام بالقرار الحزبي؟ في الانتخابات النيابية، يترشحون على اللوائح باسم التيار، ويحصلون على أصوات جمهوره، فهل يجوز التمايز عند اتخاذ القرارات؟ هل الناس الذين انتخبوهم يرضون عن هذا التمايز؟”.

ورأى عطا الله أن “التيار يدفع ثمن مواقفه، لكن الناس يعرفون أن قراراته لمصلحتهم ولمصلحة البلد والكيان والشراكة الحقيقية. البعض لديه مصلحة شخصية فيما نحن لدينا هدف أسمى وأكبر بحيث اننا نؤمن بقضية بعيداً عن المصالح الشخصية”، مشدداً على أن “التيار سيكمل أقوى مما كان، وكل هجوم من هذا النوع، يعني أن التيار يسير بخطى ثابتة وصحيحة والا ما كان تعرض لهذا الهجوم”.

وأشار النائب السابق ماريو عون الى أن “بعض النواب قد لا يلتزم بقرارات التيار، لكن تبين الى اليوم أن هناك نائبين لم يصوّتا وفق قرار التيار في الجلسة الأخيرة”، معتبراً أن “قيادة التيار أخطأت بقرارات فوقية وأحادية، وأساءت الى التيار، وفي حال خطت خطوة غير مدروسة مع سائر النواب المطروح سؤال حول التزامهم من عدمه، ستكون الضربة القاضية للتيار، ومن المستحسن التأني في اتخاذ أي قرار كي لا نعود الى تكرار الأخطاء بحيث حصلت موجات عدة من الاستقالات من التيار”.

وسأل: “هل العملية عملية سلطة؟ هذه الظروف الصعبة، تستوجب رص الصفوف، وأن يكون التيّاريون على قلب واحد، لكن ما يحصل اليوم، يجرّ التيار الى مأزق كبير، ولا يمكن توقع ماذا سيحصل مع العلم أن ما يحكى عن حالة عونية جديدة غير صحيح على الرغم من الأخطاء التي ترتكبها قيادة التيار”، مشدداً على وجوب “اعادة النظر في المواقف، والأمور لا يجوز أن تسير في اطار نوبات سلطوية، أو تحت ستار أنا الآمر الناهي مع أشخاص هم مؤسسو التيار، ومن الشخصيات المرموقة حيث ان كل فرد منهم قيمة معنوية بحد ذاته. كل شيء وارد مع باسيل، لكن القرارات الفوقية والعشوائية غير مجدية”.

وحذر من أن “ما يحصل يعيد العملية السياسية الى الوراء”، متمنياً أن “يعود باسيل الى ضميره، ويخفف من السلطة على ناس مرموقين ولديهم ثقلهم في المجتمع وفي التيار”. وأعرب عن تخوفه على مستقبل التيار، لكنه رأى أن “الغلبة ستكون لأصحاب الحق الذين عملوا بضمير، ولم ينتظروا فقط تلقي الأوامر، وبات يعلم صاحب الأمر أن ذلك لا يجوز أي إبعاد المؤسسين كي يأتي بأشخاص يأتمرون بأوامره من دون أي اعتراض أو سؤال حول الوضع السياسي. التيار اليوم في حالة تخبط، ونأمل أن يعود أصحاب القرار الى رشدهم، ويتصرّفوا بمنطق مع زملائهم”.

وقال عون: “في الوقت الحاضر، نحن في وضع سياسي حرج جداً، والخطأ ممنوع، وربما لن ينسحب النواب الذين يتمايزون عن التيار منه لأن الحاجة في الوقت الراهن الى رص الصفوف أكثر من ضرورة. من المعيب التعامل مع النواب بهذه الطريقة، اذ ليس هناك ابن ست وابن جارية”.

شارك المقال