لودريان مستطلعاً… هل يعود بمبادرة قريباً؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ أن أعلن عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان، انطلقت التحليلات والتأويلات التي تراوحت بين الايجابية والسلبية بحيث أن المتفائلين، اعتبروا أن لودريان لا بد أنه يحمل جديداً أو طرحاً أو “ميني مبادرة” وصولاً الى الحديث عن إتفاق يشبه اتفاق الدوحة خصوصاً أن فرنسا على علم بالشاردة والواردة في الشؤون اللبنانية، وكانت طرحت مبادرة رئاسية في بداية الشغور، وتتواصل مع كل السياسيين، وتعرف جيداً المواقف والآراء، وتدرك تماماً عمق الانقسام بين فريقين أساسيين، يتعادلان في التعطيل، ولا يملكان القدرة على حلّ الأزمة الرئاسية. في حين أن المتشائمين، نظروا الى زيارة لودريان على أنها مسعى من جملة المساعي التي حصلت منذ ثمانية أشهر، ولم تتمكن من إحداث أي خرق، وبالتالي، فإن الموفد الفرنسي لا يحمل عصا سحرية، طالما أن واقع الاصطفاف اللبناني لم يتغير، ولم تتحلحل العقد الناتجة عنه، والمواقف لا تزال على تصلّبها ما يعني أنه سيطلع على آراء الجهات التي يلتقيها، ويستمع الى الهواجس والطروح من دون أن يحقق أي خرق لا في الملف الرئاسي ولا في الازمة عموماً. مع الاقتناع الكلي بأن مسألة الحل والربط في أيدي اللبنانيين أنفسهم الذين إن كانت لديهم الرغبة والارادة للتسهيل، وإخراج البلد من مأزقه، يمكنهم إنتخاب الرئيس من دون حتى أي وساطة دولية، واذا تشبثوا بعنادهم وكيدياتهم وتمترسهم خلف مصالحهم، فما من دولة في العالم أو وساطة مهما علا شأنها، ستنجح في وضع البلد على المسار الصحيح.

وجولة لودريان أمس على عدد من المسؤولين السياسيين والروحيين، ولقاءاته المتعددة، أظهرت الخيط الأبيض من الخيط الأسود بحيث صرّح من بكركي أن زيارته الأولى الى لبنان، تهدف الى “استطلاع الوضع سعياً الى المساعدة في ايجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الأطراف في كيفية انجاز الحل المنشود”، مؤكداً أنه لا يحمل أي مبادرة، وأنه سيتحاور مع الجميع، وسيقوم بزيارات استطلاعية لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته بناء على تمنيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وفي حين يرى كثيرون أن لودريان لا يمكن أن يحقق أي إنجاز في ظل سيطرة الطبقة السياسية الفاسدة التي لا تعمل الا لمصالحها، وعلى الرغم من تأكيد المصادر المطّلعة على أجواء اللقاءات أن الموفد الفرنسي لم يكن مجرد مستمع، انما كان يتبادل النقاش، ويسجل ملاحظاته التي سينقلها الى الرئيس ماكرون قبل أن يعود في زيارة ثانية الى بيروت، لا بد من طرح بعض الأسئلة البديهية: ما الجديد الذي سيسمعه لودريان في جولته الاستطلاعية من الفرقاء الذين يلتقيهم خصوصاً أن فرنسا مطلعة جداً على التفاصيل السياسية؟ وبعد كل هذه المرحلة، هل لا تزال فرنسا والدول المهتمة بالملف اللبناني في مرحلة الاستطلاع ما يؤشر الى أن الاستحقاق الرئاسي لا يزال في مراحله الأولى؟ وهل يمكن بعد عرض نتائج جولته على الرئيس الفرنسي واللجنة الخماسية التوصل الى مبادرة ما أو طرح يمكن أن يقبل به اللبنانيون على الرغم من أن الوقائع والمعطيات والمواقف لا تزال على حالها؟

قال النائب السابق علي درويش لموقع “لبنان الكبير”: “الموفد الفرنسي جديد، ولديه مزايا وتاريخ معين يستند اليه في تكليفه بمهمات محددة. علينا أن نأخذ في الاعتبار تاريخه وشخصيته لأنه لعب دوراً معيناً في العديد من الملفات. صحيح أن فرنسا تعرف الواقع اللبناني جيداً، انما الموفد الجديد لديه خصوصية معينة. ثم بعد الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس، أصبح الانقسام واضح المعالم، بالاضافة الى الواقع المسيحي الذي تبنى شخصية. في ظل هذا الانقسام والتموضع خصوصاً في استحقاق رئاسة الجمهورية، لا بد من أن يؤخذ الاصطفاف المسيحي في الاعتبار”. وأشار الى أن ” شخصية الموفد وتاريخه التفاوضي وتمثيله للرئيس الفرنسي، تعكس الى حد ما تغييراً في آلية العمل الفرنسية أو مقاربة مختلفة للملف”.

أضاف: “لا يبدو في الأفق حتى اللحظة أن هناك مبادرات أو حلول تظهر الحد الأدنى من النضوج. الملف اللبناني ليس أولوية على طاولة التفاوض بين الدول المعنية بلبنان، والدليل على ذلك القمة الفرنسية – السعودية حيث ذكر لبنان، لكن لم يتم الحديث عن آلية عمل معينة”. ولم يستبعد “أن يرحّل الاستحقاق الرئاسي الى نهاية السنة الحالية اذا لم تكن هناك من مبادرات داخلية”.

وأوضح أن “الموفد الفرنسي يمكن أن يتوصل الى مسودة معينة يوافق عليها اللبنانيون بعد أن يحدّدوا الشخصيات الأكثر قدرة على لعب الدور الانقاذي في المرحلة المقبلة، حينها يمكن أن نرى بعض التعديلات في التموضعات. هذا الأمر يفرض نفسه الى حد ما في حال كانت هناك جدية في المبادرة التي يجب أن تحظى برافعة من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني. هذه الدول، إذا أبدت جدية في انتاج مسودة ورقة عمل تفرض على الفرقاء، اعادة النظر في الواقع اللبناني، فيمكن أن نرى النتائج الايجابية. واذا لم يحصل الضغط من الدول المؤثرة على الفرقاء في الداخل، فسيبقى الجميع على مواقفهم، وسنبقى في وضعنا الحالي”.

أما النائب السابق سيزار معلوف فلفت الى أن “الموفد الفرنسي يستطلع المواقف من القوى السياسية خصوصاً بعد جلسة 14 حزيران. فرنسا وسيط، لكن لا يمكنها وحدها حل الأزمة في لبنان انما هناك 3 أقطاب يملكون الحل أي السعودية وايران وأميركا”، معتبراً أن “فرنسا تعمل وفق مصالحها، وعينها على النفط وعلى مرفأ بيروت، ولديها مصالح مع ايران، ونحن كلبنانيين علينا أن نعمل وفق ما تقتضيه مصالحنا، وبالتالي، هناك ضرورة في أن يتحّد اللبنانيون حول سلة متكاملة، ولا يمكن للخارج أن يفعل أي شيء اذا لم تكن هناك ارادة لدى الفرقاء في التحاور والتفاهم للوصول الى مخرج”.

وقال: “نحن ننتظر التسوية الكبرى، وحين يحصل التفاهم الايراني – الأميركي في الملف النووي، تتغير اللهجة في الداخل لدى كل الأطراف لأنه ككل الانتخابات الرئاسية السابقة، رئيس الجمهورية يعيّن من الخارج. للأسف نحن دولة دون سيادة، ولا يمكن أن ننتخب رئيسا”. وأعرب عن اعتقاده “أننا لن نرى أي تقدم في الاستحقاق الرئاسي حتى نهاية الصيف”.

شارك المقال