لودريان يعود في تموز… والنجاح رهن التسوية والمحاصصة

هيام طوق
هيام طوق

جال الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على المسؤولين اللبنانيين من مختلف الأطراف، واستطلع الآراء حول الملف الرئاسي، ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير”، فإن لودريان الذي استمع، ودوّن، وسأل، وناقش، ركز على مواضيع محددة في كل زياراته وإن اختلفت الصيغة بين لقاء وآخر بمعنى أنه استفسر عن المخرج الأفضل لانتخاب الرئيس، وفي حال انتخابه، ما هي المهمات المطلوبة منه، ومن هي الشخصية القادرة على القيام بهذه المهمات، والتي يعتبرها كل طرف وسطية أو توافقية، كما تناول الملف الحكومي أي رئيس الحكومة وتشكيلته الحكومية. وبالتالي، فُهم من الموفد الفرنسي أنه يريد العمل على تركيبة ثلاثية: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضاء الحكومة، لكن مع التأكيد أنه لم يطرح الأسماء، انما المواصفات، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب أي رئيس جمهورية من فريق معين ورئيس حكومة من الفريق الآخر، واذا وافقت القوى السياسية على المواصفات، يبحث في الأسماء التي يجب أن تحظى برضى متبادل حول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة.

وبالتالي، يؤكد مصدر نيابي مطلع أن الموفد الفرنسي لم يأتِ لتعويم المبادرة الفرنسية السابقة لا بل على العكس، فإن باريس كما معظم عواصم القرار، باتت على قناعة بأن المعادلة الرئاسية التي طرحت سابقاً قد سقطت، وفرنسا لن تكرر خطأها مرة أخرى، فهو يريد أن يصل الى قواسم مشتركة بين كل الجهات على أمل أن تتبلور لاحقاً في مبادرة معينة بعد أن يطلع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نتائج نقاشاته، كما أن اللقاء الخماسي يشكل رافعة مهمة، ودعماً أساسياً لانجاح مهامه.

وفيما يأسف المصدر النيابي لانتظار الوساطات الخارجية أو النقاشات والاتفاقات بين الدول، لانتخاب رئيس للجمهورية، على اعتبار أن الاستحقاق داخلي، وإذا صفت النوايا، وتوافق اللبنانيون، يمكنهم انتخاب الرئيس بين ليلة وضحاها، من المؤكد أن الموفد الفرنسي لا يملك عصا سحرية، يغيّر فيها المواقف والقناعات أو يلغي الانقسامات الحادة بين الطرفين المتنازعين الأساسيين.

إذاً، مهمة لودريان معقدة، ويعترض مسارها الكثير من العراقيل على الرغم من أنه وعد بالعودة الى بيروت لاحقاً، اذ ربط أحد المطلعين الزيارة الثانية بمدى تجاوب الفرقاء اللبنانيين مع طروحه التي سيبنيها على نتائج نقاشاته مع المسؤولين، كما وترتبط بمدى اقتناع الدول المعنية بالملف اللبناني بتسهيل انتخاب الرئيس، لكن السؤال البديهي اليوم: ما هو الطرح السحري الذي سيطرحه لودريان في زيارته الثانية لتتوافق عليه مختلف الجهات، وتقتنع به على الرغم من أن كل المحاولات فشلت في السابق؟ وهل يتمكن من إقناع اللبنانيين بشخصية معينة وسطية طالما أن المقاييس والمعايير تختلف بين الأطراف، وكل طرف يقبل بمرشح، يعتبره الطرف الآخر مرشح تحدّ؟ وهل يمكن أن ينجح طرح السلة المتكاملة هذه المرة بعد أن أثبت فشله سابقاً؟

النائب وضاح الصادق قال لموقع “لبنان الكبير”: “نحن واضحون، ونريد تطبيق الدستور في الاستحقاق الرئاسي، ونلتزم به بحيث نذهب الى المجلس النيابي لننتخب الرئيس وفق الأصول، وربما من هو معني أكثر بالطروح والمبادرات، الطرف الآخر الذي يعطّل النصاب”. وأكد “أننا لا نعرف ما هو الطرح الذي يمكن أن يحمله لودريان في زيارته الثانية، لكننا نقوم بكل ما ينص عليه الدستور. وكنا نتمنى لو أن الاستحقاق الرئاسي يجري في البرلمان كما يجب، ولا نعرف لماذا نستعين بالخارج لتطبيق القوانين”.

ولفت الى أن “الفرنسي اليوم، يرى أننا في وضع سيء، ويستمع الى الجميع، وفرنسا تعتبر نفسها معنية بأمن لبنان وسلامته، ولودريان أعرب عن قلقه على مستقبل لبنان، لذلك، يحاول أن يصل الى مبادرة عله يتمكن من خلالها من إنجاز الاستحقاق الرئاسي”.

وأوضح الصادق أن “الموفد الفرنسي لم يصل بعد الى مرحلة طرح الأسماء، وركز على سوء الوضع، وسيعود بعد 3 أسابيع أو شهر، وربما سيحصل خلال هذه الفترة تنسيق بين أعضاء اللقاء الخماسي، للوصول الى طرح يتعلق بلبنان، لكن الى اليوم ليس هناك من شيء ملموس أو خرق يذكر. وكل ما يحكى في الاعلام عن سلة أو طرح لا يزال افتراضياً”.

وأشار الوزير والنائب السابق إيلي ماروني الى أن “الرئيس ماكرون الذي زار لبنان مرتين خلال شهر، ليسهل تشكيل الحكومة حينها من التكنوقراط والأكاديميين، فشل في مهمته، ولم يلتزم الفرقاء اللبنانيون بوعودهم. وبالتالي، اذا كان الرئيس الفرنسي شخصياً لم يتمكن من لعب دور في تشكيل الحكومة، فهل سيتمكن موفده من إنجاز المهمة؟”، آملاً “نجاح مبادرته أمام عقم رجال السياسة، وننتخب رئيساً، لتعود الدولة الى هيكليتها”.

واعتبر أن “الموفد الفرنسي، يمكن أن يحقق خرقاً، لكن ذلك يترافق مع التسوية والمحاصصة. وإرسال الموفد الرئاسي أكثر من مرة، بحيث أنه سيعود في النصف الثاني من تموز، يعني أن الفرنسيين يريدون الوصول الى حلّ، ونأمل أن يكون قبل استنزاف ما تبقى من البلد”.

وكشف أن “لودريان انطلق في مهمته من الصفر وكأن كل المبادرات السابقة والترشيحات لم تحصل ليأخذ القرار الصحيح بالشخصية المناسبة لتعيينها رئيساً للجمهورية”، موضحاً أن “أبرز الأسماء المتداول بها اسم قائد الجيش، وهو الاسم الذي لم يرفضه أي فريق. ونأمل التوافق على اسم لأنه لم يعد بمقدور البلد الاستمرار في الفراغ السياسي. قوى الممانعة لم تعلن رفضها لقائد الجيش، لكن كما نعرف في السياسة اللبنانية، الرفض يأتي بهدف الحصول على حصص أكبر”. واعتبر أن “السلة المتكاملة تعني الحصص المتكاملة، وبالتالي، لا بد من التوافق على حاكمية مصرف لبنان وعلى قيادة الجيش وعلى المناصب الأمنية، مع العلم أن من المعيب الاستمرار في نهج التحاصص، وكأن السياسيين لم يتعلموا بعد أنهم دمّروا البلد، فيستمرون في نهشه”.

ورأى ماروني أن “السلة السابقة لم تنجح، اليوم هناك محاولة بسلة جديدة، وربما مع أسماء جديدة، يمكنهم الوصول الى مكان ما، وعند الحصص الكل يتفق”، مشدداً على أن “من المعيب جداً أن هناك 128 نائباً يمثلون الشعب اللبناني ينتظرون أي وسيط من الخارج كي يأخذوا التوجيهات لانتخاب رئيس للجمهورية بدلاً من أن يكونوا هم السباقون في اتمام واجباتهم الدستورية، وانتخاب الرئيس خصوصاً أن البلد ينهار كل يوم أكثر”.

شارك المقال