ملف اللاجئين… نحو المسار الجدي بالتنسيق مع المجتمع الدولي

هيام طوق
هيام طوق

يعتبر ملف اللاجئين السوريين من الملفات القليلة التي يتفق عليها اللبنانيون، وقد شارك وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، منذ أيام، في مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة، في بروكسل، حيث قدم للمرة الأولى ورقة اتفق عليها اللبنانيون من مختلف الأطراف، وهذا التوافق حول الملف الشائك، اعتبره مصدر مطلع، ركيزة أساسية ومهمة جداً في تسهيل عودة اللاجئين الى ديارهم. وأشار بو حبيب في المؤتمر الى “أننا نستقبل 1.5 مليون نازح سوري منذ بدء الصراع في سوريا، الأمر الذي أثّر على اقتصادنا المحلي ومجتمعنا. العودة حق للسوريين، ونطالب الشركاء الدوليين بالعمل معنا لإعادة النهوض ومساعدة لبنان بما يصبّ في مصلحة الشعبين اللبناني والسوري. ولا يمكن أن يتحوّل لبنان إلى بقعة واسعة للنازحين السوريين”.

ومنذ يومين، زار وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، سوريا، وعرض مع وزير الادارة المحلية والبيئة حسين مخلوف المكلّف بملف النازحين السوريين، ووزير الداخلية اللواء محمد الرحمون، لملف عودة اللاجئين والتحضير للزيارة الرسمية المرتقبة للوفد الوزاري المكلّف بحث هذا الملف مع الحكومة السورية، كما أتت الزيارة استكمالاً للزيارات السابقة وللتطورات الحاصلة، انطلاقاً من الخطّة التي وافق عليها مجلس الوزراء، والتي يعمل على تحديثها وتعديلها بهدف تسهيل العودة.

وأعلن شرف الدين أن زيارته إلى دمشق، كانت “إيجابية وموفَّقة في ظلِّ ثقة كاملة بين الطرفَيْن، وجهوزية للبدء باستقبال أعداد كبيرة من النازحين قد تصل في المرحلة الأولى إلى 180 ألف لاجئ”. كما تداول في لقاءاته مع المسؤولين في سوريا، مسألة تشكيل لجنة ثلاثية قوامها لبنان والنظام السوري والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) إذ بإمكان مثل هذه اللجنة حل مشكلات كثيرة باعتبار أن لجاناً فرعية تنبثق عنها عملياً في قرى العودة لمتابعة أوضاع اللاجئين، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، وتأمين سلامتهم العامة، ما يعزز عملية التشجيع على العودة.

وفي هذا السياق، لفت ما قاله رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، إثر ما سُرِّبَ عن ايجابية أجواء زيارة شرف الدين الى دمشق، بانه “أضحى لزاماً على حكومة تصريف الأعمال وضع روزنامة عمليّة واضحة حول عودة كل النازحين السوريين إلى ديارهم قبل نهاية هذا العام”. ما رأى فيه البعض تراجعاً في مواقف “القوات” لناحية عدم الاعتراض على التواصل مع الحكومة السورية.

لكن النائب فادي كرم أكد أنه مخطئ من يقول ان “القوات” لا تريد عودة اللاجئين الى ديارهم، و”منذ البداية، طلبنا استقبالهم في مخيمات أو مجمعات، ولا ينتشرون بهذه الطريقة العشوائية خارج المراقبة. من يقول ذلك عن القوات يكون بعيداً جداً عن المنطق والحقيقة. أما التشاور مع النظام السوري، فالوزراء يقومون بزيارات الى سوريا، وهناك قنوات مفتوحة بين الأجهزة اللبنانية والسورية، والمسألة ليست مستجدة. من هذا المنطلق، يمكن للوزراء التنسيق مع السوريين من خلال القنوات المفتوحة التي لم تنقطع يوماً. ما لا تريده القوات، التطبيع السياسي بين السلطة اللبنانية والنظام السوري لأن هناك الكثير والكثير من المشكلات مع هذا النظام بدءاً من عدم اعترافه بسيادة لبنان وعدم ضبطه الحدود ووجود المعتقلين في السجون الذين لا نعرف مصيرهم، وهناك الكثير بالنسبة الى ترسيم الحدود. ما نرفضه التطبيع السياسي مع النظام الذي ألحق الأضرار بلبنان على مدى 40 سنة ماضية. وزيارة الوزراء الى سوريا لا تعدّ تطبيعاً سياسياً، وهم ينتمون الى الخط الممانع، ويقومون بهذا الأمر بقرار من ذاتهم، وطالما يقومون به، فليجدوا حلاً لملف اللاجئين”.

على أي حال، وبغض النظر عن المواقف، لا بد من التساؤل: ما هي الخطوات التي ستتخذ بعد عودة وزير المهجرين من سوريا؟ وهل يمكن أن يؤدي التنسيق بين لبنان وسوريا الى نتيجة في هذا الملف بمعزل عن المجتمع الدولي الرافض إعادة اللاجئين الى بلادهم؟ وما هو الدور الذي ستلعبه جامعة الدول العربية بعد أن اتفقت الوفود المشاركة في قمة جدة في 19 أيار الفائت، وبحضور الرئيس السوري بشار الأسد، على “تعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها”؟

لم تشأ مصادر من السرايا الحكومية الحديث عن ملف اللاجئين قبل أن يجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير المهجرين، ويطلع منه على تفاصيل لقاءاته في سوريا، وربما سيتأجل اللقاء الى ما بعد الأعياد. “وبالتالي، علينا الانتظار لأن الملف حلقة مترابطة، ودقيق وأي كلمة يمكن أن تفسر بطريقة خاطئة، وعندما يحصل اللقاء بين الرجلين، يمكن بعدها الحديث عن الخطوات العملانية اللاحقة في هذا الملف”.

لكن مصدراً مقرباً من رئيس الحكومة أوضح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الاجتماعات الوزارية حددت النقاط التي سيعمل بها، وهناك العديد من الوزارات المعنية بالملف الى جانب الأمن العام اللبناني، وهناك رغبة في التعاون مع الجانب السوري لوضع آلية للعودة الآمنة. أصبحت الأمور لدى الحكومة واضحة، وخريطة الطريق جاهزة الى حين التطبيق والتنفيذ. حصلت العديد من الزيارات الى سوريا ومنها زيارة المدير العام للأمن العام، وسبقها وفد وزاري، ومنذ يومين زار وزير المهجرين دمشق، كل ذلك، تحضيراً لمزيد من اللقاءات والتشاور الذي يمكن أن يتفعّل في المرحلة المقبلة وصولاً الى النتائج المرجوّة”.

وأكد المصدر أن “الجزء الأكبر في ملف اللاجئين يعود الى الجانبين اللبناني والسوري، والعامل الدولي عبارة عن مساعدات، وهناك قنوات معينة تضغط على المجتمع الدولي للقيام بواجبه بصورة أفضل، وتوجيه بوصلة المساعدات نحو المسار الصحيح، وعدم الاتجاه كأنه يرغب في ابقاء السوريين في البلدان التي تستضيفهم لأن هذا وفق المنطق، لا ينطبق على مستوى مهامه ولا على مستوى ما يعاني منه البلد لأن فيه غبناً للبنانيين وللسوريين في الوقت عينه. وفي حال توصل الجانبان، اللبناني والسوري، الى تصوّر معين خصوصاً أن الهامش الأكبر في الملف بيدهما، يكون الملف قطع شوطاً مهماً”.

وأشار الى أن “الملف سيتخذ في المرحلة المقبلة جدية أكبر، وسيوجه بالصورة الصحيحة، ومن يدير الملف لن يعالجه بمعزل عن المجتمع الدولي انما سيتم تصويب دوره بشكل يخدم اللاجىئ السوري في العودة الى بلاده، ويخدم لبنان في التخفيف من الضغط نتيجة النزوح. مع التأكيد أن المجتمع الدولي، قابل للتفاوض ولتعديل مواقفه بناء على معطيات تحصل في حينها خصوصاً أن هناك أموراً لها علاقة بالسيادة اللبنانية، ولا بد أنها ستأخذ المنحى الأكثر جدية للدفع في اتجاه العودة”.

شارك المقال