الليونة الرئاسية… مناورة أم رسالة فرنسية؟

هيام طوق
هيام طوق

دخلت البلاد في عطلة عيد الأضحى المبارك لأيام عدة، فيما دخل المشهد السياسي والرئاسي خصوصاً، في عطلة طويلة ربما تمتد أشهراً أو حتى الى نهاية العام الحالي بحيث أن الكثيرين يؤكدون أن لا جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية اذا لم يحصل التوافق بين اللبنانيين على اسم لانتخابه بمعنى أن الجلسة رقم 13 لن تكون عقيمة كالجلسات السابقة. وبالتالي، فإن الجميع في انتظارعودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، في تموز المقبل، علّه يحمل معه مبادرة أو تسوية أو طرحاً، يخرج الاستحقاق الرئاسي من حالة الجمود على الرغم من قناعة غالبية اللبنانيين بأن مسألة الحل والربط في أيديهم، واذا كان لدى المسؤولين النية الصافية للحلحلة، فلا داعي للوساطة، وان استمروا في عنادهم، فما من وسيط سينجح في مهامه.

إذاً، وضع الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة، وبات الجميع يدرك أن ما من طرف يمكنه ايصال أي شخصية الى القصر الجمهوري من دون التوافق مع الطرف الآخر خصوصاً بعد الجلسة الانتخابية الاخيرة، في ظل التصلب في المواقف، لكن، منذ أيام، برز كلام لرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، قال فيه: “اننا نعترف بأن لا نحن نستطيع أن نأتي بمرشّح من دون تعاونهم، ولا هم يستطيعون أن يأتوا بمرشّحهم من دون تعاوننا. الحل أن نأتي ونجلس ونتفاهم ونُقنع بعضنا بعضاً وصحتين على قلب اللي بيطلَع بالتوافق والتفاهم”. كما أشار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق الى أن “حزب الله أكد ولا يزال يؤكد دعوته إلى الحوار غير المشروط، وإلى التوافق ليس من موقع الضعيف، إنما من موقع الحرص لأن هذا البلد لا يتحمل تصفية حسابات سياسية أو شخصية ولا يتحمل تعميق الانقسامات الداخلية”. في حين كان نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم قد خيّر اللبنانيين قبل مدة بين خيارين إما انتخاب المرشح الجدي الذي هو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وإما الفراغ، وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤكد تمسك حركة “أمل” بفرنجية وأن “لا خطة ب لدينا”. من هنا، جاء رفض المعارضة لدعوة بري الى الحوار على اعتبار أنه لا يجوز الحوار مع فريق، وهو يعلن مراراً وتكراراً عن تمسكه بمرشحه. لكن، ما استدعى التوقف عنده ما قاله النائب قاسم هاشم بـ “أننا لا نفرض مرشحنا، وهناك محاولة لذر الرماد في العيون لناحية الدعوة الى الحوار، ونحن مستعدون للذهاب اليه من دون شروط مسبقة”.

على أي حال، فإن الليونة في المواقف، باتت واضحة وسط التساؤلات: هل زيارة لودريان الى لبنان أعطت مفعولها، ووصلت الرسالة الدولية؟ وهل الدعوة الى الحوار تعني تخلي “الثنائي الشيعي” عن مرشحه لأن تمسكه به يجعل قوى المعارضة رافضة لأي نوع من الحوار؟ وفي حال، طرحت أسماء أخرى غير المتداولة حالياً، هل تلبي المعارضة الدعوة الى الحوار؟ وهل دعوة “الثنائي” الى الحوار، مناورة كما يقول البعض لتحميل مسؤولية التعطيل للطرف الآخر الرافض للتحاور؟

تمنى النائب الياس اسطفان أن “يكون الثنائي الشيعي قد أصبح على قناعة بأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، ولا يمكن فرض الرئيس على اللبنانيين”. وقال: “نحن في بلد ديموقراطي، يجب أن تسير اللعبة الديموقراطية كما يجب. نأمل أن تكون الليونة في المواقف نتيجة إدراك الواقع، ونتيجة إدراك أن هناك شركاء في البلد، ونحن منفتحون ايجاباً لما فيه مصلحة لبنان انما ندعو الى عدم استخدام فائض القوة، لنبني معاً البلد الذي يليق بنا”.

أضاف: “في حال تم التقاطع على اسم مع الثنائي، يمثل طموحاتنا لرئاسة الجمهورية، فليكن، وهذا أفضل ما يكون، لكن في الوقت نفسه نحن ندعو الى لعبة ديموقراطية صرف، والى تطبيق الدستور، وانتخاب الرئيس تحت سقف البرلمان، ومن يربح، يربح. لديهم الحق في تعطيل الدورات الانتخابية بعد الجلسة الأولى، لكن استخدموا الحق في التعطيل على مدى 12 جلسة، وهذا لم يعد استعمالاً للحق انما سوء استعمال للحق لأن الضرر يطال البلد والدولة والشعب”.

وشدد على “أننا لم نرفض الحوار يوماً، لكن أي حوار؟ نحن مع الحوار تحت قبة البرلمان، ومع الحوارات الثنائية كما حصل عندما تم الاتفاق على ترشيح النائب ميشال معوض، كذلك حين حصل التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور. لكن الجلوس على طاولة حوار لانتاج رئيس للجمهورية بطريقة مغايرة لما ينص عليه الدستور، هذا غير مقبول. ثم الحوار حول ماذا طالما طريقة انتخاب الرئيس واضحة؟ كما أن الحوار يحصل على قاعدة النقاش والتشاور، وليس ليملي الطرف الآخرعلينا ما يجب أن نفعله”.

وأكد أسطفان أن “الهدف ليس المواجهة والتعنّت انما نريد بناء دولة، وهذا لن يحصل الا اذا اقتنعنا بتطبيق الدستور واحترامه، ونشكر فرنسا على ما تقوم به، لكن في الوقت نفسه الانتخابات الرئاسية شأن داخلي، وعلينا مساعدة أنفسنا لنبني بلدنا، ولا يجوز أن نتكل على هذه الدولة أو تلك في أي استحقاق”.

واعتبر النائب قاسم هاشم أن “الموضوع لا يتعلق بالليونة أو التغيير في المواقف انما نحن ثابتون بقناعاتنا من البداية الى اليوم، ولم تبدل زيارة لودريان في قناعاتنا المستندة الى ثوابت في الرؤية السياسية، وذلك لا يعني التخلي عن مرشح انما مواقفنا تأتي انسجاماً مع رؤيتنا الايجابية بحيث ندعو دائماً الى التحاور والنقاش الوطني الموضوعي حول الاستحقاق الرئاسي، وهذا موقفنا منذ البداية، وقبل أي مبادرة، والرئيس بري كان قد دعا الى الحوار حتى قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، لكن هناك من رفضه، واستمر في تعنته الى أن وصلنا الى 8 أشهر من الشغور”، مذكراً بـ “أننا كنا ندعو الى الحوار حتى قبل ترشيح فرنجية لنناقش المبادئ والمفاهيم ومواصفات رئيس الجمهورية ليتم على أساسها التوافق على اسم أو أكثر، وحينها يفصل صندوق الاقتراع بين الرابح والخاسر. هذا كان أساس الدعوة الى الحوار. اما محاولة الفريق الآخر ذر الرماد في العيون، وتضليل الرأي العام بأن الحوار يشترط فرض مرشح معين، فليس في مكانه على الاطلاق انما لتبرير رفض هذا الفريق للحوار لا أكثر ولا أقل”.

وجدد هاشم التأكيد “أننا مع الحوار من دون أي شروط، نحن نريد الحوار حول المواصفات وليس حول الأسماء، وعلى أساسها تتم المقارنة، واختيار الأسماء التي تنطبق عليها هذه المواصفات. قد يكون اسم نتفق عليه أو أكثر”، معتبراً أن “محاولة رمي التهم، تأتي في اطار تبرير عدم القبول بالحوار”. وأوضح أن “الدعوة الى الحوار ليست من باب المناورة انما هي قناعة، ونقول ان الحوار في ظل التركيبة اللبنانية والنظام اللبناني يجب أن يكون منطقاً سياسياً دائماً وليس آنياً أو ظرفياً”.

شارك المقال