فرنسا: ذيول الاستعمار وكراهية الدولة وراء الأحداث الأخيرة

حسناء بو حرفوش

كيف يمكن النظر إلى أعمال الشغب في فرنسا من منظور التاريخ؟ نيكولا بانسل، الأستاذ في جامعة لوزان يشارك تحليله في مقابلة مع موقع Le Temps السويسري بنسخته الفرنسية. ووفقاً للبروفيسور، “تؤكد الأحداث الأخيرة أن لأعمال العنف الذي وقعت السبت في لوزان معاني سياسية، وأنها ناتجة عن عزل المدن والإرث العنصري وكراهية الدولة”.

وحسب المؤرخ الفرنسي المتخصص في التاريخ الاستعماري، فان “أعمال الشغب التي اندلعت غير مفاجئة وللبلاد تجارب طويلة في هذا السياق. من الواضح أن من الضروري التذكير بأعمال الشغب التي وقعت في العام 2005 وتلك التي حدثت منذ نهاية السبعينيات، في الأحياء التي تضم أفراداً من الطبقة العاملة في فرنسا. أما ما يحدث اليوم فهو ثوران بركاني أكبر، لكنه ليس عبثياً”.

كراهية الدولة

“واللافت للانتباه حسب المحلل هو إقدام الشباب على مهاجمة المباني العامة التي تقدم الخدمات في مناطقهم مثل مهاجمة رجال الاطفاء، على سبيل المثال، كأن كل شيء أصبح رمزاً للدولة… حالة نكرهها ونريد التخلص منها بكل الوسائل. هذا يمثل قطيعة في الحوار ناتجة عن قوة مركزية للغاية تفضل المواجهة. ومن ثم الأكثر اثارة للغرابة هو غياب التفاهم السياسي، بحيث لا توجد محاولة لفهم معنى أعمال الشغب هذه، والاكتفاء بإدانة العنف الناجم عنها”.

القمع والعنصرية

وتعليقاً على اشتعال الساحة عقب مقتل نائل، وعودة مسألة عنف الشرطة وعنصريتها إلى السطح، شدد البروفيسور على “الغياب الفعلي للحوار والمواقف العدائية المتزايدة تجاه الشرطة. لا يمكن تجاهل حقيقة أن شباب الأحياء ورثوا مع الأسف ذيول التاريخ الاستعماري بحيث لوحظت أحداث ذات نمط إثارة مشابه: الضرر الجسدي الخطير أو وفاة شاب بسبب الشرطة ثم الانفجار في الشارع. ويتحمل الشباب وصمة العار وبعض الصور النمطية من الأحكام المسبقة التي نشأت أثناء الاستعمار. على سبيل المثال، نُسبت في السابق، إلى سكان شمال أفريقيا ميول إجرامية واستمر هذا التصور جزئياً.

وحيث أن التصعيد يتجاوز موت نائل والمسألة العرقية، “لا بد من أن نأخذ في الاعتبار مشكلات العقارات في فرنسا بالإضافة إلى الصعوبات الرئيسة: معدل البطالة وأدنى معدل نجاح في المدارس والفقر والتمييز. الاختلاف في الفصل والاختلاف الثقافي بسبب الأصول الأجنبية، ما يجعل الوصول إلى الرموز المدرسية تراكمياً وأكثر صعوبة. وأخيراً، طوّرت بعض أحياء الطبقة العاملة اقتصادات موازية مرتبطة خصوصاً بتجارة المخدرات. تاريخياً، بذلت جهود لتحسين الوضع منذ نهاية السبعينيات. وبالتالي، لم تكن إجراءات الدولة منعدمة، لكن على الرغم من السياسات العامة، انهار كل ما يمكن أن يكون له دور اجتماعي منظم وازدادت نسبة الغيتوات، وهذا ما تسبب بشعور بعض الشباب بالعزلة والاضطهاد. ويعكس تحطيم النوافذ وحرق صناديق القمامة علامات انعدام آفاق الحل وتوازن القوى مع الدولة وإحباط هائل لعدم القدرة على الوصول إلى عالم الاستهلاك الذي وعدت به الرأسمالية”.

شارك المقال