تغيير النظام غير وارد… والتمسك بالطائف ضرورة ملّحة

آية المصري
آية المصري

برزت أمس دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الى مؤتمر دولي خاص بلبنان وللبحث في تغييرات تطال شكل الحكم القائم، وهذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها بمؤتمر تحت رعاية دولية، الأمر الذي سبق أن رفضته غالبية القوى السياسية نتيجة تمسكها بإتفاق الطائف الذي يشكل ضمانة البلاد على الرغم من أنه لم يطبق كما يجب.

دعوة الراعي جاءت إثر ترؤسه في بكركي أمس، لقاء اطلاق وثيقة “لقاء الهوية والسيادة” بعنوان “رؤية جديدة للبنان الغد، دولة مدنية لامركزية حيادية”، بحضور ممثلي اللقاء الذي بدأ عمله منذ سنوات برئاسة الوزير السابق يوسف سلامة، الذي رأى أن “الدولة اللبنانية لطالما افتقرت الى الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي الدائمين، وذلك يعود الى تقديم الولاءات الطائفية والمذهبية المتعددة على الولاء الوطني الجامع، وعلى تقدّم المصالح الخارجية على مصلحة الوطن اللبناني الداخلية، لذلك كان حرصنا على صياغة أفكار أساسية وطنية جديدة تعزّز المناعة الوطنية الهشّة وتحمي الكيان والوطن وترسّخ مفهوم لبنان الرسالة الذي تجسّده حياتنا المشتركة السليمة”.

وأعرب الراعي عن تقديره لايمانهم بهذه الوثيقة العلمية كما يشير اليها عنوانها “والقسم الأول فيها يقدم الأسباب الموجبة لمشكلاتنا اليوم، اما القسم الثاني فيتعلق بالنتائج من تكوين للسلطة وغيرها”، مطالباً بمؤتمر دولي للبنان “بعدما هرب السياسيون اللبنانيون من الحوار لأنهم مرتهنون لمصالحهم الخاصة”. واعتبر أنه “لا يحق للمسؤولين تدمير دولة وشعب من خلال تدمير النظام والدستور”، مجدداً رفضه “أن يكون العمل السياسي للخراب والهدم”.

في هذا السياق، أشارت أوساط مطلعة عبر “لبنان الكبير” الى أن “لا وجود لمعالم كاملة حول الدعوة الى مؤتمر دولي، فمن سيدعو ومن سيكون حاضراً وما خلفيات هذه الدعوة؟ وحول إمكان البحث في تغييرات الدولة ومؤسساتها والصيغة بعنوانها الكبير بحاجة الى نقاش مطول والتطرق الى الفديرالية والتقسيم وغيرها لا يمكن تطبيقها في لبنان”.

مرعب: كلام الراعي إنقضاض على الطائف

ورأى امام وخطيب جامع الامام علي الشيخ حسن مرعب أن “هذا الحديث يعد نوعاً من الانقضاض على اتفاق الطائف او دعوة الى مؤتمر تأسيسي جديد أو دستور جديد وبالتالي لا أعلم ماذا يحدث مع البطريرك الراعي”.

وحول مواقفه الأخيرة المتعلقة بمشكلة بشري وبقاعصفرين في الضنية، اعتبر مرعب أنه “كان يفترض به كرجل دين ومرجع روحي كبير في لبنان أن يتعالى على الجراح وأن تكون دعوته الى المحبة والألفة وليس أن يدخل كطرف في هذه الفتنة والقضية التي حصلت”.

وتساءل: “هل كزعيم مسيحي دخل في بازار شد العصب في الطوائف او ما فكرته من هذا الكلام؟ وهل يا ترى هو يأس من هذا المجلس النيابي نتيجة عجزه عن انتخاب رئيس للجمهورية؟ ونتيجة ذلك أعتقد أنه بامكاننا الذهاب نحو مؤتمر دولي ومن الممكن أنه يحاول الاستعانة بالخارج للتوصل الى رئيس للجمهورية”.

وقال مرعب: “رأينا نموذجين من الكلام وهناك فارق كبير بينهما، مرجع روحي يدعو الى الصمت والهدوء والتعقل والمتمثل بالمفتي عبد اللطيف دريان، ومرجع روحي آخر كبير لم يكن يشعل النيران ولكن ينفث عليها، والمشكلة عندما يصبح المرجع الروحي طرفاً في المشكلة القائمة في البلد”.

الحوت: التوقيت خطأ

ولفت النائب عماد الحوت الى أن “دعوة الراعي ليست جديدة وكان قد أطلقها في السابق أكثر من مرة، ولكن مؤتمر دولي للنظر في تركيبة النظام في وضع أزمة كالأزمة اللبنانية أعتقد أن التوقيت خطأ لأننا معنيون اليوم بتطبيق اتفاق الطائف بصورة صحيحة، ثم بعد ذلك نعيد النظر في الثغرات التي نجدها”، معتبراً أن “الاشكالية الحقيقة أن أي مراجعة جديّة أو رسمية في شكل النظام تحصل في ظل موازين قوى تجاه غالب ومغلوب وهذا لن يكون لصالح الاستقرار في لبنان ولا في صالح المسيحيين بالدرجة الأولى قبل غيرهم”.

وقال الحوت: “لا يمكننا الاستمرار في لعبة القناصل والمبادرات الخارجية واستدعاء الخارج ليجد لنا حلولاً، بل يجب أن تكون لدينا الجرأة لنجلس مع بعضنا البعض ويعبّر كل طرف عن هواجسه وكيفية ايجاد حلول لها، اما استدعاء المؤتمرات الدولية كل فترة وأخرى فليس في صالحنا أو أي مكون من المكونات”.

المرعبي: العودة الى تمثيل الطائف بأصوله

وشدد النائب السابق طلال المرعبي على “أننا نحترم سيادة البطريرك الراعي ولا نشك في وطنيته ولكن البحث في إعادة تركيبة لبنان لا يمكن أن يحصل، وغبطته طالب مراراً وتكراراً بتطبيق اتفاق الطائف قبل البحث في أي شيء آخر”، مشيراً الى أن “الطائف لو طبق كما يجب لما كنا وصلنا الى ما نحن فيه اليوم من خلافات سياسية أو قانون انتخاب أو تقسيمات”. ودعا الى “احترام اتفاق الطائف والبحث في موضوع رئاسة الجمهورية وحصر الحوار حول هذا الموضوع وبالتالي العودة الى تمثيل اتفاق الطائف بأصوله وجذوره وليس فقط بالنصوص”.

وأكد المرعبي وجوب “البحث في اعادة تركيب نظام انتخابي جديد وقد يكون هناك مطلب شعبي بعد فترة زمينة بإجراء انتخابات جديدة على أساس هذا القانون لأنه العمود الفقري للحياة السياسية في لبنان، ونحن تحدثنا بالطائف وبتكبير الدوائر وأن تكون مختلطة لنقضي على الطائفية والمذهبية، وبالتالي يجب تنفيذ اتفاق الطائف ووضع قانون انتخابي جديد يؤمن حياة سياسية جديدة ودماً جديداً للبنان”.

شارك المقال