استنسابية مسيحية تتحكم في “الشواغر” الحساسة

رواند بو ضرغم

لم تكن رحلة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التشاورية لإرساء التوافق على أزمة الحاكمية سهلة ومثمرة. فبعد أن لقي طريق التعاون المسيحي مسدوداً، وأخفق في إقناع الصرح البطريركي و”القوات اللبنانية” بمنح الحكومة غطاء مسيحياً لتعيين بديل عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، انتفض ميقاتي على السلبية قاطعاً الطريق على التمديد والتعيين.

هذا الموقف ليس بالضرورة أن يوصل مصير الحاكمية الى حتمية تسلم نائب الحاكم الأول وسيم منصوري، بحيث إن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتخوف من أي مؤامرة داخلية أو خارجية قد تؤدي الى ارتفاع جنوني في سعر صرف الدولار لتحميل الطائفة الشيعية المسؤولية، وخصوصاً أن على رأس القضاء المالي شيعياً، وكذلك في وزارة المال، ولاحقاً حاكمية مصرف لبنان في حال تسلم منصوري صلاحيات الحاكم، لذلك فإن هذا الخيار خطر جداً ولن يتحقق.

صحيح أن الرئيس بري يفضّل التعيين، الا أن التباين مع ميقاتي لا يُفسد في الود قضية، ولا يعني أن هناك خلافاً بين الرئاستين الثانية والثالثة.

وتقول مصادر من الرئاستين لموقع “لبنان الكبير” إن الرئيس ميقاتي حاول أن يحشد التوافق على التعيين، ولكنه لم يجِد تجاوباً مسيحياً.

ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير” فإن ميقاتي أرسل موفداً للقاء البطريرك بشارة الراعي، ولكن البطريرك لم يرَ ضرورة لتعيين بديل في الموقع المسيحي الأول في الحاكمية، ولكنه مع تعيين رئيس الأركان الدرزي الشاغر بعد حين. وتؤكد مصادر عين التينة أن الرئيس بري يتطابق ونظرة الرئيس ميقاتي، وهما يفضّلان التعيين، ودليل على ذلك أن ميقاتي كان قد أحضر معه لائحة بأربعة أسماء بديلة عن سلامة، ولكنه لا يضمن تصويت أكثرية الثلثين، لذلك فضّل البقاء في المكان الآمن، ورفض الذهاب باتجاه تعيين قد يسقط بالتصويت، وبات طرح التعيين في مهبّ الريح.

أما التمديد لسلامة فأيضاً غير وارد، وخصوصاً أن قانون النقد والتسليف لا يلحظ التمديد، فإما تعيين أو تسيير للمرفق العام، أي الاستمرار في تسيير أعمال الحاكمية الى حين تعيين بديل، ويبقى هذا الطرح من أكثر الطروح ترجيحاً. وخلال الأسابيع الثلاثة المتبقية، اذا استقال نواب الحاكم الأربعة مع انتهاء مدة سلامة، فتُقبل الاستقالة ويُطلب من الحاكم ونوابه الاستمرار في تسيير المرفق العام الى حين تعيين بديل بالأصالة، وبذلك لا يكون تمديداً بل استمرار في تأدية مهامهم تفادياً للانهيار التام وهدم المؤسسات، وهذا الخيار يحتاج الى أكثرية ثلثي مجلس الوزراء المؤمنة، على اعتبار أن من يرفض التعيين لا يستطيع أن يرفض تسيير المرفق العام، والا سيتحمل من يُعطل نتائج تعطيل المصرف المركزي على البلاد والمواطنين.

فـ “القوات” التي تطالب بتسليم نائب الحاكم الأول غير ممثلة في الحكومة، و”التيار الوطني الحر” الغائب عن الجلسات لا قدرة له على تطيير النصاب، و”حزب الله” بين نارَيْن: المسؤولية من جهة (أي تحميل الثنائي الشيعي كل تداعيات الأزمة)، والوقوف الى جانب التيار برفض التعيين من جهة أخرى، في محاولة لاسترداده وبثّ الروح في جثة اتفاق مار مخايل، ليبقى المخرج الأقل ضرراً بتسيير المرفق العام.

شارك المقال