وزير العدل يواصل “تهريجه”… ويتناسى مبدأ فصل السلطات

آية المصري
آية المصري

خطفت حاكمية مصرف لبنان الأنظار مع اقتراب انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة من دون أن يتضح السيناريو المقبل بعدما إختلفت الكتل والقوى السياسية حول من سيتولى المهام من بعده. وفي ظل الأخذ والرّد كثرت السيناريوهات، لكن المؤكد أن الحكومة ليست في وارد تعيين الحاكم الجديد وسط إستحالة التمديد لسلامة.

واللافت ما ذكر على لسان وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري في مقابلة تلفزيونية من أنه يمكن تعيين مدير اداري لادارة أعمال مصرف لبنان مؤقتاً، بديل تعيين حارس قضائي، من وزير المال أو أي جهة قضائية أخرى، أو من مجلس شورى الدولة. ولكن لا عجب بكلامه هذا، فوزراء “التيار الوطني الحر” يخترعون بدعاً دستورية خاصة بهم ويفسرونها بحسب أهوائهم ومصالحهم الخاصة، ولا أحد ينسى أن الرئيس السابق ميشال عون الذي اشتهر بضرب الدستور وتجاوزاته له كان قد طرح في السابق تعيين حارس قضائي للحاكمية.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل يجوز فعلاً دستورياً تعيين مدير مؤقت بعد إنتهاء ولاية سلامة؟

في هذا السياق، تساءلت أوساط مطلعة: “أين فصل السلطات؟ وكيف سيعيّن القضاء الاداري مديراً مؤقتاً؟ وما هذه التهريجة التي يطل بها اليوم الوزير خوري؟”.

الجسر: الكلام عن تعيين مدير مؤقت غير دقيق

وزير العدل السابق سمير الجسر رأى في حديث عبر موقع “لبنان الكبير” أن “الكلام المتعلق بإمكان القضاء تعيين مدير مؤقت، كلام غير دقيق اطلاقاً لأن لدينا نظاماً ديموقراطياً برلمانياً وهناك سلطات وفصل بين هذه السلطات، والتوظيف من عمل السلطة التنفيذية”، موضحاً أن “المادة 66 من قانون شورى الدولة تنص على أنه يمكن لرئيس المجلس أو للقاضي المعني أو القاضي المكلف أن يأخذ بأمور ومسائل العجلة والضرورة ويتخذ تدبيراً مؤقتاً ولكن هذا الطرح ليس بعملية تدبير مؤقت بأن هناك ادعاء يمنع ضرراً، بل عملية وظيفية ولا يُعد من عملية التدابير المؤقتة ولا يملك صلاحية التعيين، وحتى يتم التعيين يجب أن يطالب صاحب المصلحة بهذا التعيين، وبالتالي من يطلب اليوم؟”.

وأكد أن “مجلس شورى الدولة لا يستطيع أن يتحرك من تلقاء نفسه في هذا الشأن”، مشيراً الى أن “هناك في المقابل شقاً آخر متعلقاً بنواب الحاكم فهم لديهم الحق في الاستقالة وليس لديهم الحق في الامتناع عن القيام بالواجبات الوظيفية الى حين قبول استقالتهم، وهذا القبول بحاجة الى مجلس وزراء وإلا يُعرضهم للملاحقة الجزائية في المادة 73 التي تعتبر من اهمال الواجبات الوظيفية”.

حرب: لا أوافق على هذا الطرح

أما النائب السابق والخبير الدستوري بطرس حرب فلفت الى أن “قرار التعيين الذي تحدث عنه وزير العدل يمنحه الدستور لمجلس الوزراء وفي حال تعذر ذلك يجب التفتيش عن أصول جديدة نبتدعها”، قائلاً: “لا أوافق على أننا نُكلف القضاء اختيار مدير مؤقت لمصرف لبنان، فهو سلطة مستقلة ومرتبطة به مصالح البلد بأكملها”.

أضاف: “أعتقد أن هذه محاولة تهرب من تحمل السلطة السياسية لمسؤولية تعيين إتخاذ قرار في هذا الموضوع، لا يمكننا إقحام القضاء في القضايا المتعلقة بالشأن العام بتعيين موظفين ولو كانوا مؤقتين، وانا أعتقد أن هذه جملة من المخارج التي يحاولون التفتيش عنها والتي لا تصح”.

وشدد على أن “تعيين حاكم لمصرف لبنان مع الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها ولا سيما المرتبطة بالوضع الاقتصادي والمالي قضية خطيرة جداً، وبالتالي لا يمكن تحميل مسؤولية قرارها للسلطة القضائية أو لمحكمة قضائية أيّاً كانت، وهذه مسؤولية سياسية على مؤسسات دستورية أن تتحملها مهما كانت ظروفها”.

وعما اذا كان طرح خوري مماثلاً للحارس القضائي، اعتبر حرب أن “هذا الطرح غير قانوني ومماثل للطرح الأخير”، متسائلاً “ماذا يفرق الحارس القضائي الذي يصدر عن محكمة مدنية، عن المدير المؤقت الذي هو نوع من الحارس القضائي الذي يعينه القضاء الاداري؟ فهما شبيهان ببعضهما البعض وليسا بالتدبير القانوني الذي يجب اتخاذه”.

اذاً، ما جاء على لسان الوزير خوري ليس سوى تهريجة جديدة لوزراء “التيار”، ومن الواضح أن الدستور يرفض هذا الطرح جملةً وتفصيلاً ويفسر رفضه بمواد دستورية دقيقة، ليبقى الأهم اللجوء اليه في كل استحقاق وعدم اختراع بدع تضرب الدستور.

شارك المقال