“عاشوراء” في طرابلس… مناسبة دينية غير منسية

إسراء ديب
إسراء ديب

لا ينكر أهالي مدينة طرابلس أهمّية إحياء يوم عاشوراء وفضله مع بداية الشهر الهجري الجديد، إذْ لا يتغاضون عن هذه المناسبة التي يُحضّرون لاحيائها في العاشر من شهر محرّم عبر تمسّكهم بفضل الصيام المستحبّ في هذه الأيّام، وترى بعض الروايات أنّ يوم عاشوراء هو يوم فرح وأنّ صيامه “يُكفّر ذنوب السنة السابقة”.

يُمكن القول إنّ طرابلس المعروفة بتمسّكها بمختلف طقوسها الدينية على الرّغم من الظروف الاقتصادية والسياسية القاهرة، يُحاول عدد كبير من أبنائها لاسيما بعض رجال الدّين، التحدّث عن فضل صيام عاشوراء، إذ يعتبر معظمهم أنّه لا بدّ من تعريف الأطفال كما الكبار الى فضل هذا اليوم الذي يلتزمون بصيامه مع صيام اليوم الذي قبله (تاسوعاء)، عبر التحدّث عن أبرز المناسبات الدينية التي وقعت في اليوم عينه، وأبرزها مرتبط بنجاة النبي موسى من فرعون، اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، اليوم الذي نجّى فيه الله نوحاً من السفينة، ويوم ردّ يوسف إلى يعقوب وإنقاذ النبي إبراهيم من نمرود وغيرها الكثير من المناسبات المرتبطة تاريخياً بهذا اليوم.

ويقول عضو مجلس بلدية طرابلس ورئيس لجنة الآثار والتراث، البروفيسور خالد تدمري لـ “لبنان الكبير”: “تنحصر العادات المعروفة في هذا اليوم بقيام الناس بالصلاة، والدعاء في المساجد مع تحضير أكلات خاصّة في هذه المناسبة تُقدّم على مائدة الافطار”.

ومن أبرز الحلويات التي تُقدّم في هذا اليوم، حلوى “عاشورا” الشبيهة بـ “المغلي” ولكن مع المكسّرات، كما درجت العادة أن يُقدّم الطرابلسيون طبخة تكون من البياض، أيّ من اللبن مثل: الشيش برك، كوسا بلبن أو ما شابه…، وفق ما يُؤكّد تدمري.

ويُعدّ طبق “عاشورا” المعتاد من أبرز الأطباق القديمة والشهيرة التي يُقدّمها الأتراك في العاشر من شهر محرّم، ويشير بعضهم الى أنّ الطبق الشهير جاء من الأطعمة والنباتات التي بقيت مع النبي نوح بعد الطوفان وقام بإعداده بخلط مكوّنات مع بعضها البعض، وهي: القمح، أنواع من الحبوب أو البقوليات، البهارات، يُضاف السكر إليها لتُغطّيها طبقة من المكسّرات كالفستق وجوز الهند. أمّا طرابلس فتتمسّك أيضاً بهذا النوع من الحلويات، ولا يُعدّ هذا الأمر مستغرباً لأنها ورثت عن تركيا أنواعاً عدّة من الحلويات التي لا تزال تُقدّم حتّى هذه اللحظة في المدينة. لكن ليس خافياً على أحد أنّ هذا النوع من الحلوى لا يُعدّ سهلاً خصوصاً في الفترة الأخيرة، بحيث تراجع عدد من الأهالي عن تقديم هذا الطبق بعد ارتفاع أسعار المكسّرات بصورة ملحوظة، ما دفعهم إلى أمرين: إمّا التخفيف من مكوّناتها من جهة أو الابتعاد عنها من جهة ثانية، لكنّ الثابت في هذه المناسبة هو اللجوء إلى الصيام والدعاء تيمناً بقدسية هذا اليوم عقائدياً.

شارك المقال