أحداث عين الحلوة… “بروفة” استباقية تُقلق المخيّمات الشماليّة؟

إسراء ديب
إسراء ديب

انعكست الاشتباكات العنيفة التي شهدها مخيّم عين الحلوة على اللاجئين الفلسطينيين الذين يُواجهون الأمرّين اقتصادياً واجتماعياً في البلاد، إذْ اخترقت هذه الفتنة “المتنقّلة” التي أشعلت فتيل المناوشات الهدوء النسبي في المخيم الذي لم ينعم يوماً باستقرار أمني منذ اندلاع الثورة السورية إلى يومنا هذا، كما أرخت هذه المعارك بثقلها على مختلف مخيمات اللاجئين في لبنان لا سيما الشمالية منها والتي يحمل بعضها ذكرى أليمة وراسخة دمّرت معها مخيّم نهر البارد منذ أكثر من 15 عاماً.

ويخشى بعض المتابعين من هذه الاشتباكات التي يرونها مقلقة، وقد تحمل في مضمونها رسالة “معدية” أو “بروفة” استباقية متوقّعة قد تنتقل إلى مخيّمات أخرى كمخيمي نهر البارد أو البدّاوي، لكنّ مسؤول العلاقات السياسيّة في حركة “فتح” – منطقة الشمال وعضو قيادة المنطقة فرحان عبدو المعروف بـ”أبو فراس نعاري” يُشدّد على وجود تعاون متبادل بين الفصائل الفلسطينية شمالاً، مؤكداً في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” أنّ “الأمن في الشمال يُعدّ أولوية لدينا، فلا وجود بيننا لجماعات تكفيرية أو أصولية أو تلك التي تتبنّى الفكر المتخلّف في مخيّماتنا”.

في الواقع، ترى قيادات فلسطينية شمالاً أنّ ما حصل في مخيّم عين الحلوة لن تنتهي ذيوله، في وقتٍ تستجيب فيه هذه القيادات بالمشاركة مع أجهزة محلّية لبنانية لضغوط داخلية وخارجية لوقف هذه المعارك التي تتنافى مع الأخلاقيات ومبادئ الانسانية، من هنا يعتبر عبدو أنّ “لا أحد يُمكنه أن يرضخ لمقتل قيادي لدينا، فلا بدّ من أن ينال المجرم القصاص العادل من المحكمة اللبنانية بعد ارتكابه هذه الجريمة في المخيم الموجود منذ العام 1948، والذي لم يكن يشهد أيّ ظاهرة تكفيرية إلّا في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة بعدما بات مركزاً لاستقطاب إرهابيين من العراق، سوريا ومناطق لبنانية مختلفة، وفي السنوات التي سبقت عام 2011 وجدت مجموعة إرهابية تغتال أفراداً لكن من خارج المخيم ضمن حسابات معروفة حينها لدى الجميع”.

يُمكن القول، إنّ مخيّم عين الحلوة الأكبر في لبنان، لا يُشبه مخيّمي البداوي أو البارد الذي تُسيطر عليه السلطة اللبنانية كما تغيب عنه الأسلحة أساساً، لكن “هناك فصائل فلسطينية في مخيم البداوي تسهر ليلاً وتعمل جاهدة نهاراً لضبط أمن مخيّمها”.

وفق المعطيات، عُقدت لقاءات بين أجهزة لبنانية وفلسطينية منذ أكثر من 48 ساعة، طمأن فيها الفلسطينيون الدّولة وأبلغوها استعدادهم للرصد وتبادل المعلومات حول احتمال إيجاد خلايا نائمة أو شخصيات خطيرة في المخيم أم لا، أيّ أنّهم يقفون بالمرصاد لأيّ حركة مخلّة، وذلك منعاً لجرّ مخيّمات الشمال إلى أيّ فتنة قد تحصل ضمن أيّ مربّع أمني آخر، حفاظاً على أمن الشماليين من جهة، والفلسطينيين قطعاً من جهة ثانية، ما دفع الفصائل إلى إجراء مسح ميدانيّ منذ فترة لكلّ القاطنين في مخيّم البداوي مع تنفيذ مداهمات وتسيير دوريات وتعليمات قائمة على تفتيش كلّ سيارة ومراقبة كلّ إنسان من خارج المخيّم “لأننا لن نسمح بوجود سلاح أو بدخول شخصيات غريبة ولو بصورة متقطعة ومشبوهة إلينا، كيّ لا تلجأ مجموعات هاربة من عين الحلوة إلى البداوي مثلاً”، بحسب مصادر المجتمعين، مشيرة إلى وعد أطلقته جهات لبنانية وفلسطينية بتسليم القتلة ضمن مهلة زمنية محدّدة (لن يتمّ الاعلان عنها) رأفة بأهالي صيدا، لكن وفق شرط أساس يكمن في أهمّية حصول عملية التسليم ضمن المهلة المحدّدة وإنْ لم يحصل ذلك، فلن تهدأ أو تستكين حركة فتح “أيّ أنّنا سننفذ الأمر بأيدينا ونستأصل هذا السرطان الخبيث، فمن حقّ الشعب الفلسطيني أن يرتاح كذلك اللبناني الذي لديه هواجس محقّة”.

وفي ختام حديثه، يوضح عبدو أهمّية الأمن الاستباقي الذي يحدث شمالاً، معتبرًا أنّ منظمة التحرير وحركة “فتح” هما “صمام الأمان للشعب الفلسطينيّ الذي يستحقّ العيش بكرامة واستقرار لأنّه صاحب قضية”.

شارك المقال