بيروت تصرخ في الذكرى الثالثة لتفجير المرفأ: عيب

هيام طوق
هيام طوق

تطغى أجواء الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت التي تصادف اليوم الجمعة على المشهد الداخلي، وتخرق الجمود الحاصل على المستويات كافة، إذ يؤكد أحد أهالي الضحايا أن التحضيرات هذه السنة كانت استثنائية، والمشاركة ستكون أكثر من العامين السابقين، ومن المتوقع حضور بعثات ديبلوماسية أجنبية بعد توقف التحقيق منذ سنة، وسبق أن أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا أنها ستشارك والسفارات المعتمدة في لبنان والوكالات الدولية العاملة في الوقفة التضامنية اليوم في المرفأ للتأكيد على عدم نسيان الضحايا، والوقوف الى جانب عائلاتهم في المسار القضائي وصولاً الى الحقيقة والعدالة.

الذكرى وطنية وإنسانية بامتياز، وكلما مرّت عليها السنوات، اتّسعت رقعة المطالبة بتحقيق العدالة، والأهالي يؤكدون في كل مناسبة “أننا لن نتراجع قبل معرفة الحقيقة حتى لو تطلب كشفها عشرات السنين”، وأنهم يلمسون تقدماً “دولياً في هذا الملف، واتّكالنا على الجميع لمساندتنا من أجل الوصول الى الحقيقة الكاملة ومحاسبة المتورطين”.

اليوم الرابع من آب 2023، يوم حداد وطني تقفل فيه الادارات العامة وتنكّس عليها الاعلام، وتمنى أهالي الضحايا، تضامن كل اللبنانيين الذين يؤمنون بالعدالة، معهم في هذه القضية، واعتبار هذا اليوم، يوم حداد وليس يوم عطلة لأن ضحاياهم ليسوا أرقاماً. ودعوا الى تنظيم تحركات احتجاجية في مختلف دول العالم بالتزامن مع التحرك في بيروت، وهذا ما أكده العديد من الهيئات والمنظمات المعنية التي ستنظم وقفات تضامنية في عواصم الدول تحت شعار “معاً من أجل لبنان وضحايا جريمة تفجير مرفأ بيروت”.

وتوزع برنامج الذكرى هذه السنة على ثلاث محطات محلية أساسية: في اليوم الاول، أحيا فوج إطفاء بيروت الذكرى السنوية الثالثة لشهداء الفوج، برعاية محافظ بيروت مروان عبود، في ثكنة فوج إطفاء بيروت – الكرنتينا . أما في المحطة الثانية، فرأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، القداس الالهي في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت وصولاً الى اليوم المحطة الثالثة حيث ستنطلق مسيرة سيارة بدعوة من “تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري إنفجار مرفأ بيروت”، من قصر العدل في اتجاه مرفأ بيروت وصولاً الى بوابة الشهداء رقم 3 حيث ستكون المساحة مفتوحة للأهالي للكلام والتعبير قبل أن تلقى الكلمة الرسمية عند الساعة 5,55 دقيقة ليتم بعدها الدخول الى حرم المرفأ في اتجاه النصب التذكاري للشهداء لوضع إكليل من الزهر، والصلاة على أرواح الضحايا، في توقيت الإنفجار. كما ستنطلق مسيرة من أمام فوج الاطفاء في الكرنتينا، وصولاً الى تمثال المغترب مقابل الاهراءات تحت شعار “من أجل العدالة والمحاسبة.. مستمرون”، بدعوة من جمعية أهالي ضحايا الانفجار، بالاضافة الى مسيرة شموع واطلاق عيادة 4 آب، بدعوة من منظمة القمصان البيض TWCO بالتعاون مع مجلس نساء بيروت، على درج كنيسة القديس نقولا – الأشرفية.

وفيما سيتوحّد اللبنانيون بالصلاة على أنفس الضحايا، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أئمة وخطباء المساجد في لبنان الى تخصيص خطبة الجمعة عن انفجار مرفأ بيروت، وأن تتزامن إطلاق التكبيرات في المساجد مع وقت وقوع الانفجار عند الساعة السادسة والدقيقة العاشرة. وسأل: “ألا يستحق أهالي الضحايا والجرحى والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت تخصيص جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية لاطلاع الرأي العام على آخر ما توصلت إليه التحقيقات القضائية والمعطيات الأمنية في هذا المجال لإراحة كل اللبنانيين؟”.

وعشية الذكرى، تعدّدت أوجه التضامن وتنوعت، لكن اللبنانيين الذين نزلوا ذات يوم الى الشارع بمئات الآلاف، ولم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم، باتوا اليوم يتضامنون بصورة رمزية، لكنه تضامن كبير وعميق جداً، والتحدي اليوم في تجاوز مرحلة التضامن الى الفعل، والفعل في يد القضاء. وأقدم أمس، عدد من الناشطين على اقتحام قصر العدل في بيروت حيث قاموا بطبع صور المسؤولين المتهمين بملف تفجير المرفأ على أرض قصر العدل، تذكيراً للجهات المسؤولة بضرورة متابعة الملف.

وفي هذا السياق، اعتبر أحد المدافعين عن حقوق الانسان أن “من المعيب على القضاء وعلى السياسيين وعلى الدولة بعد مرور 3 سنوات على أكبر تفجير غير نووي في التاريخ، أن لا تتحدد المسؤوليات، ولم تظهر الحقيقة، ولم يتم التعويض على أهالي الضحايا والجرحى لا مادياً ولا معنوياً. وبالتالي، على الشعب اللبناني اليوم أن يصرخ في وجه جميع هؤلاء: عيب. الشعب اللبناني بل المجتمع الدولي متعاطف مع قضية تفجير المرفأ، والوجع موجود في القلوب، لكن القضية كبيرة جداً، وتتطلب تضامن اللبنانيين في الداخل والخارج، لأنه مهما مرّ الزمن على قضية لن تموت اذا كان وراءها مطالب. وفي الخلاصة، يجب الاستمرار في المطالبة بمعرفة الحقيقة كاملة، والتمسك بقضية العصر مهما كلّف الأمر”.

ورأى أحد المعنيين في قضية تفجير المرفأ أن “المعركة طويلة على كل المستويات خصوصاً أننا في مرحلة مواجهة تغيير هوية لبنان وليس عرقلة التحقيق فقط. المشهدية واضحة المعالم، ان الشعب يواجه جريمة منظمة مستمرة، وعليه الضغط في اتجاه تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية يقرها مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة، وهذا مسعى يتقدم على كل المساعي. الذكرى الثالثة تأتي في ظل تفريغ المؤسسات الدستورية من كل مكوّناتها بدءاً بالشغور الرئاسي مروراً بالشغور في حاكمية مصرف لبنان على إيقاع تدهور أمني في مخيم عين الحلوة لحسابات مشبوهة لتعكير صفو الأمن في لبنان، واستخدام المخيمات لأجندة غير لبنانية، وعلى ايقاع استمرار تعطيل التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت على مستوى القضاء اللبناني مع اندفاعة دولية يقودها المغتربون والقوى السيادية والاصلاحية التغييرية في لبنان للدفع في اتجاه تشكيل لجنة مستقلة دولية لتقصي الحقائق”.

شارك المقال