وشاة وواهمون ينتظرون “الرص” الأميركي لبري

رواند بو ضرغم

تُبعث الروح في نفوس قليلي الوطنية مع كل رسالة أميركية تطالب بوضع العقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، يتنفسون الصعداء مع حبرها، ولكن فرحتهم لا تتم في كل مرة وتبقى أضغاث أحلام وأمنيات.

بعثت لجنة الخارجية في الكونغرس الأميركي برسالة الى الرئيس جو بايدن، تطالب بفرض عقوبات على الرئيس بري بعدما أثبت، حسب قولها، أنه مجرد امتداد لـ”حزب الله” واستخدم الاجراءات البرلمانية لمنع انتخاب رئيس للجمهورية.

يعلم الرئيس بري أن هناك نواباً يزورون الولايات المتحدة مطالبين بفرض العقوبات على شخصيات سياسية مصنّفة أخصاماً لهم. وسبق أن جزم بأن لا صحة للحديث عن عقوبات ولم يجرؤ أحد على أن يبلّغه بها.

فالقنوات الأميركية الرسمية التي تزور عين التينة، تكون حريصة دائماً أمام الرئيس بري على الفصل ما بين رسائل النواب وسياسة الادارة الأميركية وخارجيتها، ولم تأتِ مطلقاً أمامه على سيرة العقوبات، ما يؤكد أن موقف الادارة الأميركية تجاه الرئيس بري خالٍ من أي ضغط أو كيدية أو انصياع للوشايات الوضيعة.

فمن يعتقد أن العقوبات تؤثر على مسار الرئيس بري ونهجه، مخطئ ويراهن على خراب لبنان. وتحيل مصادر قريبة من عين التّينة الواشين على حلفائهم الدوليين الذين يرون في الرئيس بري ضمانة للاعتدال والسلم الأهلي والعيش المشترك. وتنصحهم بمراجعة التاريخ السياسي ومواقف بري وعلاقاته، ليقتنعوا بأنه لم يخضع يوماً لابتزاز، ولم يساوم قط على مصلحة وطنية، لا بل العكس فإنه يهوى اللعب الوطني في حقل ألغام الضغوط والتهويل ويزيد إصراراً على نهجه، وهو من قال يوماً: “أنا بري ما بحلى بالرصّ”. لذلك، فإن كل هذه المحاولات الترويجية والضغط بالعقوبات لا أثر لها في حسابات رئيس المجلس النيابي.

أما عما تضمّنته الرسالة من أن بري يشكل امتداداً لـ”حزب الله”، فتقول المصادر نفسها لموقع “لبنان الكبير”: “إن رئيس حركة أمل تمايز عن الحزب في رئاسة ميشال عون، وبقي ضده في انتخابه والسنوات الست التي تلت، لقناعة سياسية منه بأنه سيكون للعهد رئيسان، ومن جرّب مجرّب كان عقله مخرّب، ثبُت بعد حين من انتخاب عون أن بري كان على حق، وندم الجميع على انتخابه”.

لم يقتصر الاختلاف بين الثنائي الشيعي على رئاسة ٢٠١٦، إنما تعداه ليصل مؤخراً الى الحاكمية، بحيث رفض “حزب الله” و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” تعيين بديل عن الحاكم المركزي، أما الرئيس بري فبقي مع التعيين على اعتبار أن تعطيل الحاكمية خسارتها أكبر على البلاد واقتصادها ومواطنيها وعملتهم ولقمة عيشهم. والاختلاف بين حركة “أمل” و”حزب الله” طال التشريع أيضاً، من مشاريع القوانين والاقتراحات، بحيث إن الحزب يساير رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في موسم المفاوضات والمقايضات على الرئاسة، أما الرئيس بري فلا يقايض على قوانين ضرورية ولم يتخلَ عن مرشحه منذ ما قبل الـ٢٠١٦ حتى يومنا هذا.

وبالعودة أكثر في التاريخ الى الوراء، فبري هو العين التي قاومت مخرز العدو الاسرائيلي وانتصر، يومها لم يكن بعد من وجود لـ”حزب الله”. فعن أي امتداد يتحدث الواشون والمستفيدون الخارجيون؟

يبررون لرئيس “القوات” سمير جعجع كلامه عن تعطيله أي جلسة قد توصل مرشح الممانعة الى سدة الرئاسة، ويقولون إنها زلة لسان أم كلام انفعالي، من ثم يستهدفون الرئيس بري لممارسة هذا الحق الدستوري.

وعليه، تعتبر مصادر قريبة من عين التّينة أن الكيل بمكيالين يدمر لبنان وديموقراطيته، والدستور هو الفصل والحكم. يكفي أن الكيد السياسي دمر المصارف وأحيا الاقتصاد النقدي، ليُدركوا اليوم أنهم أخطأوا… هل سيكررون الخطأ بالاقدام على فرض العقوبات على رئيس بحجم الرئيس بري؟ ساعتئذ ينقلب الوضع رأساً على عقب ويصبح لبنان على غير ضفة، وتبقى في صدر الرئيس بري عبارة تُثلج قلبه، “يبلوا عقوباتهم ويشربوا ميّتها”.

شارك المقال