رسالة الكونغرس بشأن لبنان الى بايدن… دعم أم وهم؟

هيام طوق
هيام طوق

عشية الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، أرسلت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، رسالة إلى الرئيس جو بايدن، سلطت الضوء على شكوكها في النهج الأميركي الحالي تجاه لبنان، وأن “على الادارة الأميركية استخدام كل الوسائل الديبلوماسية المتاحة لتقديم المصالح الأميركية وإلاّ سيسقط لبنان في قبضة إيران”، داعية إلى مساءلة أقوى، لاسيما في ما يتعلق بتفجير مرفأ بيروت المأساوي.

الرسالة التي وقّعها رئيس اللجنة السيناتور جايمس ريتش، وصفها البعض بأنها تحذيرية، لكنها تهويلية، ولن يكون لها أي تأثير كما حصل مع بعض الرسائل المشابهة، فيما اعتبرها البعض الآخر بارقة أمل في أن تضع الادارة الأميركية، لبنان ضمن أولوياتها بحيث شددت اللجنة في رسالتها على حاجة الولايات المتحدة إلى دعم أفضل لمرشحين سياسيين ذوي مصداقية ومجتمع مدني قوي، وزيادة العقوبات على المسؤولين اللبنانيين الفاسدين، مشيرة الى استمرار فشل مجلس النواب اللبناني في اختيار رئيس، وخصّت رئيس مجلس النواب نبيه بري، منتقدة اصطفافه مع “حزب الله”، داعية الى الحد من تخزين أسلحة “حزب الله” في المناطق المدنية، وأيّدت استمرار دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني.

لكن كيف يقرأ المطّلعون هذه الرسالة وما هي أهميتها؟ وهل يمكن أن تثمر نتائج إيجابية أو لها تداعيات سلبية أو أنها لن تقدم ولن تؤخر في المشهد اللبناني؟

أوضح مدير التحالف الأميركي – الشرق أوسطي للديموقراطية توم حرب في تصريح لـ “لبنان الكبير” أن “رسالة ريتش الى بايدن في ذكرى انفجار مرفأ بيروت، مهمة جداً، وتناولت 5 نقاط مهمة: أولاً، خطر الوجود الايراني في لبنان. ثانياً، تحذيره من تخزين أسلحة حزب الله في أماكن سكنية. ثالثاً، فرض عقوبات على شخصيات لبنانية في حال استمرت عرقلة الانتخابات الرئاسية، وهذه المرة الأولى التي تطلب فيها شخصية أميركية بهذا المستوى، فرض عقوبات، اذ ان ريتش أعلى مسؤول في اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ وهو عضو في لجنة المخابرات الأميركية، ولديه معلومات مهمة وكثيرة. رابعاً، التمويل الايراني لحزب الله اذ يحاول ريتش من خلال الرسالة، الضغط على بايدن لوضع قيود اضافية على ايران في تصديرها للنفط. خامساً، دعم الجيش، وهناك عدة آراء في الكونغرس حول هذا الموضوع. عدد من أعضاء مجلس الشيوخ يقولون ان الجيش أصبح الى حد ما وسيلة بيد حزب الله في حين أن آخرين يفضلون الاستمرار في دعم الجيش على اعتبار أنه المؤسسة الوحيدة القائمة”، مشيراً الى أن “هذه الرسالة، تضاف اليها رسالة أخرى من 3 نواب من البرلمان الأميركي للرئيس بايدن، تتناول معرقلي الانتخابات الرئاسية في لبنان ومعطليها، وأنه يجب على الادارة وضع العقوبات على هؤلاء”.

ولفت حرب الى أن “الادارة الأميركية الحالية تختلف عن سابقتها التي وضعت عقوبات على بعض الشخصيات الذين أعاد الشعب اللبناني انتخابهم في الانتخابات النيابية، لذلك، على اللبنانيين، بدل توجيه اللوم الى الأميركيين، أن يسالوا أنفسهم ماذا يفعلون؟ النواب في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب كما النواب الأوروبيون، يريدون أن يطرح الجانب اللبناني الحلول كي يجدوا طريقة للمساعدة، لكن الى اليوم، لم نرَ أي طرح لهذه الحلول خصوصاً منذ الانتخابات النيابية الاخيرة. ولم تتنقل أي مجموعة نيابية من السياديين بين عواصم الدول المؤثرة ، لتتحدث عن خطورة الوضع في لبنان، ثم يتم الاتفاق على خطة ما لوضع البلد على السكة الصحيحة”.

وسأل: “هل سيرسل النواب اللبنانيون رسالة شكر الى مجلس الشيوخ والنواب الأميركيين الذين يدفعون نحو انتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل سيشكرونهم على رسائل الدعم الموجهة الى بايدن؟”، معتبراً أن “النواب السياديين يتحملون مسؤولية غياب الخطط الاستراتيجية، وهم لم يتحدثوا خلال جولاتهم في الخارج الا عن اللاجئين السوريين في لبنان. وكان رأي النواب هنا، لماذا لا يتم فصل حزب الله عن المناطق الأخرى في لبنان والمؤسسات كي تنطلق المبادرات في الخارج؟ هذا الرأي العام في الكونغرس ومجلس الشيوخ”.

وتمنى حرب على “النواب السياديين أن يحددوا مطالبهم الأساسية اذ يتساءل الأميركيون هنا: هل يمكن أن يرسل النواب اللبنانيون رسالة مماثلة لبايدن أي كتلك التي أرسلها ريتش؟ نحن في انتظار الأجوبة من النواب الذين يمثلون الشعب اللبناني”.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أن “الملف اللبناني ليس من أولويات الولايات المتحدة الأميركية، والقوى الحليفة لهذا المحور تفتقر الى الدعم الفعلي في ظل صعوبة المعركة حول الاستحقاق الرئاسي والتي تحولت الى أزمة خيارات حول أي لبنان. هل لبنان ضمن محور الممانعة أو سيبقى لبنان الحر، المستقل، المنفتح الذي يفترض أن يلعب الدور الذي اختير له في ميثاق جامعة الدول العربية وشرعة الأمم المتحدة أي أرض تلاقٍ وحوار وتقاسم الثقافات، وبالتالي، الاقتصاد الحر الذي يؤدي وظيفة متقدمة بين الشرق والغرب؟ حتى الآن، يمكن القول ان القوى السياسية التي تعوّل على الدعم الأميركي وعلى العالم الغربي والعربي انما هي قوى يتيمة حيث لا دور سعودياً واضحاً ولا الدعم الأميركي المطلوب الذي عبّرت عنه الرسالة متوافر. هذه القوى لم تعد ترسملها البيانات بقدر ما هي في حاجة الى أفعال، وخطوات عملية خصوصاً أن محور الممانعة لا يزال على دعمه الكبير لتحقيق مآربه وغاياته، والدليل أن ما لدى الدويلة من إمكانات يتغلب على ما تبقى من معالم دولة ونظام وربما مستقبل الكيان أيضاً”.

واعتبر أن “المرحلة الراهنة مصيرية بامتياز، واذا استمرّ هذا النهج على ما هو عليه، فإن محور الممانعة سيخطف رئاسة الجمهورية كما خطف الكثير من المواقع النافذة في الادارة والمؤسسات. وبالتالي، مع الرئيس الجديد، سيصبح أكثر قوة ونفوذاً في أخذ لبنان الى حيث يريد تحت نظر الدول المعنية بالملف اللبناني والممثلة في اللجنة الخماسية”، مؤكداً أن “هذه الرسالة بحاجة الى ثقة ومصداقية، لا توفرهما الا الادارة الأميركية بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية. الأيام والأسابيع الراهنة، محط اختبار، فإما أن تذهب الرسالة ومضمونها مع الريح أو تشكل نقطة تحوّل يمكن البناء عليها في أيلول عندما يستأنف الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان دوره في بيروت لاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة. هذه الرسالة، أضاءت شعلة ضعيفة من الأمل، فإما تطفئها رياح محور الممانعة، واما تستيقظ الادارة الأميركية مع حلفائها لدعم المحور السيادي، ورسملته بوسائل الدفاع عن لبنان الانفتاح والسيادة والحرية والاقتصاد الحر”.

وأشار علم الى أن “أميركا طرحت عناوين عريضة منذ سنوات، ولم تضعها موضع التنفيذ الى اليوم، وهذا ليس دليل ضعف بقدر ما هو دليل إهمال وأن الادارة الأميركية لا تضع لبنان في قائمة أولوية اهتماماتها. وربما لديها مخططات مستقبلية تتعلق بلبنان، وتراهن على عامل الوقت كي تصبح الظروف مؤاتية، لكن عامل الوقت لا يخدم لبنان السيادة ولا اللبنانيين السياديين بقدر ما يخدم محور الممانعة ومشاريعها.”

وقال الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان: “رسالة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، في الثالث من آب الجاري، إلى الرئيس جو بايدن، تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن رسالة وجهتها لجنة الشؤون الخارجية في الحزب الجمهوري إلى وزير الخارجية أنطوني بلينكن في حزيران الماضي بعد فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية، ولا فرق تقريباً بين الرسالتين الا اختلاف المناسبة بين حزيران وآب. طبعاً في الرسالة الأخيرة، تهديدات وتحذيرات عدة، لعل أبرزها ما تعتبره الرسالة احتمال وقوع لبنان تحت سيطرة ايران واعتبار الرئيس نبيه بري امتداداً لحزب الله”.

أضاف: “إذ تحث الرسالة على تسريع التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، فالسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا: لماذا لا تقدم الولايات المتحدة صوراً جوية للحظة الانفجار فيما الأقمار الصناعية الأميركية تختزن مئات الصور بل ربما الألوف منها؟ ولماذا لا تزود الادارة الأميركية السلطات اللبنانية بهذه الصور للمساعدة في تسريع التحقيق؟”.

ولفت شومان الى أن “الشلل الحاصل في انتخابات الرئاسة لا يتحمله طرف لبناني محدد انما الأطراف مجتمعة جراء غياب التوافق على شخصية سياسية تصل إلى القصر الجمهوري، وهو التوافق نفسه الذي كانت القوى السياسية في لبنان تعتمده قبل الحرب المشؤومة عام 1975، والتوافق هو العنصر الغائب عن المرحلة الحالية، ولذلك، عندما تدعو لجنة الكونغرس إلى التعجيل في إنتخاب الرئيس من دون التوافق المسبق، فكأنها تعمل على دفع لبنان نحو الارتطام الداخلي، وتلك هي المعضلة الكبرى”.

شارك المقال