حوار أيلول… طرفه بالخيبات مبلول؟

هيام طوق
هيام طوق

لم تمنع الملفات الساخنة والاوضاع الامنية، القوى السياسية من مواصلة تحضيراتها ودراسة خطواتها واقتراحاتها وملفاتها لملاقاة الموفد الرئاسي الفرنسي، الذي سيعود الى بيروت في أيلول المقبل، لرعاية لقاءات أو تشاور بين الافرقاء بشأن مواصفات رئيس الجمهورية المقبل وبرنامج عمله، في ظل الحديث عن تشاؤم في إمكانية تحقيق أي خرق في هذا الاطار لأن التناقضات السياسية والانقسامات لا تزال على حالها.

وبالتالي، المشاركة في حوار أيلول تقوم على غايات مختلفة، إذ أن “الثنائي الشيعي” الذي لا يزال متمسكا بمرشحه رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، يحاول استمالة الدفة نحو خياره على الرغم من ان أوساطا مقربة من “الثنائي” لم تستبعد حصول توافق بين “حزب الله” و” التيار الوطني الحر” حول اسم الرئيس قبل عودة لودريان ما يعني أن لا حاجة للحوار في أيلول.
أما المعارضة غير المتحمسة للحوار، فإن مشاركتها ستجنّبها الاتهام بعرقلة الجهد الدولي لاخراج الاستحقاق الرئاسي من حالة الجمود.

وإذا كان اللقاء لا يزال غامضا، لناحية مكان انعقاده في قصر الصنوبر أو في البرلمان، أو لناحية المشاركين فيه، إلا أن ما هو أكيد ان لودريان لن يطرح اسما للتوافق عليه، بل كل ما يقوم به عرض الخدمات لتسهيل الوصول الى مرشح مشترك، ويشدد كما مختلف الدول المعنية بالملف اللبناني على ان الخيار أولا وأخيرا في أيدي اللبنانيين، والمسؤولية تقع على عاتق القادة السياسيين والنواب.

وعلى الرغم من الجدية، التي أبداها لودريان في زيارته الأخيرة، وتأكيده انه يريد أن يجري حوارا مسؤولا، يؤدي الى انتخاب رئيس، فإن المسؤولين لا يظهرون أو يعكسون هذه الجدية، والتصريحات والمواقف التي يدلون بها خير دليل.

التكهنات والمعلومات المتناقضة تتحدث عن ان لودريان سيزور بيروت مرات عدة خلال أيلول لبلورة شكل اللقاء، وانه سيقوم أولا بالتباحث ثنائيا مع كل فريق، فيما يعتبر البعض انه سيعود في الاول من أيلول في زيارة واحدة وربما تكون الاخيرة اذا لم يلمس جدية لدى اللبنانيين.

المعارضة لا تزال تتشاور فيما بينها للخروج بموقف موحد، وتدرس الخيارات بدقة وفق التطورات والمستجدات فيما “حزب الله” و” التيار” يجريان نقاشا عميقا وجديا وهادئا علهما يصلان الى توافق، وهما الاكثر استفادة من الوقت المتاح الى أيلول.
على أي حال، فإن كل جهة تتحضر خلال شهر آب لحوار أيلول على طريقتها انطلاقا من مصالحها السياسية، علما أنّ هناك معلومات تتحدث عن أكثر من حراك نشط في الكواليس لتجهيز الأرضيّة اللازمة للتفاهم بالحدّ الأدنى قبل الوصول إلى أيلول، ومنها الدور الذي تلعبه قطر وسط التساؤل: كيف تتحضر القوى السياسية للقاء أيلول المنتظر؟ وهل باتت معالمه واضحة؟ وهل يمكن التوصل لأي خرق لبناني- لبناني قبل حلول أيلول؟

أوضح نائب رئيس الحكومة السابق النائب غسان حاصباني أن “موقفنا معروف من الحوار، نحن مع النقاش الثنائي مع الوسيط الفرنسي، ومواقفنا من مواصفات رئيس الجمهورية معروفة، وقريبة من المواصفات التي تحدث عنها بيان اللجنة الخماسية”، لافتا الى “اننا على تنسيق مع المعارضة كي يكون الموقف موحدا. توجهات قوى المعارضة متقاربة، وكل طرف أعلنها بطريقته الخاصة. نحن نتفاعل مع طروحات لودريان لكن ليس الذهاب نحو أمور جرّبناها في السابق ولم تصل الى نتائج. واذا أردنا الوصول الى نتائج عملية، فلنذهب نحو دورات متتالية لانتخاب الرئيس، وهذا الموقف الذي يتبلور حاليا، لكن لا شيء نهائي الى اليوم لأن النقاش قائم بين كل قوى المعارضة”.

وقال حاصياني: “اذا أراد الموفد الفرنسي ان يلعب دور التوفيقي، فيمكن الوصول الى نتيجة مع تأمين ضمانات المرحلة الثانية. دور المجتمع الدولي من خلال لودريان يكمن هنا حيث بعد لقاءات التشاور مع القوى السياسية حول مواصفات الرئيس النهائية، وما قد يوافق عليه أكبر عدد من النواب، تكون الخطوة اللاحقة هي الاهم أي الذهاب الى دورات متتالية لانتخاب الرئيس، وضمان حصول ذلك، وما قد يتغيّر بعد ذلك . هنا يلعب المجتمع الدولي دورا”، مشيرا الى ان “هناك بعض الاسئلة التي تحتاج الى تفسيرات، لذلك لا زلنا في حاجة الى نقاش مع المعارضة لتحديد المواقف والنقاط”.

وأكد حاصباني ان “لقاء أيلول لم يتبلور الى اليوم، ولا أعتقد انه سيستجد أي تطور على المستوى الرئاسي قبل أيلول، وكل الاجواء حاليا لا توحي بأن هناك خروقات حاليا”.

النائب محمد خواجة أشار الى أن “اللقاء في أيلول لم يتبلور بعد، ولم يعرف الى اليوم مكان انعقاده أو ما هو جدول أعماله، ربما لا يزال الوقت باكرا إذ يفصلنا عن أيلول شهر”، معتبرا أن “لا شيء واضحا على المستوى الرئاسي. ومن المعروف عنا اننا من دعاة الحوار، وفي حال حصل اللقاء في أيلول سنلبّي الدعوة بالتأكيد، والتمسك بمرشحنا لا يمنع المشاركة في الحوار الذي نتبادل خلاله في وجهات النظر والآراء”.

وسأل خواجة: “لماذا ننتظر الآخر ان كان شقيقا أو صديقا كي يدير حوارنا؟ ماذا سيغيّر في مجرى الحوار؟ هل يعرف مشاكلنا أكثر منا؟ طبعا لا. هل نحن عاجزون؟ طبعا لا. الامر مؤسف. كان علينا الحوار منذ أشهر حين دعا الرئيس نبيه بري الى التحاور. لا يجوز أن ننتظر أحدا انما الحوار يجب ان يكون لبنانيا- لبنانيا، يبدأ بالاستحقاق الرئاسي الذي هو مفتاح الحلول”، مشيرا الى “اننا ساحة مفتوحة حيث الكل يتدخل في شؤوننا، وهذا لا يجوز. البلد في تركيبته الطائفية، والولاءات الى الخارج، فلا بد اننا سنصل الى ما نحن عليه اليوم. ليس هناك من خيار في المدى البعيد الا بتغيير تركيبة النظام السياسي الطائفي، ونذهب نحو دولة الحريات والمواطنة والقانون. واذا كان هناك من أي فرد يعتقد ان الطائفية تشكل له الحماية يكون واهما. الطائفية خرّبت البلد، وما يحمينا دولة المواطنة كما يقول دستورنا”.

وشدد على ان “ما يفيدنا اتحادنا وتماسكنا، والتوافق على رؤية لانقاذ البلد اذ لا يمكن الاستمرار في هذا المسار. هل هناك من دولة في العالم تعاني من أزمة عند كل استحقاق دستوري، ومن كل أزمة يتفرّع أزمات كما يحصل في لبنان، ونستعين بالخارج؟”.
ورأى خواجة انه “في النهاية ليس امامنا خيار سوى التوافق اللبناني – اللبناني، وهنا نحمّل المسؤولية للاطراف الذين يرفضون الحوار . امامنا خيار من اثنين: اما الاستمرار في الشغور أو التحاور”.

شارك المقال