لقاء الديمان… ليس المهم المكان بل حسم الخيار للخروج من المستنقع

هيام طوق
هيام طوق

إنعقد في الصرح البطريركي في الديمان أمس، اللقاء التشاوري الوزاري، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحضور البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وشارك فيه الوزراء: بسام مولوي، فراس الأبيض، عباس الحلبي، جورج كلاس، يوسف خليل، جورج بوشيكيان، محمد وسام المرتضى، عباس الحاج حسن، عصام شرف الدين، نجلا رياشي، جورج القرم، زياد المكاري، علي حميه، أمين سلام ومصطفى بيرم.

اللقاء الذي قيل عنه الكثير، جاء “عفوياً للتشاور والتحاور في كل القضايا العامة” كما قال الراعي، فيما أكد ميقاتي أن فكرة الاجتماع كانت “بنت ساعتها” عندما اجتمعنا الاسبوع الفائت، واتفقنا على هذا اللقاء للنقاش في الأمور التي تجمع اللبنانيين، وفي مقدمها احترام الصيغة اللبنانية، والتنوع داخل الوحدة اللبنانية التي نعتبرها ثروة لبنان، مستغرباً “بعض التفسيرات التي أعطيت له واعتبار البعض أنه يشكل انقلاباً على اتفاق الطائف، علماً أن روحية اتفاق الطائف تنص على التحاور والتلاقي بين اللبنانيين”.

وبعيداً عن التفسيرات والمعاني والقراءات حول الهدف من اللقاء الوزاري في الديمان، برز ما قاله الراعي خلال ترحيبه بالضيوف إذ كشف أنه “عندما زارني الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للمرة الأولى قلت له كل ما تسمعه لا يعبّر عن الحقيقة. نحن جمهورية ديموقراطية برلمانية، وهناك مرشحان للرئاسة، فليقم النواب بواجباتهم في الاقتراع، فإما ينتخب رئيس أو لا ينتخب، وفي ضوء النتيجة يصار الى حوار واتفاق على مرشح ثالث”.

وبعد اللقاء الذي وصفه أحد الوزراء لموقع “لبنان الكبير” بأنه “استثنائي ليس بقراراته وبيانه انما بالمكان الذي يجسد، تاريخياً، قيمة معنوية ووطنية كبيرة، لذلك، طغى الجو الروحي والانساني على النقاش والتحاور بين الوزراء”، أصدر المجتمعون بيانا من خمس نقاط، شددوا فيه على “وجوب الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، والتشبّث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة، والتعاون الصادق بين المكونات اللبنانية لبلورة موقف موحّد من أزمة النزوح السوري في لبنان، والدعوة الى التشبث بالهوية الوطنية، وإلى حوار حياةٍ دائم بين المواطنين”.

لكن ما أهمية البيان الصادر من الديمان خصوصاً أنه لا يحمل جديداً؟ وماذا قصد الراعي في كلامه للموفد الرئاسي الفرنسي حين التقى به أن “كل ما تسمعه لا يعبّر عن الحقيقة؟”.

قال نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي: “لا ننتظر من اللقاء أكثر مما صدر عنه، اذ يهدف الى اعادة اشعار المرجعية المسيحية الأولى في لبنان التي يجمع اللبنانيون من كل الطوائف على دورها وتمثيلها للطوائف المسيحية، أنها موجودة، وأن غياب المعركة لانتخاب رئيس للجمهورية لا يعني غياب الدور المسيحي في لبنان”.

وتساءل: “وفق أي منطق نطلب من الأطراف أن تتخلى عن مرشحيها لمصلحة طرف ثالث طالما نحن في بلد ديموقراطي الا من خلال التوافق والحوار؟ عملياً هناك كلام نظري وهناك كلام واقعي. الكلام الواقعي يقول اننا في دولة ديموقراطية برلمانية، ما يقتضي حصول انتخاب الرئيس في البرلمان، لكن في ظل الانقسام العمودي في المجلس النيابي، ولسنا بصدد الذهاب الى تقصير مدة ولاية المجلس، ما هو البديل؟ الحوار. من يدير هذا الحوار؟ طرف ثالث ما سواء محلي أو خارجي”.

واعتبر رئيس “المركز الاسلامي للدراسات والاعلام” القاضي الشيخ خلدون عريمط أن “هذا التحرك يتكامل مع الجهد الذي يبذل لتدعيم الوحدة الوطنية والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وضرورة التحاور والتلاقي لتضييق الهوة بين الكتل السياسية. هذا اللقاء التشاوري سواء عقد في الديمان أو لدى أي مرجعية اسلامية أو مسيحية، لدينا قناعة بأن المراجع الدينية الاسلامية والمسيحية متوافقة على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية، وعلى تحصين وثيقة الوفاق الوطني التي هي وثيقة الطائف، وعلى ضرورة الحوار بين القوى السياسية لأن هذا الوطن لم يعد يتحمّل هذه المناكفات السياسية التي أوصلت لبنان الى ما وصل اليه من فراغ رئاسي وحكومي وفقدان الثقة بين المواطن والسلطة السياسية”.

وأشار الى أن “القضية ليست أن يعقد هذا اللقاء التشاوري هنا أو هناك انما القضية أن تحسم القوى السياسية خيارها نحو الخروج من هذا المستنقع المذهبي والطائفي، والدخول جميعاً الى رحاب المواطنة والى تدعيم ثقافة المواطنة لا ثقافة الطوائف أو المذاهب التي لا تؤدي الا الى مزيد من التفكك بين أبناء الأسرة اللبنانية الواحدة”، آملاً “من حكومة تصريف الأعمال أن تحسم خيارها في الاتجاه نحو التنمية وملء الفراغ في الادارات، ومن المجلس النيابي أن يسارع الى حسم خياره بانتخاب رئيس لبناني لا ينتمي الى محور هنا أو محور هناك”.

أضاف: “صحيح أن المجلس النيابي يقع على عاتقه انتخاب الرئيس والاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة يشكل حكومة جديدة، لكن هذا لا يعفي حكومة تصريف الأعمال من أن تقوم بالحد الأدنى لرفع المعاناة عن الناس وتخفيف الغلاء والبطالة والخوف وعدم الاستقرار الذي يعيشه لبنان. صحيح أن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال محدودة، لكن الحكومة سواء كانت حكومة كاملة الأوصاف القانونية أو حكومة تصريف أعمال، المهم أن تكون في خدمة الوطن والمواطن، وتسعى الى ملء الفراغ الذي فرض على لبنان نتيجة المناكفات بين الكتل المرتبطة بمحاور اقليمية خارجية. المهم أن تتكامل الكتل وتحسم خيارها الوطني، وأن تكون لديها أولوية مطلقة: لبنان وسيادته وحريته وجيشه وسلطة الدولة على الأراضي اللبنانية”.

ورأى عريمط أن “البطريرك أراد أن يقول ان هناك مرشحين اثنين للرئاسة، فليفتح المجلس النيابي أبوابه، وتستمر الجلسة في دورات متتالية، ولا يطيّر نصابها، الى حين انتخاب الرئيس من المجلس النيابي بإرادة وطنية لبنانية داخلية، وكأنه يقول لا تنتظروا أن ينتخب رئيس البلاد من الخارج انما يجب أن ينتخب من النواب، وتبقى الجلسات مفتوحة ليل نهار لانتخاب رئيس يحظى بالأكثرية النيابية ولتأخذ الديموقراطية مداها لانتخاب رئيس يراعي أولاً وأخيراً مصلحة لبنان السيد، الحر، المستقل، المتعاون مع أشقائه العرب ومع كل الدول الصديقة للبنان”.

شارك المقال