بعبدا بعيدة… بين تذاكي باسيل وتراخي الحزب وحسابات “القوات”

رواند بو ضرغم

“حزب الله” و”القوات اللبنانية”، يعلمان أن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يكذب ويراوغ، وكلاهما لا يثقان بالتزاماته، الا أنهما يحتاجان اليه لقلب المعادلة الرئاسية. أما هو فيعمل وفق ما يراه لمصلحته ويفاوضهما ويقايضهما لتمرير الوقت، وإسقاط الحظوظ الرئاسية لقائد الجيش جوزيف عون واجتياز ما تبقى له من خدمة، ليذهب الى منزله قائداً سابقاً لا رئيساً للجمهورية.

تذاكي باسيل وتراخي الحزب وحسابات “القوات”، مؤشرات تؤكد أن طريق قصر بعبدا طويل جداً والرئاسة مستحيلة، وكلام باسيل عن اتفاق أولي مع “حزب الله”، هو مناخ مصطنع أكثر من أن يكون مستنداً الى وقائع ايجابية عملية قد تنهي الشغور، وفق ما قالته مصادر سياسية بارزة لموقع “لبنان الكبير”، فيوهم الحزب بأنه يتقدم معه في الحوار، ويترك باب مخرج مع قوى المعارضة، والهدف المماطلة وشراء الوقت.

أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فعبّر عن الواقع الحقيقي بالقول: “لما يصير في نتائج لحوار الحزب والتيار، اسألوني اذا كنت مرتاح”. وهذا يدل على أن تذاكي باسيل يقف عند باب عين التينة ولا يمر على قاطنه.

الاستدارة المرجِّحة لم تحصل بعد، لا باسيل قبِل بسليمان فرنجية ولا “حزب الله” تنازل عنه. أما مسعى المبعوث الفرنسي الخاص جان ايف لودريان لجمع الأطراف اللبنانية على طاولة قصر الصنوبر، فأُسقط بضربة من رئيس “القوات” سمير جعجع، بحسمه أن الحوار الكبير مرفوض لأنه شارك في حوارات وطنية من قبل، و”التوبة”!

ترى قوى المعارضة وعلى رأسها “القوات اللبنانية” في بيان الدوحة مرجعية، للتلطي خلفها وضرب مسعى المبعوث الفرنسي المكلف من الدول الخمس حل الأزمة الرئاسية ونسج التوافقات على المواصفات بين القوى المتخاصمة.

جزم رئيس مجلس النواب بأن لودريان نقل اليه الموقف الخماسي بإجراء حوار وطني شامل، لا حوارات متفرقة، لا بل قال إن لودريان كان يفترض أن يوماً واحداً كافٍ لإنهاء الحوار والانتقال بعده الى مجلس النواب، فنصحه الرئيس بري بإعطاء الحوار يومين لكي تدور النقاشات بين الكتل وتتعمّق، وتكسر الانقسام لمصلحة الوحدة الوطنية والتوافق.

بوصلة رئيس الحزب “الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ثبّتت الحوار الجامع لا المتفرّق وركّزت دعائمه، وكذلك رئيس “التيار الوطني الحر” أبدى انفتاحاً على أي حوار جدي ويؤدي الى نتيجة فعلية.

أما المعارضة فانطلقت من ثابتتين، أولها أن أي حوار محل المؤسسات الدستورية مرفوض جملة وتفصيلاً؛ وثانيها متمثل برئيس من مواصفات ميشال معوض وجهاد أزعور. فإذا كان هدف السعي إيجاد مرشح توافقي، ليس بالضرورة وفق مصادر المعارضة أن يكون بالحوار، إنما يكفي الالتزام بالآليات الدستورية.

لا تزال قوى المعارضة في المربع حيث انتهى بيان الدوحة، الذي لم يُشر الى حوار، إنما نصّ على التزام الآليات الدستورية تحت مجهر الاجراءات بحق المعطلين. وعلى مقياس المماطلة الباسيلية والرفض القواتي للحوار الوطني ودعم الثنائي الشيعي لفرنجية حتى النهاية، يظهر أن الرئاسة تجمّدت وحرارتها وصلت الى درجة ما دون الصفر.

شارك المقال