نحو المواجهة غير التقليدية… هل تسعى المعارضة لجبهة سياسية وطنية؟

هيام طوق
هيام طوق

يبدو أن الحوادث المتنقلة خصوصاً في عين إبل والكحالة ستكون لها مفاعيل أو تداعيات على المستوى السياسي، إذ كشف مصدر معني لموقع “لبنان الكبير” أن “الاتصالات قائمة ليل نهار، وعلى مدار الساعة بين قوى المعارضة للتوصل الى قرار أو خيار أو تحرك أو خطوة للمواجهة السلمية لكن غير التقليدية لأن البلد أصبح في دائرة الخطر الوجودي والكياني”. وفي هذا الاطار، قال رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل: “لبنان في موقع خطر وقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة، ولسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيات مسلّحة في لبنان، وهذا ستتبعه خطوات عملية واجتماعات للمعارضة وقرارات، وبالتالي، نطلب من المعارضة الانتقال من الأسلوب التقليدي في العمل السياسي إلى موقع آخر وجودي كياني أساسي، فلبنان مطلوب منه أن يأخذ قرارات استثنائية”.

إذاً، تجري الاتصالات المكثفة بين الأحزاب المعارضة والمجموعات والتكتلات النيابية، لنقاش خطوات منسقة للمرحلة المقبلة، من ضمنها عقد جبهة سياسية واسعة على طريقة لقاء “البريستول” عندما أطلقت شرارة مواجهة الاحتلال السوري عام 2005، كما هناك طرح لتشكيل وفد، والتوجه إلى الأمم المتحدة قبل تاريخ 31/8/2023 لأن مجلس الأمن سيجتمع من أجل التجديد للقوات الدولية في لبنان. وكان الجيش اللبناني نظم زيارات للملحقين العسكريين في الجنوب للتأكيد أن لبنان يحترم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لتقديم شكوى بأن هناك جهات في لبنان لا تحترم هذه القرارات، وما حصل في الكحالة خير دليل.

واعتبرت “الجبهة السيادية من أجل لبنان” بعد اجتماعها الاستثنائي أول من أمس، أن “لا خروج من أزمتنا الا من خلال سحب السلاح من يد حزب الله شأنه شأن كل الأحزاب اللبنانية، ولا حلول خارج إطار الدولة ومؤسساتها”، مؤكدة أنها “تتمسك بالتكاملية الإسلامية – المسيحية، ولن تحيد عن قناعتها هذه، فالأزمة في لبنان ليست أزمة طائفية ولا مذهبية بل أزمة سلاح”.

وسط كل ما يجري، وتأكيد أحد المعنيين لـ “لبنان الكبير” أن هناك مجموعات عديدة تؤيد فكرة قيام جبهة وطنية، لا بد من التساؤل: ما هي الخطوات غير التقليدية التي يمكن أن تتخذ في المرحلة المقبلة؟ وهل هناك إمكان لتأليف جبهة وطنية تحت العنوان السيادي؟

رأى الوزير والنائب السابق إيلي ماروني أن “الحلول التقليدية أنتجت مزيداً من التعنت في مواقف حزب الله، ومزيداً من نشر السلاح على الأراضي اللبنانية. وبالتالي، آن الاوان لأن يكون هناك تحرك متحد ومدروس وخارج عن الاطار المألوف، وكل الاحتمالات القانونية والشرعية والدستورية مفتوحة لمعالجة الواقع الذي ننزلق الى قعره بسبب أداء حزب الله. لا ننسى أن لقاء البريستول واجتماعات المعارضة حينها أديا الى الانسحاب السوري من لبنان والى انتخابات برلمانية حرة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن كان يجب أن تستمر لتبني وطن دولة ومؤسسات وقانون وعدالة”.

وأمل من خلال ما يحصل اليوم “أن تقف المعارضة وقفة تضامنية جبارة نحن في حاجة اليها لانقاذ ما تبقى من الوطن”، مشيراً الى أن “الكل سيجتمع مع الكل والكل سيتواصل مع الكل، وكل الاحتمالات مطروحة انطلاقاً من الحالة السياسية، وما حصل في الكحالة يمكن أن يكون بداية لانتفاضة شعبية، تتوسع في رفضها لاستباحة الشرعية اللبنانية”. ولم يستبعد “أن نرى تحركات على الأرض طالما القانون يسمح بذلك، وربما الشارع بات بحاجة الى أن يقابل بشارع لأن كل الوسائل استنفدت، ولم يعد مقبولاً الاستنكار والادانات والتعبير عن الرأي خلال مقابلات صحافية، في ظل دولة غائبة”.

وأوضح أن “الجبهة في حال تشكلت، سيشارك فيها قيادات وأصحاب رأي وفكر من كل الطوائف. ستكون ببعدها الوطني والشامل الرافض لهذا الواقع الذي أنهى لبنان ودوره الاقليمي والعربي والعالمي. في كل دول العالم حين يحصل الانقلاب أو يسقط النظام أو السلطة، يسقط أولاً التلفزيون والاذاعة، وبالتالي، هل السلطة اليوم أسقطت نفسها بإقفال التلفزيون اللبناني الذي هو رمز الشرعية اللبنانية ورمز البلد؟ هذا صورة من صور انحدار لبنان الى القعر”.

ولفت ماروني الى أن “تشكيل الجبهة الوطنية مطروح على بساط البحث أي توحيد الجبهات في جبهة واحدة، لتواجه خطورة المرحلة، والعمل انتقل الى المرحلة الجدية، ومنذ ساعات بدأت الاتصالات، وليس هناك من أمر واضح اليوم، لكن هناك قرار بالمواجهة لأنه اذا لم تتم، فعلى الدنيا السلام”.

وأكد النائب بلال الحشيمي أن “هناك جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني الرافض لهيمنة السلاح، وللمغامرات غير المدروسة، ولا بد من حصر السلاح في يد الشرعية لأنه ليس هناك بلد في العالم يمكن أن يحمل جيشين”، لافتاً الى أن “المقاربة ربما تختلف بين أطراف المعارضة، لكن ما يجمعنا أننا نريد الدولة بمؤسساتها وجيشها. نحن مع بناء الدولة، وفي 17 تشرين، نزلت الناس الى الطرق، بهدفين: بناء الدولة ومحاربة الفساد. نحن ننضم الى أي جبهة تتوافق أهدافها مع أهداف 17 تشرين ومبادئها أي بناء الدولة”. وشدد على أن “الديموقراطية هي الأساس، ونحن اليوم نعاني من أزمة نظام، وانهيار كلي للدولة، والوضع مخيف، ولا بد من انتخاب رئيس للجمهورية، والدستور واضح في هذا الاطار”.

وقال مجد حرب: “أول خطوة نافعة تكمن في عدم التلهي بالسياسة التقليدية والانتخابات الداخلية والمحاصصة. اليوم، بعد حادثة الكحالة، تم التصويب من جديد على المشكلة الأساسية في البلد، بمعنى أنه مهما كان الاسم الذي سينتخب رئيساً للجمهورية، سيكون الحاكم الفعلي السلاح والارهاب. وبالتالي، لا يمكن للمواجهة أن تتم في صناديق الاقتراع في مجلس نواب يتحكمون به أو بإدارات عامة يسيطرون عليها، بل المواجهة الفعلية يجب أن تحصل بطريقة غير تقليدية على الصعيد اللبناني الوطني الجامع وليس على الصعيد الطائفي، وهذا ما يجب التركيز عليه. وهناك خطوة وحيدة نجحت في هذا السياق كانت 14 آذار بحيث تجلّت الوحدة في تحقيق الانجازات، لذلك، هذا هو المطلوب اليوم بالاضافة الى الاعتراف بصورة صريحة وواضحة أن مؤسسات الدولة سقطت بيد الحزب”.

وسأل: “هل ستستطيع كل أطياف المعارضة أو الذين لديهم رؤية قريبة منها أن يتحدوا في جبهة وطنية شاملة؟ في حال حصل ذلك، تبدأ النتائج الفعلية بالظهور”، معتبراً أن “علينا اليوم أن نكون واقعيين اذ ما من دولة في العالم ستهتم بنا وبمصير بلدنا اذا لم نهتم نحن بأنفسنا وببلدنا”.

شارك المقال