تحرّكات لفرض “الشذوذ” على طرابلس… ما علاقة البلدية؟

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تُفلح معارك “الحرّيات” التي تنظمّها بعض الجمعيات أو الحملات القائمة على دعم “الشذوذ” بصورة مباشرة أو غير مباشرة في فرض أجنداتها على مدينة طرابلس التي كانت ولا تزال رافضة لأيّ مشروع يُزعزع أمنها الاجتماعي ويُؤدّي إلى إحداث “خلل” في مقوّماتها الأخلاقية أو العرفية، إذْ ترفض الفئات الشعبية كما الروحية هذه المحاولات التي ظهرت معالمها منذ أيّام عن طريق بلدية طرابلس التي اتُهمت بدعم هذه الأفعال بعد إقحام اسمها وشعارها في مجموعة الدليل المدني للجندر DM gender group مع الجهات المؤيدة لتلك الأفكار “المستغربة” في المجتمع الطرابلسيّ، الأمر الذي أدّى إلى إصدارها بياناً ينفي ويرفض زجّ اسم البلدية في أيّ مجموعة منافية لأخلاقيات أهالي المدينة.

وفي اتصال مع رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدّين، شدّد لـ “لبنان الكبير” على رفضه القاطع وضع “اللوغو” الخاصّ بالبلدية ضمن هذه المجموعات، قائلًا: “أرسلنا كتاباً رسمياً سحبنا على إثره اللوغو الخاصّ بنا، وسألناهم عن هويّة من سجّل هذا البيان ولم نعرفه حتّى اللحظة، لكنّنا نبحث قدر الإمكان لنعرف من المتسبّب بهذه الحادثة، لكن يُمكن القول إنّ هذه المجموعة زارت البلدية منذ 10 أشهر تقريباً، لاجراء استبيان عن الذكور والاناث ومدى قبول الناس لبعضها البعض في المدينة”.

ووفق تعميم صادر عن البلدية في 12 كانون الثاني 2022، كان وجّه إلى جميع مصالحها، دوائرها وأقسامها تعبئة استمارة تحت عنوان “رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسيْن” في إطار البرنامج الاقليمي الذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للمرأة في خمسة بلدان عربية، وتمّ اختيار البلدية محلّياً حينها للمشاركة نظراً الى كونها ثاني أكبر بلدية، بغية “دمج وتعزيز الممارسات المراعية للنّوع الاجتماعي”، وقد أرسل هذا الرابط إلى هواتفهم بتاريخ 3/1/2023.

وفي بيان سابق، نفى قمر الدين، ما ورد في بيان صدر على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم “حالة طوارئ”، وتحدّث عن أنّ “بلدية طرابلس تهين أهلها بفضيحة دعم الشذوذ وأشكال الفواحش، من خلال مجموعة دليل مدني للجندر DM gender group”، رافضاً ما ورد في البيان، بقوله: “البلدية ليست لها أيّ علاقة بعمل هذه المجموعة ولم توقّع أو توافق على أعمالها وأنشطتها التي تتعارض مع قيم مدينة طرابلس وأخلاقياتها”. وحذر كلّ من يتطاول على أخلاقيات أهالي طرابلس وقيمهم الدينية.

وفي بيان آخر، أكّدت البلدية عدم صدور قرار عن مجلسها بشأن التعاون مع مجموعة الدليل المدني للجندر، “وسيتمّ الادعاء قانوناً على هذه المجموعة لإقحامها اسم البلدية وشعارها كعضو فيها على صفحتها من دون موافقتنا”.

وشدّد عضو مجلس بلدية طرابلس محمّد نور الأيوبي، على أنّ ما حدث لم يكن مقصوداً بالتأكيد، قائلاً لـ”لبنان الكبير”: “إنّ هذا الحدث الذي طرأ على البلدية جاء سهواً أو بطريقة غير مقصودة وفق بحث أجريته، وما حدث كان عبارة عن خطأ حصل حينما كانت تُسجّل البيانات، الا أن التراجع عنه يبقى جيّداً وصائباً، لكن أؤكد أنّ ليس هناك عضو من أعضاء البلدية يُشجّع على هذه الأمور”.

وفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ محادثات أجريت داخل البلدية لمقاضاة من زجّ اسم البلدية في هذه الفعاليات المنافية للآداب العامة أو تُشجّع عليها، “وهذا ما على رئيس البلدية القيام به والتحرّك ضدّه حالياً”.

في الواقع، إنّ بلدية طرابلس تُواجه صراعات داخلية غير مباشرة بين الرئيس والأعضاء، والتي أدّت بدورها إلى عدم حضور عدد منهم إلى جلسات البلدية بسبب شعورهم بالتهميش المستمرّ لدورهم لا في هذا العهد فحسب، بل في عهود سابقة، وتُشير معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ الرئيس كان تراجع عن دعوة الأعضاء إلى حضور جلسات جديدة مختلفة بسبب “الاحراج” الذي يحدث حينما يقوم بدعوتهم فلا يحضر عدد كبير منهم، لافتة إلى أنّ هذه العرقلة تُؤكّد امتعاض الأعضاء من أداء الرئيس وعدم رغبتهم في اتخاذ قرار الاستقالة منعاً لتسليم البلدية إلى محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا ما يُحدث رفضاً شعبياً وغضباً واسعاً محلّياً، “لكن الاعتراض الذي يصدر عن أيّ عضو، ضدّ أو مع أيّ مشروع لا يُؤخذ به، بات يُشعر بعض الأعضاء أنّهم يُقدّمون شهادة زور في هذه الظروف والأجواء التي قرّروا فيها تشكيل عوامل ضغط ليقوم الرئيس بدوره على الأقلّ القائم على احترام آراء المجلس البلدي”.

إنّ هذه العرقلة “البلدية” لا تعني أبداً موافقة المجلس أو رئيس البلدية على مّا حدث، لكنّ حسب المعطيات فإنّ عملية زجّ طرابلس في هذه المشاريع، لم تبدأ من البلدية فحسب، بل نتجت أيضاً عن دور يقوم به بعض الجمعيات أو المنظمات الداعمة للنازحين السوريين، بحيث تعتبر هذه المنظمات أنّ عملية توظيف أشخاص يدعمون هذا الخط أو ضرورة تقبّل الموظفين لهذه الفئات الاجتماعية (وإلّا يتعرّضون للطرد مباشرة)، من الأساليب التي تنتهجها الدّول (عبر هذه المنظمات) لفرض هذه الاستراتيجيات أو المناهج على المواطنين محلّياً، لدفعهم إلى الاعتياد عليها وتقبّلها أخيراً.

شارك المقال