إعتكاف الحكومة “حُرمة شرعية”… والانهيار عنوان المرحلة

آية المصري
آية المصري

خطابات، شعارات، أقاويل، وآيات قرآنية وإنجيلية يستخدمها المسؤولون في بلادنا لتبرئة أنفسهم من أي مشكلة تقع على عاتقهم، لكن الحقيقة أن الأوضاع تزداد سوءاً والكيديات السياسية لا مفر منها في ظل الفراغ القاتل، وحكومة تصريف أعمال عاجزة عن التوفيق بين الجلسات الضرورية وغير الضرورية.

وفي الأيام الماضية دق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ناقوس الخطر عبر وصفه المرحلة التي وصل اليها البلد بأنها “في غاية الصعوبة والخطورة”، قائلاً: “من الصعب جداً الاستمرار على هذا المنوال… اللهم إني بلّغت”، ما جعل البعض يقرأ في كلامه تلويح بالاعتكاف والتوقف عن تصريف الأعمال، وفي ظل ما نعيشه اليوم من شغور رئاسي سيكون مصير البلد المجهول والفوضى والانهيارات بالجملة في حال اتخذت الحكومة هذه القرار.

من هنا، لا بد من معرفة السيناريوهات المقبلة، في حال إعتكفت حكومة ميقاتي؟ ومن سيتسلم البلد طالما أن موقعي الرئاسة التنفيذية والرئاسية بحكم الفراغ؟ وهل يحق للرئيس ميقاتي دستورياً الاعتكاف؟

في هذا السياق، نفت مصادر حكومية في حديث عبر “لبنان الكبير” أن يكون الرئيس ميقاتي متجهاً الى الاعتكاف، معتبرةً أن “هذا القرار يرتقي لأن يكون حُرمة شرعية والرئيس ميقاتي المؤمن والملتزم دينياً لا يمشي بهذا المنطق وسيقف الى آخر نفس في هذا الاطار”. ووصفت كلام ميقاتي الأخير بـ “دق ناقوس الخطر ليوضح الى أي مدى وصلت الأمور الى مرحلة صعبة”.

وأشارت الأوساط الى أن “لا سيناريو سوى الانهيار في حال اعتكفت الحكومة، وستكون هذه بمثابة لعنة تاريخية أن تجلس حكومة تصريف الأعمال في منزلها”، متسائلة: “ما هو المبرر والدافع الى أن تقف الأمور ويجلس الوزراء في منازلهم؟ ليس هناك أي مبرر، ولا شك في وجود انهيار مالي كبير، ولكن هذا لا يعني التخلي عن المسؤولية”.

في المقابل، أكد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج أن “حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تعتكف، فالدستور واضح ولا يمكنها إتخاذ أي قرار من تلقاء نفسها، وكل ما حدث عبارة عن تهويل اعلامي مماثل لتهويل نواب الحاكم المركزي الأربعة قبل انتهاء ولاية رياض سلامة”.

ورأى أن “حكومة تصريف الأعمال لم تقم بدورها كما يجب في أكثر من ملف، بحيث إعتادت حل الأمور المالية بالاتكال على مصرف لبنان، ولم تقم على مستوى السياسة المالية بأي اصلاح منذ لحظة تسلمها”، معتبراً أن “مصرف لبنان بدّد الكثير من الأموال دعماً للسياسة المالية للحكومة وفي تقرير ألفاريز الأخير، واضحة كلفة تمويل الدولة من المصرف المركزي، مع العلم أنه يفترض بها أن تقوم بدورها وجباية كل وارداتها”.

وشدد الحاج على وجوب “أن تتقيّد الحكومة بالدستور وتقوم بتسيير الأعمال بالحد الأدنى، وأن تجتمع عندما تكون هناك ضرورة قصوى والقيام باصلاحات حقيقية، والكلام الصادر في هذه الآونة لأن حنفية المصرف المركزي أقفلت، وهي التي كنا نتكل عليها في تمويل الدولة”.

وأكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أن “واجبات الحكومة تصريف الأعمال ولا يحق لها الاعتكاف أو التمنع عن تصريف الأعمال، لأن هذا يعد جرماً تآمرياً على الدولة، ولا يمكنها القول انها لا تريد تصريف الأعمال”.

وحيال العقوبات المترتبة في حال طُبق هذا القرار، أوضح الفرزلي أن “الوضع الى المزيد والمزيد من الانهيار لا أكثر ولا أقل”، قائلاً: “مثلما يقاطع بعض الأحزاب الجلسات التشريعية كي لا تصدق قوانين تعود بالخير والمصلحة على الرأي العام سواء في الكابيتال كونترول الذي سيزيد نسبة العوائد للمودعين 800 دولار وما فوق، بالتالي أعتقد أن هذا تعطيل عن العمل ولكن حق دستوري للنائب”.

وشدد النائب السابق علي درويش على أن “موضوع الاعتكاف غير مطروح حتى هذه اللحظة، انما كانت رسالة عالية اللهجة وتحذيرية للقول لكل القوى السياسية بأن وضع البلد صعب، ويتوجب على الجميع أن يشارك وليس تحميل المسؤولية لرئيس الحكومة والحكومة”، مشيراً الى أن “الاعتكاف غير وارد الا في حال أقفلت السبل لأي عملية قادرة على معالجة الأوضاع”.

يتضح من كل ذلك، أن السيناريو المقبل مقلق كثيراً خصوصاً في حال أقدمت الحكومة على الاعتكاف، وبالتالي ستزداد الأوضاع سوءاً، ويبقى الحل الوحيد لتفادي كل هذه الأزمات إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لأنه مفتاح الخلاص لهذا البلد.

شارك المقال