مهلة غير معلنة في عين الحلوة: التسليم بالسلم أو بالنار

زاهر أبو حمدة

تسعة أشخاص ضالعون في عملية اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي، وفقاً لتقرير لجنة التحقيق المؤلفة من جميع الفصائل الفلسطينية. هؤلاء التسعة منهم خمسة غير فلسطينيين. وبعيداً عن تفاصيل التقرير، باعتباره سرياً حتى اللحظة، تبقى آلية تسليم المتهمين الى السلطات اللبنانية هي الأساس.

ما ميّز اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك في مقر السفارة الفلسطينية، هو حضور مندوبين عن الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وضابط رفيع من الجيش اللبناني. وكان اللافت التنسيق بين السفير الفلسطيني أشرف دبور ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن، ما يؤكد عودة الأمور الى مسارها الصحيح كمرجعية لبنانية تتواصل مع المرجعية الفلسطينية. واستمع ممثلو الفصائل الفلسطينية إلى كلام حاسم وحازم من الضابط اللبناني: يجب تسليم الأسماء المذكورة في تقرير لجنة التحقيق سلماً أو حرباً. وهذا الموقف اللبناني يتوافق مع قرار حركة “فتح”، ولكن النقطة الفاصلة كانت حول كيفية تنفيذ القرار. ومع أن حركة “حماس” ضمنت ذلك عند تثبيت وقف اطلاق النار في الأيام الماضية، ومعها “عصبة الأنصار” و”الحركة الاسلامية المجاهدة”، يبقى العائق هو اقتناع المتهمين بتسليم أنفسهم. وهذا الأمر بالغ الصعوبة، علماً أن جهات عرضت عليهم اغراءات معينة لكنهم حتى الآن يرفضون ذلك.

تمكنت “فتح” من خلال إعطاء لجنة التحقيق دورها ووقتها من إحراج جميع الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، لجهة أن شرط تثبيت وقف إطلاق النار هو تسليم أي شخص يظهر اسمه ضالعاً في التحقيق. وبالتالي، اذا فشل مشروع التسليم السلمي فسيكون خيار إلقاء القبض عليهم بالقوة بموافقة الجميع. ولهذا وافقت “فتح” وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية على منح القوى الاسلامية مهلة بين خمسة أيام وأسبوع لإيجاد مخرج لهذه الأزمة. كانت المهلة بناء على طلب القوى الاسلامية، وهنا تطرح سيناريوهات عدة حول “المخرج”. ما يتداول أن هناك إمكاناً لترحيل المطلوبين في “باصات خضراء” أو سيارات مضللة الزجاج إلى خارج لبنان مثل ادلب أو مناطق أخرى. والخيار الثاني هو تواريهم عن الأنظار داخل مخيم عين الحلوة، مع تسليم حي الطوارئ للقوة الأمنية المشتركة، ويمكن أن تتحول المعركة الى أمنية عبر الاغتيالات الفردية. أما السيناريو الثالث، فيمكن للقوى الاسلامية إلقاء القبض عليهم أو مواجهتهم من دون مشاركة الأمن الوطني التابع لـ”فتح”. ويبقى الخيار الرابع وهو المرجح أن تبدأ المعركة الحاسمة بعدما يرفض المتهمون أي حل سلمي. ولذلك جهزت “فتح” خطة عسكرية مع إعادة تذخير الأسلحة عالية المستوى بأسلحة جديدة ونوعية. وعليه يمكن للمطلوبين ومن معهم من “الشباب المسلم” أن يشنوا هجوماً مباغتاً ضد مقرات “فتح” لخلط الأوراق في محاولة لفرض حل جديد.

ما يمكن تأكيده، أن “فتح” استطاعت أن تضع القرار عند السلطات اللبنانية لا سيما الجيش اللبناني، باعتبار أن المسألة ليست فلسطينية فقط إنما لها علاقة بالأمن اللبناني وهذا ما قاله عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” عند لقائه ميقاتي وبري وقائد الجيش جوزيف عون، وحينها أخذ وعوداً رسمية بنيل القتلة جزاءهم بما يرضي “فتح”.

تبدو الساعات المقبلة حاسمة جداً، وأيام التوتر الأخيرة في المخيم وجواره ستفضي إلى حل جذري ونهائي، والعلاج سيكون بالكي وعملية جراحية سريعة ودقيقة وليس بمهدئات أو دواء للالتهاب.

شارك المقال