رخصة المسح للبلوك 8… إدخال أموال للدولة وتشجيع الاستثمارات

آية المصري
آية المصري

لبنان بلدٌ نفطي، صدق أو لا تصدق. جملة تختصر الايجابية التي طغت على الساحة الداخلية طوال الأسبوع الماضي، نتيجة البدء بأعمال الحفر والتنقيب في البلوك رقم 9. وبينما ينتظر الجميع النتائج الذي ستسفر عنها خلال الأشهر المقبلة، بدا لافتاً منح وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض رخصة استطلاع للقيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في الرّقعة رقم 8 في المياه البحرية اللبنانية، مع العلم أنه كان هناك اهتمام اسرائيلي خاص بتلك الرقعة طيلة السنوات الماضية، وخلاف كبير عليها بين الجانبين، لتعود وتبقى ضمن الحدود اللبنانية بعد انجاز اتفاق الترسيم البحري في العام الماضي.

وفي هذا السياق، أشارت أوساط مطلعة على الملف في حديث عبر “لبنان الكبير” الى أن “المُسوحات شيء والاستكشاف شيء آخر، والبلوك 8 كان ممسوحاً بثنائية الأبعاد ولكن لم يتم مسحه بتقينة ثلاثية الابعاد لأن اسرائيل حينها منعت الشركات من القيام بذلك”، معتبرةً أن “عملية المسح مهمة لأنها تجعلنا نعرف اذا كانت هناك مكامن محتملة أم لا في هذا البلوك، وعندما تقوم بالعرض على الشركات تعلم ماذا لديك، وهذا في العادة لا يكلف الدولة اللبنانية أموالاً لأن الشركات هي من تقوم بهذه العمليات وتبيع وتعطي أموالاً للدول”.

وأوضحت الأوساط أن “الدول الكبيرة والغنية هي من تقوم بهذه المُسوحات ويكون لديها داتا وتحليلات، وبعد المسح، تبدأ مرحلة التلزيم وبعدها تقرر الشركة متى تريد البدء بالحفر والتنقيب”.

وأكدت الخبيرة في مجال حوكمة النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان لـ “لبنان الكبير” أن “البلوك رقم 8 في الأساس كان في المنطقة المتنازع عليها، وكان هناك شبه شلل في الأعمال لأن الجانبين الاسرائيلي واللبناني لم يعملا فيه”، مشيرةً الى أن “لبنان قام في الفترة الماضية بمسح 80% بين ثنائي وثلاثي الأبعاد لكل المنطقة الاقتصادية الخالصة، باستثناء البلوك 8 لأنه بالقرب من الحدود ومتنازع عليها ولم يُجرِ أي مُسوحات فيه، واليوم بعد عودة البلوك كاملاً الى لبنان بحدوده الحالية بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية، قررت الدولة اللبنانية القيام بمسح لمعرفة ما الموجود فيه أو ماذا سيكون مخزناً في هذه المنطقة”.

وقالت هايتيان: “هذه الرخصة المعُطاة اليوم، تحدث تحت الفلسفة نفسها التي كانت تسير بها الدولة اللبنانية، أي اعتبار أنه اذا قدمت رخصة استطلاع لشركات للقيام بمُسوحات، فهذه الأخيرة يمكن الافادة منها كدولة بالأموال التي تدخل اليها، عندما تشتري الشركات المهتمة بهذه المسوحات، وفي الوقت عينه تقدم للشركات شيئاً ملموساً ما يحمّسها على الاستثمار في البلوكات أفضل من الاتيان على العمياني، وهذه كانت الفلسفة الأساسية في الأعوام 2005، 2006، 2011، 2013 و2015، عندما كانت هناك سلسلة من المُسوحات التي تحدث”.

أضافت: “الفلسفة تقتصر على أن هناك قطاعاً جديداً ودولة لا تملك عوامل جاذبة للشركات، سوى المُسوحات التي قد تكون عاملاً لجذبها لشراء المُسوحات، ومعرفة الأماكن التي تهمها للاستثمار فيها، وليس دائماً الدول من تقوم بالمسح لمناطقها البحرية أو البرية، بل تعرض كدولة هذه المُسوحات، وكل هذا يحدث اليوم لأن البلوك عاد الى لبنان ولا أحد يعلم ماذا يوجد فيه، لذلك، الدولة أعطت هذه الرخصة للشركات للقيام بالمسوحات وللمهتمين بشرائها، وهذا يساهم في ادخال بعض الأموال للدولة اللبنانية من جهة، وتشجيع الشركات على الاستثمار من جهة أخرى”.

وحول دقة هذا المسح وتحديد الثروات النفطية الموجودة في الرقعة 8، لفتت هايتيان الى أنه “لا يمكننا معرفة ما اذا كانت لدينا ثروات من خلال المُسوحات، فهذه الأخيرة تُقدم صورة عن الطبقات الجيولوجية، ونحن نقوم بالتحليلات وعلى أساسها يُقدر أن تكون الدراسات مشجعة أو لا”.

أما بالنسبة الى الفرق بين المسح بتقنية ثلاثية وثنائية الأبعاد، فأوضحت أن “ثلاثية الأبعاد هي طريقة لاعطاء صورة أوضح للجيولوجيا، أين يمكن الحفر، وأين يمكن ايجاد الثروات النفطية، لكنها لا تعطي نتيجة مؤكدة بوجودها أو عدم وجودها لأن تلك النتيجة ترتبط بالحفر، وبعده فقط نتأكد إن كان المسح دقيقاً أم لا”.

وعن خسارة أموال طائلة نتيجة المسح من دون التأكد من النتيجة، شددت هايتيان على أن “المسح لا يُخسر شيئاً وأي شركة بحاجة الى أول خطوة وهي المتعلقة بالمسح، وهم يقولون انهم كدولة لبنانية يقومون بالمُسوحات، التي تكوّن لدينا دراسة واضحة حول ما يوجد أو لا يوجد”، معتبرةً أن “هذا يسمح لنا بالتفاوض مع الشركات بطريقة أفضل، من خلال إدراك الدولة اللبنانية قيمة البلوك واذا كانت العروض جيدة أو لا نتيجة تلك المُسوحات، وبالتالي تُقدم ورقة اضافية للمفاوضة مع الشركات من أجل الحصول على عرض أفضل اذا كانت الدراسات مشجعة بأن هناك ثروات نفطية”.

شارك المقال