المخلّون بالقوانين يُحرجون الأجهزة الأمنية في طرابلس!

إسراء ديب
إسراء ديب

شهدت شوارع طرابلس منذ أيّام، حملة أمنية واسعة ومشدّدة لم تكن هي الأولى من نوعها في المدينة التي “نفرت” من الاشتباكات والتطوّرات الأمنية السلبية التي تحصل إمّا لخلافات عائلية باتت معروفة، أو تنفيذاً لأجندات سياسيّة كانت دفعت بها إلى الهاوية، لكن وفق الأوساط الطرابلسية فإنّ الخطوات الأمنية ومهما كان نطاقها ضيقاً أو محدوداً، “باتت ضرورية خصوصاً في الفترة الأخيرة التي تُسجّل اضطرابات أمنية مختلفة لم تصل إلى حدود الاشتباكات العنيفة كما يُروّج البعض، لكنّها تمكّنت من فرض عدم الاستقرار على المدينة”.

غير أنّ مصادر أمنية، أكّدت لـ “لبنان الكبير” أنّ هذه الحواجز التي تقوم بالتدقيق في هويات المواطنين مع تفتيش يُؤدّي إلى توقيف المخلّين بالأمن أو من يُثير الشكوك شمالاً، تُعدّ خطوة رئيسة لخطّة أمنية مصغّرة تنفذ بطريقة غير مباشرة، وقالت: “إنّ هذه الخطّة لم تنفذ في يوم وليلة، بل هي استراتيجية متّبعة لتلبية حاجات المواطنين سعياً إلى التخفيف من روعهم وقلقهم الذي ينتابهم مع ارتفاع مستوى الجريمة والسرقة والنشل التي باتت تحصل حتّى في وضح النهار، وبالتالي إنّ الحملة الأمنية تبقى رادعة لأيّ محاولة اختراق مصدرها عصابات تتشكّل وتفرض نفسها على الناس اعتقاداً منها أنّها ستتمكّن من الاخلال بالوضع الأمني”.

وأوضحت المصادر أن “الحملة ستتضمّن توقيف مطلوبين، ضبط السيارات المفيمة وغير المرخصّة مع تفتيشها، والتركيز أيضاً على ضبط الأسلحة والممنوعات ربما والعثور على مراكزها…”.

في الواقع، إنّ هذه الحملة “المتجدّدة” والدورية في طرابلس، لاقت ارتياحاً لدى المواطنين الذين لم يُمانعوا زحمة السير الخانقة التي باتت تحدث بطريقة مفاجئة عند مداخل المدينة أو طرقاتها الداخلية، وذلك رفضاً منهم للفوضى التي تتحكّم بها. وفي الوقت نفسه، لا يُمانعون استمرار هذه الخطة لأطول فترة ممكنة لتستعيد المدينة استقرارها الذي فقدته مع تجاوزات أمنية عدّة، لكن يُمكن القول إنّ مواطنين اعترضوا على هذه الحواجز التي تُدقّق في الأوراق الثبوتية نظراً الى عدم حيازتها أو عدم اهتمامهم بالحصول عليها أساساً وذلك بحجّة إقفال النافعة حيناً، أو عدم امتلاكهم الأموال الكافية حيناً آخر لإتمام المعاملات الرسميّة، وهو ما يدفع بعض المواطنين لا سيما بعض سائقي الأجرة “غير المرخصين” إلى القيام بعمليات نشل وتهديد بالسلاح مباشرة، من دون الخوف من ملاحقة أمنية أجبرت مواطنين على سلوك طرق المدينة الفرعية هرباً من المساءلة القانونية.

ورأى ناشط سياسي في المدينة، أنّ العصابات المخلّة أصبحت تُشكّل عبئاً على المواطنين الذين باتوا يطلبون مؤازرة أمنية تُريحهم من احتمال حدوث المزيد من التجاوزات، وقال لـ”لبنان الكبير”: “إنّ المخلّين بالأمن والقوانين يُحرجون الأجهزة الأمنية التي سبق ووعدت المدينة بتطبيق خطّة أمنية سريّة وغير سريّة، ولا ننسى تصريحات وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي حينما أكّد أنّ الأمن لا يكون بالتراضي والاتفاق بل بالفرض، وتشديده على أنّ الوزارة لن تسمح بإعادة طرابلس الى الحالة التي كانت فيها منذ 7 سنوات، (ولن نتحاور مع الأطراف التي يُمكن أن تتقاتل في الشوارع)، لكن على ما يبدو أنّها كانت أطروحة استعراضية في المدينة التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في عمليات الإجرام والسرقة وعلى عين الدّولة التي تُظهر وجودها لفترة ثمّ يتحمّل المواطن المسالم تداعيات خروجها وابتعادها عن المشهد الأمني والعسكري، وهو ما يُقلقنا أساساً ويدفعنا إلى التساؤل عن سبب هذا البعد أو الاستبعاد المتكرّر بين الدّولة بأمنييها والطرابلسيين الذي يرغبون في وجودها باستمرار”.

واذ حذر الناشط من احتمال توسّع مشكلات مختلفة في طرابلس، نفى الأقاويل عن تحرّكات اجتماعية قد تُبصر النور قريباً في المدينة، معتبراً أنّها استنتاجات صحافية لن تنفذ على أرض الواقع على المدى القريب “إذْ تتحكّم الأزمة المعيشية بعقول النّاس التي تعقّدت من الثورة وتداعياتها، فلن يجرؤ أحد حالياً على تحقيق تغيير ما ميدانياً، خوفاً من الوصول إلى الأسوأ”.

وواجهت طرابلس هذا الشهر عدداً لا يُستهان به من الجرائم والتعدّيات التي لا بدّ من متابعتها على الصعيدين الأمني والاجتماعي، فزفة الزفاف التي تحوّلت من “جازة” إلى “جنازة” في أبي سمراء بسبب انتشار السلاح المتفلّت الذي يُستخدم لأسباب سخيفة للغاية خلّفت ضحية، وتُعدّ دليلاً واضحاً على خطورة الوضع. ووفق المعطيات فإنّ تداعيات هذه الحادثة لا تزال مستمرّة، إذْ يُواجه هذا الملف مرحلة من الأخذ والردّ بين العائلتين اللتين اختلفتا يوم الزفاف، فيما يرفع الناشطون نداءاتهم المستمرّة لمنع استيراد الأسلحة التركية التي تُتشرى بثمن بخس مقارنة بأخرى.

كما لا يغفل الطرابلسيّون عن صدمتهم بقيام “ع.ز” بإطلاق النار على زوجته أمام طفلهما في التبانة، نتيجة خلاف عائليّ دفعه إلى الفرار إلى جهة مجهولة، “لكنّه سيعود مجدّداً قطعاً بعد فترة زمنية من دون قصاص”، وفق ما رأى متابعون. كذلك، تتوسع يومياً دائرة الخلافات والجرائم التي تزداد صعوبة مع انتشار الدراجات النارية التي تُطلق النّار على المحال، المكاتب والسيّارات وغيرها من الاشكالات التي تستدعي القلق والريبة ممّا هو قادم على الصعيد الأمنيّ.

شارك المقال