إنعطافة فرنسية… جرعة انتعاش لمسعى لودريان أم إعلان فشله؟

هيام طوق
هيام طوق

قبل حوالي أسبوعين من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، لم تكن صدفة أو عفوية أن يذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الملف اللبناني في خطابه أمام مؤتمر سفراء فرنسا، بل تعمّد ذلك اذ شكر موفده على المهمة التي يقوم بها في لبنان لإيجاد الطريق لحل سياسي على المدى القصير، وقال: “أعتقد أن من العناصر المفتاح لهذا الحل السياسي في لبنان، توضيح التدخلات الاقليمية في هذا البلد ومن ضمنها تدخل ايران”.

إذاً، موقف متطور، كان له وقعه وصداه على مختلف الجهات السياسية في لبنان خصوصاً أنها المرة الأولى منذ دخوله على خط أزمة لبنان الرئاسية، يخرج ماكرون من دائرة التحفظ والمسايرة لتسمية ايران بالاسم لجهة تدخلها في منع الحل السياسي في لبنان، اذ اعتبر البعض أن فرنسا قامت بخطوة تدعم البيان الذي صدر عن الاجتماع الخماسي في قطر، وأن التبدل الذي ظهر في الرأي الفرنسي هو عودة إلى المنطق في السياسة، وأنها لن تستقيل من دورها في الشرق الأوسط وتحديداً في لبنان.

لكن استباق ماكرون عودة موفده الى بيروت بإشارته اللافتة الى التدخل الإيراني كان علامة فارقة ربما تعكس تبدلاً ولو نسبياً في المقاربة الفرنسية أو ربما تشق مساراً مختلفاً ما يعني أن لا بد من انتظار رد فعل إيراني على موقف ماكرون أقله من خلال ما سيعلنه “حزب الله” أو ما قد يتخذه من اتجاهات جديدة قبيل وجود لودريان في بيروت أو خلاله في وقت تحدثت معلومات عن أن وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان سيقوم بزيارة الى لبنان في الأيام المقبلة، لم تكن مقررة مسبقاً، وقد ينقل الى الحزب رسالة بالتهدئة خصوصاً وأنه سبق وزار المملكة العربية السعودية منذ أسابيع، أو بالتشدد والتصلب لأن ساعة الافراج عن الاستحقاق اللبناني لم تدق بعد.

وانطلاقاً من مواقف ماكرون المستجدة، لا بد من طرح الأسئلة: ما هي الرسالة وأبعاد ما قاله الرئيس الفرنسي أمام السفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم من خلال تخصيصه فقرة متعلقة بلبنان، موجّهاً أصابع الاتهام الضمني والعلني الى ايران في عرقلة انتخاب الرئيس اللبناني؟ وهل يمكن أن نستشف من هذا الموقف أن لودريان يحمل جديداً في زيارته المتوقعة منتصف أيلول المقبل من شأنه أن يضيء بصيص أمل في نفق الأزمة الرئاسية؟ وكيف سيتبلور موقف الموالاة خصوصاً “الثنائي الشيعي” في المرحلة المقبلة بمعنى آخر هل سيبدل في مواقفه لناحية تأييد الحوار أو أنهم سيصعّد ضد فرنسا انطلاقاً من التصاريح الاخيرة؟ وهل هذا الموقف يظهر أن اللجنة الخماسية أصبحت أكثر انسجاماً بين أعضائها بعد الحديث عن تباين في الآراء وفي مقاربة الملف الرئاسي؟

أشار النائب زياد حواط في حديث الى موقع “لبنان الكبير” الى أن “ما أعلنه الرئيس ماكرون يجب أن يكون دافعاً لكل النواب أن يحضروا جلسة انتخاب الرئيس ولا يعطلوا الدورات المتتالية بحيث أن الغرب يظهر تمسكه بإخراج لبنان من عنق الزجاجة. الدور الأساس والجوهري والمسؤولية الوطنية يقعان على عاتق نواب الأمة في انتخاب رئيس الجمهورية”، موضحاً أن “المحور الذي يعرقل، ويناور ويحاصص، بات معروفاً”.

ورأى أن “الرئيس الفرنسي لا يتحدث باسمه انما باسم الدول الخمس الممثلة في اللجنة الخماسية، والاشارة واضحة الى معرقلي انتخاب الرئيس. وبالتالي، على ايران وشركائها في لبنان أن يفهموا أن هذا المسار التعطيلي التدميري يؤثر على المنطقة بأكملها”.

وشدد حواط على أن “الدستور هو الحوار الحقيقي، وجلسات انتخاب الرئيس هي الحوار الأساس، ننقل المشكلة الى الطاولة بحيث لا يمكن من بعدها تحديد على من تقع مسؤولية التعطيل. ننتقل من تطبيق الدستور الواضح في هذا الاطار الى جلسات فولكلور حوارية لن توصلنا الى أي نتيجة مع العلم أن هذا لا يعني أنه لا يجب أن نتواصل ونتناقش. التواصل شيئ وطاولة الحوار شيئ آخر. التواصل ضروري بين كل المكونات انما طاولة الحوار تهدف الى حجب الحقيقة التي تفيد بأن هناك فريقاً يعطل الدستور ما يمنع انتخاب الرئيس”.

ولفت الى “ضغط من كل دول العالم لانتخاب الرئيس خصوصاً أن الدول تلمس انهيار البلد بمؤسساته، واذا انهار لبنان فستكون له انعكاسات على المنطقة ككل وليس على الداخل اللبناني وحسب، لذلك، هناك ضغط عربي ودولي لانقاذ البلد، لكن المضحك المبكي أن الكل يريد انقاذ البلد أكثر من اللبنانيين أنفسهم”، متمنياً على رئيس مجلس النواب نبيه بري “أن يدعو الى جلسات انتخابية متتالية، ويجرّبنا”.

واعتبر النائب حسين جشي أن “كل انسان يتحدث كما يريد لكن نحن قلناها أكثر من مرة ان قرارنا في يدنا، ونحن جاهزون لنأخذ القرار بما يصب في مصلحة البلد الا أن بعض الجهات السياسية لم يتجاوب معنا، وحين نقول لهم فلنتحاور ونتخذ القرار معاً على الطاولة، ألا يعني أن القرار بيدنا؟ لا يمكن التعليق على كلام عام، وحين يأتي لودريان، ونعرف ما لديه، في ضوء ذلك يتحدد الموقف الفرنسي، ويبنى على الشيء مقتضاه. نحن لسنا معنيين بتحليل المواقف أو التصاريح انما ننتظر ماذا سيطلب لودريان للتعاون بهدف انجاز الاستحقاق الرئاسي”، مشدداً على “أننا لن نصعّد ضد أحد لا اليوم ولا غداً، وعدونا واحد هو العدو الاسرائيلي. نحن نريد بناء بلد، وكل ما يوصلنا الى تحقيق هذا الهدف، نحن جاهزون للقيام به”.

وقال: “اذا كانت ايران تريد أن تعرقل الاستحقاق الرئاسي، فهي تعرقله عبر الحلفاء حسب المنطق، لكن نحن أصحاب الشأن نقول انه لا يمكن لأي طرف أن يملي علينا على الرغم من تحالفنا الاستراتيجي مع ايران وسوريا في الشأن الاقليمي، لكن في الداخل لا أحد يملي علينا”.

وأكد جشي “اننا متعاونون جداً لأننا نريد الدولة والاستقرار، وغيرنا يريد أن يوجّه الأمور في اتجاه المشروع الأميركي”، مشيراً الى “أننا لا نعلم إن كان لودريان سيحمل جديداً، لكنه كان يسعى الى الحوار”.

شارك المقال