عبد اللهيان يزور بيروت… رسالة تهدئة وتسهيل أم تصعيد وتعقيد؟

هيام طوق
هيام طوق

في وقت يعاني فيه البلد من جمود سياسي قاتل في انتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لمعرفة ما لديه على صعيد مسعاه الرئاسي خصوصاً بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تحدث فيها عن تدخلات ايرانية في الشأن اللبناني، تبدو حركة الديبلوماسيين الوافدين الى بيروت ناشطة ولافتة اذ تتزامن زيارة مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين مع زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الذي زار المملكة العربية السعودية مؤخراً، وأجرى لقاءات مع أركان القيادة لا سيما منهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، حضر فيها ملف لبنان بكثير من تفاصيله، ولا سيما الاستحقاق الرئاسي.

وفيما أعلن السفير الايراني لدى لبنان مجتبى أماني، في تغريدة على منصة “إكس” أن الوزير عبد اللهيان يصل إلى لبنان، وعلى جدول أعماله محادثات ولقاءات مع المسؤولين اللبنانيين حول موضوعات ذات اهتمام مشترك، اعتبرت مصادر سياسية أن محادثاته في بيروت، تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة على مستوى كل الملفات المطروحة في لبنان والمنطقة مع العلم أن عبد اللهيان في آخر زيارة له إلى بيروت في نيسان الماضي، والتي تزامنت حينها مع الاتفاق الإيراني – السعودي قال: “إيران تدعم دوماً انتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية وتدعم التوافق والانسجام بين اللبنانيين، كما ستستفيد من القدرات السياسية المتاحة لديها في استكمال العملية السياسية من خلال التوصيات التي تعطيها بشكل أخوي إلى أصدقائها وحلفائها في لبنان”.

وفي وقت بات مسلماً به أن الملفات اللبنانية ترتبط بمستجدات المنطقة، خصوصاً على المستوى الإيراني – السعودي، لا يمكن تجاهل نتائج اللقاءات التي عقدها عبد اللهيان في الآونة الأخيرة ومنها اللقاء مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الأسبوع الأخير من تموز الماضي، بعد أيام قليلة على اجتماع “الدوحة الخماسي” في السابع عشر من الشهر نفسه بحيث طُرحت مختلف الملفات التي تعني لبنان.

انطلاقاً من هذه المعطيات، لا بد من رصد ما سيحمله السفير الايراني معه الى بيروت، في زيارة لم تكن مقررة مسبقاً، وسط تساؤلات إن كان سينقل الى حلفائه في لبنان رسالة بالتهدئة والنزول عن شجرة التصعيد والتعطيل، أو سينقل رسالة أخرى، بالتشدد والتصلب لأن ساعة الافراج عن الاستحقاق اللبناني لم تدق بعد؟

أشار وزير الخارجية السابق عدنان منصور الى أن “زيارة عبد اللهيان ليست الأولى انما تأتي ضمن سلسلة من الزيارات التي يقوم بها الى لبنان خصوصاً أن العلاقات متينة بين البلدين. الزيارة دائماً استطلاعية استكشافية، تجري مع المسؤولين اللبنانيين في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين لبنان وايران والاتفاقات والبروتوكولات الموقعة بين البلدين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تهدف الزيارة الى التداول في أمور ترتبط مباشرة بأمن المنطقة لا سيما أن لبنان جزء لا يتجزأ من المنطقة، وفي ظل التطورات التي تحصل على الساحة المشرقية اليوم إن كان في سوريا أو العراق أو فلسطين، والتهديدات المتواصلة التي يطلقها القادة الاسرائيليون ضد لبنان. هذه سلسلة مسائل لا بد من أن يتناقش فيها الجانب الايراني والجانب اللبناني”.

وقال: “عندما تبحث الأمور بين المملكة العربية السعودية وايران، لا أعتقد أن مسألة الانتخابات الرئاسية اللبنانية تطرح على بساط البحث لأن هناك أموراً أكبر وأهم بالنسبة الى السعودية وايران. ثم ان مسألة انتخاب الرئيس هي مسألة لبنانية ترتبط بالأطراف السياسية اللبنانية، وبالتالي، لا يمكن أن يأتي الحل من الخارج اذا كان الفرقاء في الداخل غير متفقين، والخارج لا يعترض اذا اتفقت القوى السياسية في ما بينها على الرئيس. على اللبنانيين أن يعالجوا الملف الرئاسي بحكمة بعيداً عن التشنج وعدم الرهان على الخارج”.

ولفت الى “أننا ننتظر لودريان، وفي حال لم يتفق اللبنانيون، فلن يستطيع أن يؤمن لهم الترياق”، مشدداً على أن “الوضع الأمني حالياً في المنطقة، هو الشغل الشاغل، وهذا موضع اهتمام من جانب ايران لأن لها تأثيرها ودورها في المنطقة ومعنية بما يجري في المنطقة المشرقية ككل”.

أضاف: “لا أعتقد أن وزير الخارجية الايراني سيتطرق الى الملف الرئاسي خلال زيارته لأن الأمر متروك للبنانيين، وايران لم يسبق لها أن تدخلت في الاستحقاقات الداخلية، وتقول دائماً ان اللبنانيين هم أدرى ببلدهم وبمصلحته. زيارة عبد اللهيان تأتي من باب البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل وجهات النظر في قضايا المنطقة”. وأكد أن “الحوار هو أساس أي حل، ولبنان هو الذي يتحمل بالدرجة الأولى تداعيات الشغور”.

ورأى الوزير السابق فارس بويز أنه “على الرغم من أن ليس هناك من ترابط أو تنسيق في الزيارات الديبلوماسية الى لبنان انما ربما يكون هناك بعض الأهداف المشتركة منها رئاسة الجمهورية، لكن بأولويات مختلفة بحيث ان ما يهم الولايات المتحدة هو ملف ترسيم الحدود البرية، واذا استطاعت ذلك فلن تتأخر اضافة الى ملف رئاسة الجمهورية لأنها ليست بعيدة عنه مع أنه ليس أولوية بالنسبة اليها. اذاً، الهدف من زيارة هوكشتاين مواكبة استخراج النفط أما هدفه الثاني فقد يكون ترسيم الحدود البرية طالما يعتبر أنه نجح في الترسيم البحري، والملف الرئاسي يأتي في مرتبة أخيرة”.

وأوضح أن “العكس صحيح بالنسبة الى فرنسا، التي ليست لديها القدرة على الدخول في ملف الحدود البحرية أو البرية، ومن مصلحتها أن تنجح في مسعاها الرئاسي، واستعادة دور معين في المنطقة ولبنان خصوصاً. أما وزير الخارجية الايرانية، فيزور لبنان لابلاغ جهات معينة بعض الأمور، ومنها يتعلق بالشأن الرئاسي، وأعتقد أن ملف التفاهم الايراني – السعودي مفرمل بعض الشيئ، ولم يشهد التقدم السريع الذي كان البعض يتوقعه. من هنا، أشك في أن عبد اللهيان سيبلغ موقفاً حاسماً”.

واعتبر أن “الأمور طالما مترابطة ببعضها البعض، فإن ما من شيئ حاسم في الزيارات الثلاث: الفرنسية من خلال لودريان والأميركية من خلال هوكشتاين والايرانية من خلال عبد اللهيان. ولا أعتقد أن فرنسا مفوّضة من أميركا في موضوع الملف الرئاسي كما أن الامور لم تنضج بعد لترسيم الحدود البرية، ولا أظن أن وزير خارجية ايران سيبلغ أي أمر حاسم مع العلم أن الموقف الايراني معروف اذ يقول انه يسلم الأمر في موضوع رئاسة الجمهورية الى حزب الله، وأي اشارة في هذا السياق ليست ناضجة حالياً طالما التفاهم الايراني – السعودي يتقدم ببطء كبير”.

ولفت الى أن “زيارة عبد اللهيان ربما تهدف الى تكريس موقف ايران بترك الأمر الرئاسي للحزب وأنها لا تتدخل”، قائلاً: “ليست كل الزيارات السياسية تحمل معها قرارات حاسمة”.

شارك المقال