هل تنتقل معارك مخيم عين الحلوة إلى خارجه؟

زياد سامي عيتاني

إعتبارات سياسية وأمنية تتعلق بحساسية الوضع الفلسطيني في لبنان وخصوصيته، أبقت المخيمات الفلسطينية خارج سيطرة الدولة اللبنانية، ما حوّل الأمن الذاتي للمخيّمات إلى أمن فصائلي، وتحوّلت أحياؤها إلى مراكز عسكرية للفصائل المسلّحة، في مواجهة بعضها بعضاً، زاد من إحتدامها الانقسام الفلسطيني، بين منظّمة التحرير والسلطة الفلسطينية بزعامة “فتح” من جهة، و”حماس” و”الجهاد” والقوى المتحالفة معهما من جهة أخرى، ما وضع مخيّمات اللجوء في حالة توتر وتفجير دائم. وفي مقدمة هذه المخيمات، مخيم عين الحلوة، الذي هو أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حتى أنه يطلق عليه “عاصمة الشتات” في لبنان. ويقطن فيه أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، انضم إليهم خلال الأعوام الماضية آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا. وغالباً ما يشهد عمليات اغتيال، وأحياناً اشتباكات خصوصاً بين الفصائل الفلسطينية ومجموعات إسلامية متشددة، يعرف بإيوائه لها مع خارجين عن القانون. يضم مخيم عين الحلوة عدة قوى إسلامية أساسية أبرزها حركتا “حماس” و”الجهاد”، وهي تشكل جزءاً من “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، إلا أن في موازاتها هناك في المخيم بعض المجموعات الاسلامية التي لا تأخذ في الاعتبار، لا فكرياً ولا سلوكياً، أمن المخيم وحياة ساكنيه. وهذا ما جعل مجموعات مسلّحة نمت على ضفاف الانقسام الفلسطيني، واتخذت من عين الحلوة وأحيائه مراكز عسكرية، ومناطق نفوذ، تتصارع في محاولات توسيعها بمجموعات من المجرمين والفارين من العدالة، لتحويل المخيم إلى بؤرة للتوتر وساحة لتصفية الحسابات ولحرب العصابات، وإلى صندوق بريد دموي، لتبادل الرسائل بين القوى الاقليمية، ممهورة بدماء أبناء المخيّمات!

تتألف هذه المجموعات من “الشباب المسلم” و”جند الاسلام” و”فتح الاسلام” وغيرها، سبق أن استخدم عناصرها في معارك مخيم نهر البارد قبل انتقالهم إلى عين الحلوة، ليتم بعدها طردهم من الجزء الفلسطيني في المخيم، في آخر اشتباكات حصلت قبل عامين، وعادوا الآن بأسلحة وعتاد وذخائر وبفكر هزيمة (المرتدون الخونة) من حركة “فتح”!

إذا كان الهدف الأساس من تفجير الوضع في عين الحلوة، هو السيطرة على المخيم، فإن الأسئلة التي تفرض نفسها: من تولى الانتقال الآمن لهذه المجموعات وتسليحها بالأسلحة الثقيلة؟ وبالتالي من هي الجهات التي تحركها؟ ولمصلحة من تتوالى جولات العنف والتفجير التي تحصل تباعاً، خصوصاً في توقيت يترك الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما في ظل الانهاك الكبير الذي تعاني منه المؤسسات الأمنية اللبنانية، وتداعي باقي المؤسسات الدولية؟

مع إستمرار المعارك في مخيم عين الخلوة وأخذه ليل أمس إتجاهاً خطيراً باستهداف حاجز للجيش اللبناني تسبب بجرح عدد من عناصره، ومع إستبعاد إمكان التوصل الى وقف فعلي لاطلاق النار، طالما أن قوى من خارج المخيم تتحكم بالعوامل الخلافية الفلسطينية وتحولها إلى معارك بين فصائلها والمجموعات الارهابية، فان ثمة خوف كبير من إتساع رقعتها خارج حدود المخيم، لا سيما مع وجود كثيف للعناصر المسلحة في الأحياء اللبنانية الثلاثة، الطوارئ والتعمير التحتاني والسكة.

شارك المقال