هل تُفشل زحمة المبادرات جولة لودريان الثالثة؟

زياد سامي عيتاني

عاد الموفد الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان ايف لودريان أمس إلى بيروت، لاستكمال مهمته “المستحيلة” اليوم، في محطتها الثالثة، وسط مخاوف من أن تكون الأخيرة، في ظل الحديث عن أن القطار الفرنسي لن يستطيع إستكمال مسيره، جراء العراقيل التي تعترض سكته “المتعرجة”.

مما لا شك فيه أن زيارة الموفد الفرنسي فقدت الكثير من زخمها “المحدود”، خصوصاً بعدما ألغي اجتماع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء السبت في الهند على هامش اجتماع مجموعة العشرين، كما أعلن سابقاً قصر الاليزيه، والذي عوّل عليه كثيراً الجانب الفرنسي للحصول على جرعة دعم لمبادرته، بشحنة سعودية لتعزيز فرص نجاحه “المشكوك فيها”، بحيث إكتفى البيان الصادر عن الرئاسة الفرنسية، بالاشارة الى أن ماكرون ألغى كل الاجتماعات التي كانت مقررة قبل قمة نيودلهي من دون مزيد من التفاصيل.

وباعتقاد المراقبين أن عودة لودريان الى العاصمة اللبنانية، لا يمكن أن تكون عبارة عن “مغامرة” ديبلوماسية، إذ انه لو لم يحمل في حقيبته ما هو جديد من طروح على خط معالجة الشغور الرئاسي، لكان على الأقل أرجأ زيارته، لأن خلو حقيبته من معطيات رئاسية، لعرضها على المسؤولين اللبنانيين، يشكل فشلاً ذريعاً للديبلوماسية الفرنسية ولجهود الرئيس ماكرون، غير القادر على تحمل تبعاته. لكن هذا الرأي لا يمكن التعويل عليه في ظل بقاء الخلافات الداخلية على مبدأ الحوار، الذي كان قد طرحه لودريان، ويتماهى مع جوهر الطرح الذي قدمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولاقى المعارضة نفسها، خصوصاً من أحزاب مسيحية، في حين أن موقف النائب جبران باسيل يبقى رهن نجاح حواره مع “حزب الله”، وتحديداً مع تجدد الاشتباك السياسي بين حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر”.

ويبقى الرهان بشأن الغطاء المسحيي للحوار على موقف سيد بكركي، لتأمين ميثاقية الحوار، الذي رحب به بيان المطارنة الموارنة الأخير، على الرغم من أن البطريرك بشارة الراعي تجنب خلال زيارته الى الجبل وعظة الأحد الحديث مجدداً عن الحوار.

ولا بد في هذا السياق من التوقف عند تطورين بارزين في الملف الرئاسي: – مبادرة الرئيس بري التي تقوم على نقطتين رئيستين، الحوار المحدد زمنياً، وعقد جلسات مفتوحة لمجلس النواب حتى انتخاب الرئيس العتيد، ما يعني إنفتاح الرئيس وما يمثل سياسياً على إحتمالات شتى.

– زيارة رئيس كتلة نواب “حزب الله” محمد رعد الى قائد الجيش العماد جوزيف عون، والتي وصفت بأنها “زيارة أمنية ورئاسية” في آن معاً، إذ اعتبرت “أول جس نبض حقيقي بين الطرفين”، مع حرص الرجلين على إبقاء أجواء الاجتماع سرية. واللقاء بين عون ورعد إستأثر باهتمام داخلي وخارجي، وكان موضع متابعة حثيثة من الفرقاء المحليين وعواصم القرار، وفي مقدمها فرنسا وقطر، خصوصاً وأن تسريبات كشفت عن إتصالات تجريها الدوحة مع طهران بشأن التسويق لقائد الجيش كمرشح توافقي. لكن اللقاء لا يعني على الاطلاق أن الثنائي الشيعي تخلى عن تمسكه بدعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة، أقله حتى الآن، بحيث أن المصادر المقربة منه لا تزال تبدي إرتياحها وإطمئنانها الى وضعه الرئاسي.

عودة لودريان إلى بيروت، إضافة إلى أنها تأتي وسط “زحمة” مبادرات وتحركات في التوجه نفسه، ولكن بـ “أجندات” مختلفة، تتزامن أيضاً مع انفجار الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة وموجة توافد السوريين من الفئة الشبابية بأعداد هائلة الى لبنان بطرق غير شرعية، ما يزيد الأوضاع تعقيداً، وبالتالي يصعب من مهمة لودريان التي تختلط فيها الحسابات والتناقضات الداخلية والخارجية، الأمر الذي يعزز الشكوك بنجاحها. فهل يكون فشل المحطة الثالثة من جولة لودريان، إيذاناً بسقوط المبادرة الفرنسة؟

شارك المقال