النزوح السوري – الجزء ٢

لينا دوغان
لينا دوغان

فعلاً إنها لسخرية القدر، أو انها مهزلة القدر الذي يعيشه اللبنانيون وهم يطلعونهم على أننا أمام مرحلة نزوح ثانية، كما لو أننا نشاهد مسلسلاً انتهينا منه في جزئه الأول وننتظره في الجزء الثاني، لكن نحن أمام واقع وحقيقة مرة نواجهها من جديد ولا نعرف ما اذا ستكون لها حلول أم لا.

إذا كان الوضع الأمني هو الدافع في عملية النزوح الأولى، فهذه المرة دوافع نزوح السوريين اقتصادية ومعيشية، اذ هم يهربون من الغلاء في سوريا الذي أصبح لا يطاق ولم يعد بمقدورهم العيش بسبب تراجع قيمة الليرة السورية بصورة كبيرة وهو ما يهدد بفقدان الغاز ومحروقات التدفئة على أبواب الشتاء.

واذا ما قارنا بين النزوحين، فمن الواضح أن جزءه الثاني سيكون أكثر صعوبة من الأول، خصوصاً أن النازحين معظمهم في عمر الشباب كما صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الجلسة الأخيرة، والتي اتخذ فيها قراراً بعقد جلسة مخصصة لملف النزوح يوم الاثنين (امس).

الوزراء المعنيون بهذا الملف كانت لهم مواقف وتصريحات بشأن خطورة النزوح الثاني، فوزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار قال إن سوريا تتعرض لحصار اقتصادي كبير بسبب “قانون قيصر”. وحمّل مسؤولية النزوح الجديد للولايات المتحدة، مؤكداً أن لبنان لا يستطيع تحمّل موجة جديدة من النزوح السوري، ولن نسمح بتسجيل أي نازح جديد في مفوضية اللاجئين.

وزير المهجرين عصام شرف الدين حمّل بدوره مسألة النزوح للحصار الأميركي والعقوبات المفروضة على سوريا، وبحسب رأيه لا يمكن حل أزمة النزوح والتسلل عبر الحدود غير الشرعية الا بالتنسيق الرسمي بين الدولتين لذا يجب إصدار قرار حاسم بشأن إعادة تسمية وفد رسمي إلى سوريا، كما يجب على الحكومة التعامل بحزم في هذا الملف وليس كما تفعل الآن نتيجة الضغوط المالية الأوروبية عليها، ودائماً بحسب شرف الدين.

الرئيس ميقاتي علق على عملية النزوح بالقول: “ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية. وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد من فئة الشباب. الجيش والقوى الأمنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، الذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللاً حاداً يضرب، بقصد أو بغير قصد تركيبة الواقع اللبناني”. وحدد ميقاتي جلسة خاصة لمجلس الوزراء بمشاركة قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية لأن المسؤولية جماعية وتتطلب تعاون الجميع. وأكد وزير الاعلام زياد مكاري أن الوزير حجار سيحضر الجلسة، وكان اشترط لحضوره أن يكون ملف النزوح بنداً وحيداً على جدول الأعمال.

مهما كانت شروط الوزير مهمة لحضوره الجلسة، الأهم منها ما سينتج عنها لجهة بداية توافق الجميع على إيجاد حلول لهذه الأزمة المتفاقمة من مساعدة الجيش والقوى الأمنية المشكورين على الجهود التي يقومون بها على الحدود، وهو قرار كبير في قمع عصابات التهريب ومن وراءها. النقطة الثانية والتي يتحدث عنها معظم الوزراء هي تشكيل الوفد الرسمي الى سوريا، والأهم من عملية تشكيل الوفد هو الضمانة بأن ما سيتفق عليه مع الجانب السوري جاهز للتنفيذ فور تصديقه. وتبقى النقطة الأخيرة ألا وهي التعاطي في هذا الملف مع مفوضية اللاجئين، إذ إن الأمور بين السلطات اللبنانية والمفوضية ليست دائماً على ما يرام، تهدأ تارة وتشتد تارة أخرى بسبب الخلافات المتواصلة على كيفية مقاربة ملف النازحين السوريين.

باختصار، الحلول في هذه النقاط الثلاث مطلوبة، ولبنان لم يعد يحتمل المزيد من الأزمات والمشكلات، لا بل هو وصل الى مرحلة ينشد فيها حلاً يخرجه من واحدة من أزماته، واذ به يغرق أكثر في الوحول الداخلية، فما بالكم بالوحول الخارجية؟ حتى اللحظة وأنا أنهي سطوري هذه، لا تزال صيدا والجوار يعيشان الوجع مما يجري في مخيم عين الحلوة… وتحدثوننا عن نزوح جزء ٢؟

شارك المقال