تنسيق سعودي – قطري بشأن مبادرة “الخماسية”

زياد سامي عيتاني

اللقاء الذي جمع سفيري السعودية وقطر وليد بخاري وسعود بن عبد الرحمن آل ثاني عشية وصول الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، سرق أنظار السياسيين، كونه يؤشر إلى تنسيق سعودي – قطري حول الملف اللبناني، وسط الشكوك التي سبقت وصول لودريان الى بيروت بأن تحمل زيارته أي جديد يعوّل عليه بالنسبة الى الأزمة الرئاسية، خصوصاً وأن اللقاء الذي كثر الحديث عنه خلال قمة العشرين في نيودلهي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وراهنت عليه باريس كثيراً لاعطاء مبادرتها جرعة إندفاعية، لم يعقد.

وكان لافتاً في اللقاء، أنه عقد في دارة السفير السعودي في اليرزة، وتمنى بخاري لسفير قطر الجديد لدى لبنان التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة، وجرى استعراض العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين الشقيقين. وركز البيان الصادر عن السفارة السعودية بصورة أساسية على الموضوع اللبناني، ومما جاء فيه: “اللقاء استعرض آخر تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية لا سيما الملف الرئاسي اللبناني وضرورة إنجازه ليعود لبنان بلداً فاعلاً في محيطه العربي والاقليمي إضافة إلى بحث عدد من القضايا ذات العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين الشقيقين”. وترافق اللقاء مع ثبات الرياض على موقفها بشأن الأزمة اللبنانية، (لا سيما الالتزام بآلية الانتخاب الدستورية المنصوص عنها في دستور الطائف، فضلاً عن مواصفات الرئيس التي تعبّر عن خيارات كل الفرقاء اللبنانيين، وأن يتمتع برؤية إقتصادية للإنقاذ)، والحديث عن موفدين قطريين إلى لبنان بعيداً عن الاعلام، في محاولة للتسويق لخيار رئاسي ثالث، بعدما فشل كلا طرفي الصراع على الرئاسة في فرض مرشحيهما.

ومع هذا الحراك القطري، بدأت تطرح في الأوساط السياسية مجموعة أسئلة تتمحور حول أهدافه، وعما إذا كان مسانداً للمبادرة الفرنسية أو أنه تعويض عنها، أم أن قطر تطرح مبادرة منفصلة، مستمدة من روحية البيان الصادر عن آخر إجتماع للجنة الخماسية التي استضافتها في عاصمتها؟

تؤكد مصادر متابعة بداية أن ليس هناك من مبادرة قطرية بمعنى المبادرة تجاه لبنان، ولكن القيادة القطرية تحاول المساعدة قدر المستطاع، من أجل تسهيل التفاهمات بين المجموعة الخماسية المعنية بالملف اللبناني والأطراف الداخلية، فضلاً عن إمكان أن تلعب دوراً أساسياً مع إيران لحثها على المساعدة على حلحلة الأزمة اللبنانية، إنطلاقاً من تخلي “حزب الله” عن مرشحه، وبالتالي القبول برئيس وسطي ووفاقي.

وتشير المصادر الى أن قطر تنسق تنسيقاً كاملاً مع المملكة العربية السعودية في كل خطواتها تجاه الملف اللبناني، وهذا كان موضع إجماع خلال قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض، فالتحرك القطري باتجاه لبنان، يتم أولاً بالتنسيق مع القيادة السعودية، خصوصاً بعد تقدم العلاقات بين المملكة والجمهورية الاسلامية الايرانية الذي تجلى من خلال زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الى السعودية ومن ثم الى بيروت، لا سيما أنها أتت بعد إتمام صفقة المعتقلين الأميركيين مع ايران، والتي عقدت في الدوحة، وأدت الى الافراج عن الأموال الايرانية في الخارج لا سيما في كوريا الجنوبية، بعد أشهر من المحادثات غير المباشرة التي توسطت فيها قطر، وبدأت في شباط من العام الماضي، وتخللها قيام مسؤولين قطريين كبار برحلات مكوكية بين طهران وواشنطن.

إذاً، بعدما لعبت قطر دوراً محورياً في إبرام صفقة بين واشنطن وطهران بشأن الافراج عن المعتقلين الأميركيين لدى ايران، مقابل الافراج عن أموال الأخيرة في الخارج، باتت تمتلك كل مقومات القيام بدور جدي ثلاثي الأبعاد والاتجاهات بين الادارة الأميركية والرياض وطهران، بشأن التوصل إلى تسوية للأزمة اللبنانية، خصوصاً وبإعتراف جميع الأطراف المحلية والدول الخارجية، أن لبنان لا يمكن أن يخرج من أزمته المزمنة والمستعصية، من دون تفاهم ثلاثي بين الدول الثلاث، وما عدا ذلك من تحركات وطروح لن يرتقي إلى حل حقيقي، قادر على وقف إنهيار لبنان، والبدء بورشة إنقاذه. الخلاصة، إن لبنان أمام مرحلة جديدة من التنسيق والتكامل الديبلوماسي بين السعودية وقطر بالنسبة الى مقاربة الملف اللبناني، على قاعدة توزيع الأدوار في ما بينهما، وهذا كان موضع إجماع خلال قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض.

شارك المقال