لودريان… ذهب ولن يعود؟

لينا دوغان
لينا دوغان

سنقرأ الكثير عن زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة، خصوصاً كما قيل إنها تحمل الجديد، وهو هذه المرة استبعاد إسم سليمان فرنجية من التداول، وبروز إسم قائد الجيش جوزيف عون كمرشح أول لرئاسة الجمهورية.

هكذا قيل، لكن في الخفايا على ما يبدو هناك أشياء أخرى، صحيح أن زيارة لودريان تسعى الى وضع حد للمأزق السياسي الذي يشل البلاد، بحيث يعمل بالتنسيق مع الشركاء في المنطقة، لكن يستبعد مراقبون أن تصل مساعي المبعوث الفرنسي الى أي نتيجة، اذ سبق أن فشلت حتى الآن كل المبادرات الفرنسية في لبنان، بالاضافة إلى أن القوى السياسية لا تزال متمسكة بمواقفها التي لم يوجد لها حل الى الوقت الراهن.

وعلى عكس من قال إن الموفد الفرنسي حمل جديداً هذه المرة، هناك من يرى عكس ذلك، فالمبعوث الفرنسي لا يحمل جديداً للأزمة السياسية، بل جاء ليرى ما إذا كانت القوى السياسية في لبنان لديها حلول جديدة، خصوصاً أنه تبنى المبادرة التي قدمها الرئيس نبيه بري والتي تقوم على الحوار لمدة أسبوع، ومن ثم دورات نيابية متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية.

أيضاً وأيضاً، لا يبدو أن الحل للخروج من الأزمة وانتخاب رئيس قد نضج بعد أو حتى اقترب، ولم نصل الى مرحلة وضع الأمور على سكة الحل، لأننا لا نزال في مرحلة عملية البحث عن خروق سياسية جديدة في مسائل ما، علها تساعد في إيجاد حلول مرضية لجميع الأطراف توصلنا الى انهاء حالة الفراغ الرئاسي، وبالتالي ما ترتب عليها من أزمات اقتصادية ومؤسساتية واجتماعية وغيرها من الأزمات التي تطال البلاد والعباد.

لودريان غادر خالي الوفاض، للسبب نفسه وهو أن القوى السياسية بقيت على مواقفها، لا بل وتمسكت أكثر وأكثر بها، فالمعارضة مصرة على رفض الحوار رفضاً لا رجعة عنه، والطرف الآخر يقول بأهمية الحوار حلاً وحيداً ومن يرفضه خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، لا يريد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى الجميع الاستجابة لدعوة الرئيس بري للحوار وانتخاب رئيس.

لكن في يومه الأخير في لبنان، زار لودريان عين التينة حيث التقى الرئيس بري، وأشارت المعلومات الى أن الموفد الفرنسي في صدد العودة خلال أيام الى لبنان لعقد اجتماع في قصر الصنوبر مخصص لبحث الأجوبة التي تلقاها من الأطراف السياسية، قد يكون بديلاً من الحوار، وهذا ما لم يرق لعين التينة وهي التي سمعت أيضاً بضرورة التراجع عن تسمية فرنجية، الا أن مصادرها بعد مغادرة لودريان عادت وأكدت أن مبادرة الرئيس بري قائمة وكذلك الدعوة الى الحوار.

لودريان العائد كما قال، سيحضر اجتماعاً للجنة الخماسية في نيويورك ليضع ممثلي الدول في نتائج زيارته الى لبنان، وبالتوازي مع مهمته ستكون هناك مهمة قطرية تنطلق عجلتها قريباً للحث على الخروج بحل سياسي وربما بصورة أوضح.

في تفاصيل ما جرى في زيارة لودريان أن هناك على ما يبدو شبه اتفاق يقوم على التخلي عن المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور والبدء بالبحث عن مرشّح ثالث، إذ إن هذا ما حاول الموفد الفرنسي إيصاله الى الأطراف كما سيطرح هذا الأمر في اجتماع الخماسية وأصبح واضحاً أن المرشح الثالث المطروح هو جوزيف عون، لكن الثنائي حتى الساعة لا يزال متمسكاً بمرشحه فرنجية.

تجدر الاشارة هنا الى أهمية اللقاء الذي دعا اليه السفير السعودي وليد بخاري في دارته في اليرزة بحضور لودريان، وقد جمع الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عدداً من النواب السنة، وكان مناسبة للاستماع الى كل من الموفد الفرنسي والسفير السعودي، كما أضاء بصورة واضحة وصريحة على التناغم السعودي – الفرنسي والدور الذي يلعبه البلدان تحت سقف اللجنة الخماسية.

في الخفايا، زيارة لودريان أربكت الثنائي ومعه جبران باسيل، وأراحت المعارضة وأطرافها المسيحية، وعملت الى جانب السعودي على ترتيب البيت السني، لعل شيئاً ما بدأ يتحضر ولكن ليس في القريب العاجل، هذه المرة على موعد مع موفد قطري وبانتظار مبادرته، وللمرة الرابعة لودريان إن عاد.

شارك المقال