مَن يسبق مَن: الأمني أم الرئاسي؟

لينا دوغان
لينا دوغان

اشتدي أزمة تنفرجي، ربما بهذه الطريقة تعود اللبنانيون أن تحل مشكلاتهم، أو ربما كانت هذه الطريقة التي سارت عليها كل طرق الأزمات للوصول الى الحل، وأيضاً وكما كل مرة تبدأ الأمور من الباب الأمني. صحيح أن كل تصريحات المسؤولين وخصوصاً الأمنيون منهم تشير الى أن الوضع الأمني ممسوك، الا أن ما يجري من أحداث كبيرة كانت أم صغيرة يأخذنا الى مرحلة حساسة ربما تكون انتقالية في الوضع السياسي الراهن.

كل الأحداث التي مرت وستمر ما هي الا رسائل في كل الاتجاهات، من مخيم عين الحلوة الذي وصلت فيه الأمور الى مرحلة خطيرة جداً وعلى الرغم من دخوله وقف النار الا أن العين لا تزال عليه، حتى أن ما جرى اعتبر وكأنه مسرح لتوصيل الرسائل، ما دفع بعدة دول خليجية وعلى رأسها السعودية الى اصدار بيانات تحذير تراوحت بين دعوة رعاياها إلى مغادرة لبنان فوراً والابتعاد عن نقاط التوتر. تسليط الضوء على أحداث عين الحلوة وخلفياتها مهم جداً، لكن أيضاً ما حدث في عين ابل قضاء بنت جبيل من قيام عدد من المسلحين الملثمين من خارج البلدة، بنصب حاجز لبعض الوقت وعمدوا إلى توقيف المارة من أبناء عين ابل خصوصاً واعادتهم على أعقابهم إلى البلدة، وما حدث في زحلة من اطلاق نار على مركز لـ “القوات اللبنانية”، أما الحادث الثالث والأخطر لما يعنيه من دلالات، فهو ما حدث في مجمع السفارة الأميركية في عوكر، عندما فتحت سيارة يقلها مسلحون النار مباشرة باتجاه مدخلها في ساعة متأخرة من الليل.

على الرغم من ذلك يسعى الجميع جاهدين الى عدم خروج الأمور عن السيطرة والوصول الى مرحلة الانفلات الأمني، لكن السؤال يبقى هل سيكون بمقدورهم ضبط ذلك خلال هذه الفترة الحرجة جداً، والتي تعكس وبوضوح عمق الأزمة السياسية التي يمرّ بها لبنان حالياً؟

يذهب الفرنسي قائلاً: عليكم بمساعدتنا للخروج بحل ولا يمكن للوضع أن يبقى على ما هو عليه، ليأتي القطري ويقول: تعالوا الى كلمة سواء وتوحدوا حول إسم من الأسماء المطروحة، لكن كما يبدو جلياً فان الأزمة الرئاسية لا تزال عالقة في المربع الأول، فالمواقف السياسية على حالها لناحية تمسك كل فريق بموقفه إن لجهة الحوار، بين الداعم والرافض له، أو لجهة دعم مرشح دون آخر.

يُعد الموفد القطري الأرضية من خلال اللقاءات التي يجريها مع كل الأطراف، للمرحلة الثانية من المهمة القطرية التي سيتولاها وزير الدولة للشؤون الخارجية. تتسم المرحلة الأولى بحسب ما نلاحظ بالكتمان وبأن ما يتم تداوله عن مضمون الاجتماعات التي يعقدها يشير إلى أن الدوحة تحذر الألغام المزروعة في طريق هذا الاستحقاق محلياً واقليمياً، والتي ظهر عملياً أنها انفجرت بالمسعى الفرنسي وآخرها مع جان ايف لودريان.

حتى الآن لا معلومات سوى أن المشاورات واللقاءات القطرية استطلاعية تمهيدية باتجاه الانتقال الى طرح الخيار الثالث، لكن وبحسب الردود التي سمعناها فإن هذه النقطة لا تلقى تجاوباً، لا سيما من جانب الثنائي الشيعي المتمسك حتى الآن بمرشحه سليمان فرنجية، في حين أعلن أكثر من طرف في المعارضة استعداده للانتقال إلى خيار جديد.

من الممكن طبعاً أن مهمة الموفد القطري إقليمية أكثر منها داخلية خصوصاً أنها جاءت مباشرة بعد لقاء “الخماسية” في نيويورك، والقطري يعتقد أن باستطاعته إقناع الطرف الإيراني وبالتالي اقناع “حزب الله”، الا أن هذه المهمة لها أهميتها الداخلية أيضاً، إذ إن الموفد القطري يحاول جمع كل الفرقاء من خلال محاولة طرحه عدة خيارات وليس خياراً واحداً، بمعنى أن في جعبته لائحة بأسماء توافقية على رأسها قائد الجيش جوزيف عون.

ليس مستغرباً أن يكون الموفد القطري الذي يستطلع الأوضاع والأجواء في لبنان شخصية أمنية، لأن الأمور في لبنان اذا بقيت على ما هي عليه، فلن يكون الأمن دائماً بخير.

فهل بدأ الجميع وعلى الرغم من كل المحاولات ينظر بتشاؤم الى المسار السياسي الذي يحيط بالانتخابات الرئاسية، وبدأ القلق الفعلي من مرحلة أمنية خطيرة جداً، تعيد خلط الأوراق من جديد، خصوصاً أن الخوف من أن تكون أحداث عين الحلوة نهر بارد ثانياً كان سيناريو مطروحاً؟ كل شيء وارد أن يحصل في بلد انعدمت فيه جهود مسؤوليه للوصول الى حل، وينتظرون الموفد تلو الآخر ليأتيهم بالحل.

شارك المقال