المستعمرات المحاذية للحدود اللبنانية… تاريخ من الصراع

محمد شمس الدين

منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، اتجهت الأنظار إلى الحدود اللبنانية – الفلسطينية، تحسباً لأي تطور على الجبهة الشمالية لاسرائيل، في حال قرر “حزب الله” دخول الحرب لمساندة حليفته “حماس”.

حلّ التوتر ضيفاً منذ أول ليلة للأحداث، بحيث أصاب الارتباك الجنود الاسرائيليين لدرجة أنهم أطلقوا النار على بعضهم البعض، فيما كان أي حدث تافه على الحدود ينشر عنه الاعلام العبري ويصفه بالحدث الأمني، إلى أن بدأت فجأة صليات الصواريخ تنطلق من لبنان باتجاه المستعمرات على الجهة المقابلة، ما أدى الى رد اسرائيلي، داخل الأراضي اللبنانية، وتبين لاحقاً أن الجناح العسكري لحركة “الجهاد الاسلامي” نفذ عملية تسلل على الحدود من جهة لبنان، بالتزامن مع قصف صاروخي.

يمكن القول إن هناك حوالي 25 مستعمرة ملاصقة للحدود اللبنانية، أشهرها: نهاريا، زرعيت، شتولا، أفيفم، كريات شمونة ومسغاف آم.

نهاريا يصل تعداد سكانها إلى حوالي 50 ألفاً، وكانت يوما ما لآل تويني من بيروت، ولكن تم بيعها واحتلالها لاحقاً وحولت الى مدينة سياحية، ثم صناعية بعد بناء معمل لتصنيع مواد بناء من أسبستوس، ولكن بعد ثبوت مضار هذه المادة أوقفت المدينة المعمل، ولا تزال تعاني إلى اليوم من تبعاته. وتعد المدينة من أوائل المواقع المستهدفة بالصواريخ، في حال اندلعت حرب بين “حزب الله” واسرائيل.

النبي روبين، كانت قرية فلسطينية تقع على بعد 28 كيلومتراً شمال شرق عكا، في العام 1948، أمر الجيش الاسرائيلي سكانها بالعبور إلى لبنان، ما أفرغها من أهلها. وأقيمت مستعمرة شومرا إلى الغرب من موقع القرية في سنة 1949. وتقع مستعمرة إيفن مناحم التي أنشئت في سنة 1960 قرب موقع القرية على تلة إلى الغرب منه. وأقيمت مستعمرة كفار روزنفالد وكان اسمها الأصلي زرعيت والتي لا تزال تعرف بهذا الاسم في سنة 1967 على أراضي القرية، مثل مستعمرة شتولا التي تأسست في سنة 1969.

مستعمرة أفيفيم هي موشاف (قرية زراعية باللغة العبرية) تبعد أقل من كيلومتر واحد من الخط الأزرق مع لبنان، على أرض قرية صلحا الفلسطينية، التي هجر منها سكانها بعد مجزرة نفذتها القوات الاسرائيلية بتاريخ 18 آب 1948. وكان عدد سكانها في العام 2012 يبلغ 481 نسمة. تأسست موشاف في العام 1958، ولكن سرعان ما تم هجرها بعد ذلك. وأعيد إنشاؤها في العام 1963 واستوطنها مهاجرون من شمال إفريقيا، كان معظمهم من المغرب.

كريات شمونة مدينة تقع في المنطقة الشمالية في إسرائيل على المنحدرات الغربية من سهل الحولة بالقرب من الحدود اللبنانية. تأسست عام 1949 على أنقاض قرية الخالصة بعد تدميرها وتهجير أهلها عام 1948. يبلغ عدد سكانها 23,076 نسمة حسب إحصائيات العام 2015.

في العام 1920 حصل قتال في مستعمرة كفرجلعادي بين العرب والمستوطنين اليهود، فسقط يوسيف ترمبلدور ومعه سبعة من الصهاينة، وأقيم لهم قبر جماعي ونُصب تمثال “الأسد الزَّائر”، أي الذي يزأر. وتكريماً لهم سُمِّيت بلدة الخالصة الفلسطينيَّة “كريات شمونة”، أي قرية الثمانية.

مستعمرة ميسغاف آم تقع بالقرب من الحدود مع لبنان، مقابل بلدة العديسة، وتطل من جهة أخرى على وادي الحولة. تأسست في 2 تشرين الثاني عام 1945، في ذكرى وعد بلفور، وتقع في الجزء الشمالي من قرية هونين الفلسطينية المهجورة. ووفق إحصاء عام 2021 كان عدد سكانها 358 نسمة.

تشكل هذه المستعمرات الحدودية وغيرها مسرحاً دائماً للعمليات والقصف من جنوب لبنان، حيث شهدت العديد من الأحداث العسكرية، من قصف مدفعي وصاروخي، وعمليات تسلل واختراق، من مجموعات لبنانية وفلسطينية، ويعيش سكانها في هاجس دائم من التعرض للهجوم، فيما أنشأت اسرائيل ملاجئ وخطط طوارئ من أجل سكان هذه المستعمرات.

شارك المقال