لبنان مناصر للقضية الفلسطينية… وما يحصل “أكبر منه”

ساريا الجراح

فلسطين “قضية العالم” تعيش ما لم تعشه البلدان أجمع، أراضيها محتلّة، مواطنوها في شتات، وسماؤها رمادية بفعل القصف الاسرائيلي المتجاسر. كأن الكون بأسره متآمرٌ عليها، وإسرائيل لا تزال تواصل استخدام سياسة الانتقام وقتل المدنيين في قطاع غزة، حيث تلجأ العائلات الفلسطينية إلى غرفة ذات إضاءة خافتة وسط تصاعد أجواء الحرب البرية التي تلوح في الأفق. ولا يسعنا الا أن نستذكر آخر ما قالته الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة “والله القدس بتحزّن”.

اللافت أن ما يحصل اليوم مجرّد من العدالة والحق، واللبنانيون يترقبون بقلق وحذر إمكان تدهور الأوضاع جنوباً، وجرّهم الى الحرب المندلعة في فلسطين المحتلة والتي دخل فيها “حزب الله” خلسة، عبر قصفه مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يعتبرها اللبنانيون أراضي محتلة، وها هو اليوم يهدد بتوجيه سلاحه صوب العدو ما يجعل من الساحة اللبنانية حلبة صراع تعيدنا الى ويلات الحروب. والسؤال هنا يطرح نفسه: ألا نخاف على لبنان وعلى فلسطين؟ فالوطن كله يعلم جيّداً أن البلدين عاشا سلسلة صراعات لامتناهية وكان الجاني واحداً.

ولا بد للحكومة اللبنانية من أن تكون حاضرة بكاملها لأي رد قد يعرّض لبنان للخطر، وتشير مصادر رئاسة الحكومة في حديث لـ “لبنان الكبير” الى الجهود التي يقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي وحرصه الدائم على اخراج موقف وطني موحّد من الجميع.

“لبنان مناصر للقضية الفلسطينية” هذا ما تمسّكت به الحكومة خصوصاً أن لبنان حتى اللحظة لا يزال يراعي قواعد الاشتباك التي كانت سائدة لسنوات طويلة وهدفه صد العدوان عنه، وما يحصل “أكبر من لبنان نفسه”، بحسب المصادر، التي نوهت بأداء أحد المسؤولين الذين يسعون الى تجنيب لبنان شرب “الكأس المرة”، كما أن الساحة اللبنانية تعيش مناوشات حتى اللحظة، آملة عدم انزلاق لبنان الى اعتداءات من الجانب الاسرائيلي، لكنها تشدد على وجوب “الأخذ في الاعتبار أهمية الدفاع عن النفس في وجه العدو”.

وتتلخص مواقف النواب التغييريين وعلى رأسهم النائب وضاح الصادق في أن “أي قرار يتخذ يجب أن يكون صادراً عن الحكومة اللبنانية ولكن هذا مستحيل بسبب سيطرة الحزب على مفاعيل الحكومة والدولة”. ويعتبر الصادق في حديث لـ “لبنان الكبير” أن الحزب يعي خطورة التدخل في الحرب وحجم الضرر الذي قد يجلبه على الجنوب خصوصاً ولبنان عموماً، مشيراً الى أن “الخوف يقع على عاتق تعلق قرار الحزب بيد ايران والدليل ردّهم على التهديدات بالقول: الصواريخ ستطلق من العراق واليمن ولبنان للرد على أي اعتداء يمس بسيادة ايران، ولم يذكروا حتى أنهم سيقومون بالرد، علماً أن التاريخ لم يشهد اطلاق رصاصة واحدة من ايران على اسرائيل”.

ويكتفي عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب الياس اسطفان بالقول: “فليتوقف حزب الله عن التدخل في فلسطين وعن زج لبنان في هذا النفق المظلم الذي يعيشه”. ويؤكد أن رأيهم كان ولا يزال واضحاً مثل “عين الشمس”.

أما الحزب “التقدمي الاشتراكي” فيشدد على لسان نائبه بلال عبد الله أن “الوضوح يطفو على مواقف وليد جنبلاط بدعوته ودعمه وتضامنه مع القضية الفلسطينية وحرصه الدائم على عدم توريط لبنان لا من قريب ولا من بعيد”، مذكراً بأن “جنبلاط قالها في بيانه بأن الشعب الفلسطيني يقاوم إسرائيل”. ويعرب عن دهشته من بعض التصريحات التي صدرت عن أقطاب الممانعة في لبنان حول تدمير إسرائيل، مشيراً الى “أننا لسنا بحاجة الى صراع يهودي – إسلامي”.

ويؤكد عبد الله أن “جنبلاط طلب من حزب الله ضبط الجنوب أكثر من أي وقت مضى خصوصاً من بعض التنظيمات التي قد تتسلّل الى الأراضي المحتلة مع الحزب”، واصفاً كلام النائب محمد رعد عن أن الأوان آن لزوال إسرائيل بأنه “غير مفيد”.

ويلفت عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب وليد البعريني الى استعدادهم التام لعقد اجتماع سريع يخرجون منه بموقف موحد، معرباً عن اعتقاده أن “حزب الله أذكى بكثير من أن ينجر الى معركة مع العدو، وأن العكس ما هو الا ضربة قاسية على الجميع وسيكون قرارنا واضحاً جداً وغير مسبوق”.

وعن اعتبار لبنان ساحة معركة، يقول البعريني: “موقفنا أساس كاسلاميين وطنيين نملك نفسين أحدهما مقاومة والثاني حياتنا الطبيعية التي تحتاج الى الأمن والأمان، ولكن الساحة اللبنانية ستبقى الى جانب القضية الفلسطينية أي أن الرابط العروبي هدفنا الوثيق”.

الى ذلك، اختلفت مواقف المصادر المقرّبة من “حزب الله” التي أوضحت أن “أي تصعيد إسرائيلي باتجاه لبنان سيقابله ردّ عنيف من الحزب”، محذرة من أن “اسرائيل إذا تجاوزت الخطوط الحمر في فلسطين فإن حزب الله لن يبقى على الحياد وسيدخل المعركة”.

شارك المقال