الاجتياح البري لغزة (٢)… السيناريوهات المتوقعة أقرب الى المجازفة العسكرية

زياد سامي عيتاني

تخوض اسرائيل الآن حرب انتقام وابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتستخدم سياسة الأرض المحروقة، من خلال قصفها الهمجي التدميري بلا هوادة على قطاع غزة، مستخدمة القذائف والقنابل الشديدة التدمير، يترافق ذلك مع نشر صور الحشودات العسكرية في غلاف القطاع، وذلك منذ السابع من الشهر الجاري، من دون أن يوفر قادتها مناسبة، للقول انها تندرج في سياق التحضير لعملية إجتياح غزة! ولا تقف أهداف الهجمة الوحشية الاسرائيلية عند هذا الحد، بل إن إسرائيل تريد إخلاء قطاع غزة باتجاه صحراء سيناء المصرية ولاحقاً إخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين.

وعلى الرغم من مضي ما يزيد عن عشرة أيام على عملية “طوفان الأقصى”، فإنها لم تقدم حتى اللحظة على تنفيد الهجوم البري، أقله لاستعادة بعض من هيبتها العسكرية. وهذا التأخير العملاني، يطرح جملة تساؤلات؛ هل هذا يأتي في سياق الحرب النفسية وحرب الاشاعات أم في سياق تضليل المقاومة وتشتيت جهودها وخداعها واستنزاف قواتها أو تمهيداً للحرب البرية، علماً أنها لا تزال في مرحلة التحضير لها؟ خصوصاً وأنه رهان محفوف بالمخاطر لأن جيشها لم يشن عمليات توغل برية على مدى السنوات الـ 15 الماضية إلا بطريقة سريعة للغاية على أهداف محددة وأدت كلها إلى خسائر كبيرة على الجانبين.

على العدو الصهيوني قبل أي مجازفة أن يحدد “ما هي أهدافه من الحرب البرية إن وقعت”؟

  1. بناء حزام أمني شمال قطاع غزة؟
  2. اعادة احتلال قطاع غزة؟
  3. تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية؟
  4. عملية اختراق محدودة لتنفيذ اغتيالات واعتقالات؟

كل هدف من هذه الأهداف يحتاج إلى خطة عسكرية تنفيذية مختلفة، وفقاً للقراءات الاستخباراتية والمعلوماتية، وتقدير نقاط الضغف والقوة وحجم الخسائر لدى كل من المقاومين والاسرائيليين على حد سواء. وعليه، فإن الخبراء العسكريين يضعون إحتمالات أن ينفذ الجيش الاسرائيلي واحداً من السيناريوهات الآتية:

– السيناريو الأول: حرب بلا أهداف بنقل الحصار الخارجي من غلاف قطاع غزة الى الداخل وتنفيذ عمليات استطلاع وجمع معلومات وجس نبض بالقوة عبر اختراقات محدودة ومناورات واسعة لتجنب الخسائر، مقرونة مع تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات ما أمكن، كمرحلة أولى ثم أي هدف يلوح في الأفق لاحقاً.

– السيناريو الثاني: التقدم المحدود على محورين رئيسين في شمال غرب جباليا وشمال شرق بيت حانون وبناء حزام أمني ومناطق عازلة تحول دون إطلاق الصواريخ الفلسطينية. هذا السيناريو يقلل من إمكان المواجهة والالتحام مع المقاومة ويعطي هامش مناورة للتراجع في حال الوصول الى اتفاق وقف إطلاق نار، وهو الأكثر احتمالاً.

– السيناريو الثالث: التقدم نحو محور صلاح الدين وبمحاذاة الحدود مع تقدم آخر على محور في الجنوب شمال رفح ومحاور فرعية أخرى للتضليل. وفي هذا السيناريو كثير من المحاذير من شأنها فتح كثير من الأبواب المغلقة والتي لا ترغب فيها إسرائيل في وضعها المتأزم الحالي.

– السيناريو الرابع: تقطيع الأوصال والتقدم من محاور رئيسة متعددة من الشمال بيت حانون وبيت لاهيا من الشرق وانزالات بحرية في منطقتي الشاطئ شمال غرب، والنصيرات ودير البلح جنوب غرب مدينة غزة، بهدف إستنزاف عدد كبير من طاقة المقاومة الفلسطينية وعزل القوات ومنع التواصل، وهذا الاحتمال يعني تصميم الجيش الاسرائيلي على التوغل والبقاء طويلاً ويحتاج إلى عدد كبير من القوات. وفي هذا احتمال وقوع خسائر في صفوف الجيش الاسرائيلي أكبر وصعوبة في الانسحاب.

– السيناريو الخامس: الأخطر والمتمثل في استهداف الرأس حيث وجود القيادات الفلسطينية والاحتياط الاستراتيجي من الأسلحة الحديثة والمتطورة، وهو السيناريو الأخطر على إسرائيل لاحتمال وقوع خسائر كبيرة في صفوفها وعدم ضمان الانتصار وتحقيق الأهداف بل والتورط في مستنقع الحرب الطويلة. وينفذ هذا الاحتمال من خلال تقدم بري وخرق سريع باتجاه عمق غزة من الشرق يرافقه بناء رأس جسر وتقدم من البحر تقوم البوارج البحرية بإنزال الدبابات والجنود للإطباق وتطويق غزة مع تثبيت للمحاور الأخرى في الشمال وشمال شرق والجنوب وجنوب شرق بنيران الطيران والمدفعية والتحركات الوهمية، لكن هذا السيناريو محكوم بقدرتهم على جمع معلومات تفصيلية وثيقة عن المقاومة.

أياً تكن خطة الهجوم البري على غزة، التي بحكم المؤكد أنها وضعت بإنتظار ساعة الصفر من “الكابينيت” فإن التفوق المدفعي والجوي الاسرائيلي ليس مؤشراً على القدرة العسكرية، وأنّ أيّ جيش نظامي عاجز عن تحقيق التقدم في القتال في المناطق الآهلة، في ظل الاختلاف التقني بين الجيوش المنظّمة ومجموعات المقاومة.

المؤكد أن الحرب البرية التي تتطلب تكتيكات وإستراتيجية، لن تكون بالنسبة الى الجيش الإسرائيلي نزهة، خصوصاً مع فرصة الالتحام المباشر بين المقاتل الفلسطيني المسلح بارادته وشجاعته، وبين الجندي الاسرائيلي الفاقد لمعنوياته، والمرتكز على إسناد طائراته ودباباته، التي ستفقد الكثير من فاعلياتها القتالية في معركة غزة عندما سيجد الجنود الاسرائيليون أنفسهم وجهاً لوجه مع المقاومين

شارك المقال