هل تشتعل الضفة الغربية جبهة مواجهة ثانية بين الفلسطينيين واسرائيل؟

زياد سامي عيتاني

بينما يستعد الجيش الاسرائيلي لاقتحام غزة وفقاً لمزاعم جنرالاته، وبعد مرور أكثر من 15 يوماً على اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل و”حماس”، إثر الهجوم المباغت وغير المسبوق في تاريخ الدولة العبرية الذي نفذته حركة المقاومة الاسلامية، شنت الطائرات الاسرائيلية هجوماً مفاجئاً على الضفة الغربية، التي تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس. وكانت قوات الاحتلال اقتحمت عدة مناطق في الضفة الغربية في اليومين الماضيين، وشنت حملة اعتقالات واسعة، في حين شهدت مناطق عدة مواجهات بينها وبين المواطنين. وكشف مسؤولون فلسطينيون أن القوات الاسرائيلية دهمت مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الضفة ونفذت ضربة جوية عليه، ما أسفر عن استشهاد 12 شخصاً.

وفي محاولة لتبرير إعتدائه الجوي، أعلن الجيش الاسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) في بيان مشترك أن الطائرات “دمرت مسار نفق تحت الأرض في مسجد الأنصار”، وأن “خلية تخريبية مشتركة لحماس والجهاد الاسلامي كانت داخل النفق ومسؤولة عن سلسلة من الهجمات التي نفذت في الأشهر الأخيرة”. كما أكد الجيش الاسرائيلي أنه في حالة تأهب قصوى ويستعد لإحباط هجمات، بعضها قد ينفذه مسلحو “حماس” في الضفة الغربية. ويعد قصف الطيران الحربي الاسرائيلي أهدافاً في الضفة، أمراً غير معتاد، اذ كانت المرة الأخيرة التي أقدمت فيها إسرائيل على ذلك في الثالث من تموز الماضي، ووقتها، وللمرة الأولى منذ نحو 20 عاماً، أطلقت مروحية من طراز “أباتشي” صواريخ لتأمين عملية إنقاذ قوات وآليات عسكرية وقعت في كمين مُحكم في جنين.

يذكر أن الضفة الغربية تشهد موجة توتر ومواجهات ميدانية بين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي، بالتزامن مع حرب الابادة الجماعية التي تشنها الطائرات الاسرائيلية على قطاع غزة. وحتى الآن استشهد أكثر من 70 فلسطينياً في اعتداءات الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول الجاري، واعتقلت إسرائيل أكثر من 800 شخص. وتزامن الاعتداء على الضفة مع زعم المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي (شين بيت) ليور أكرمان بأن المخاوف من اضطرابات واسعة في الضفة الغربية “قائمة قبل حرب حماس”. وأكد أن “حماس تحاول منذ سنوات بذل كل ما في وسعها لتحفيز الارهابيين في الضفة الغربية” (حسب تعبيره)، كاشفاً عن القبض ليل السبت على نحو 100 فلسطيني في الضفة الغربية، بينما في الأيام العادية كان الشين بيت “يعتقل فقط من لديه معلومات بأنهم يستعدون لهجمات إرهابية”. أما المتحدث العسكري الاسرائيلي جوناثان كونريكوس فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، متهماً حركة “حماس” بأنها تحاول “إقحام إسرائيل في حرب على جبهتين أو ثلاث جبهات”، بما في ذلك الحدود اللبنانية والضفة الغربية. ووصف مستوى التهديد بأنه “مرتفع”.

ويقول محللون إن أحد مباعث قلق إسرائيل في الضفة الغربية هو الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون الذين لديهم ولاءات متباينة، ولكن يجمع بينهم الازدراء العام للاحتلال. وتجدر الاشارة إلى أنه قبل اندلاع الحرب على غزة، ذكر استطلاع رأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في أيلول الماضي، أن 58% من الفلسطينيين عبروا عن تأييدهم “العودة إلى المواجهات والانتفاضة المسلحة”، مقابل 20% يؤيدون المفاوضات و24% يؤيدون المقاومة الشعبية السلمية. وأظهرت استطلاعات رأي جرت في الآونة الأخيرة وجود دعم شعبي هائل بين الفلسطينيين للفصائل المسلحة.

تصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة منذ أن بدأت إسرائيل بقصف قطاع غزة والاشتباك مع “حزب الله” على الحدود مع لبنان، يعني أن المنطقة المضطربة أصلاً، قد تصبح جبهة ثالثة في حرب أوسع نطاقاً ضد جيش الاحتلال. لذلك، تخشى الدول الغربية الداعمة لاسرائيل من حرب أوسع نطاقاً يكون فيها جنوب لبنان جبهة ثانية والضفة الغربية جبهة ثالثة محتملة. كما أنها تتخوف من المظاهرات التي تخرج بالآلاف حالياً، ويمكن أن تتحول إلى مظاهرات بعشرات الآلاف، ما يبعث على التخوف من أن يتفلت الشارع الفلسطيني، وبالتالي تصبح السلطة عاجزة عن ضبطه، بعدما تكون منظومتها قد إهتزت.

هل تصاعد وتيرة التوترات في الضفة الغربية، هو مقدمة لجعلها جبهة ثانية مشتعلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين أم أن ما يحصل يبقى ضمن نطاقه؟

شارك المقال