من أوسلو إلى القدس: بيروت ما بعد الطوفان!

عاصم عبد الرحمن

يكثرُ الحديثُ في الأروقة الديبلوماسية وصالونات عواصم القرار العربية والاقليمية والدولية عن ضرورة فتح باب التسوية وإيجاد الحلول السياسية والعسكرية، بعد عملية “طوفان الأقصى” التي جرفت الصراع العربي – الاسرائيلي إلى مكان آخر حيث يُعاد النظر في كثير من القرارات والمواقف التي كانت قد تبنتها بعض القوى والدول العربية وأبرزها تجميد مشاريع التطبيع مع إسرائيل.

يُعدُّ مشروع إقامة دولة فلسطينية على حدود الـ 67 التي تقوم على أراضي حدود 4 حزيران 1967 أي ما قبل النكسة التي مُنيَ بها العرب والفلسطينيون وتضم مناطق الضفة والقدس الشرقية وغزة وما يربط بينها، وتشكل الدولة المقترحة 22% من مساحة فلسطين التاريخية، في مقابل قيام دولة للعدو الصهيوني على الأراضي التي احتلها عام 1948 والتي تشكل 78% منها، من أبرز الطروح التي أُعيد التداول بها. كذلك طُرحت فكرة العودة إلى اتفاق أوسلو الذي وُقّع بين السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي عام 1993، فأي ملامح سياسية وعسكرية سترسمها عملية “طوفان الأقصى” من فلسطين إلى لبنان مروراً بالمحور الممانع ككل؟

اتفاق أوسلو

وقع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض اتفاق تشكيل سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي عُرف بـ “اتفاق أوسلو” في 13 أيلول 1993 نسبةً إلى العاصمة النروجية التي جرت فيها المفاوضات وأوصلت إلى هذا الاتفاق، الذي مهدت له الولايات المتحدة من خلال تنظيم المؤتمر الدولي للسلام في مدريد عام 1991 وكانت المرة الأولى التي تحدث فيها العرب مع إسرائيل بصورة مباشرة.

يُعرف اتفاق أوسلو رسمياً باسم “إعلان المبادئ الفلسطيني – الاسرائيلي” وينص على إنهاء عقود من المواجهة والنزاع والاعتراف المتبادل بحقوقهما السياسية وبدء مفاوضات للانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية وغزة على مرحلتين:

المرحلة الأولى “الاعدادية”

تبدأ يوم 13 تشرين الأول 1993 وتنتهي بعد 6 أشهر حيث تُجرى مفاوضات تفصيلية على محورين:

المحور الأول:

– الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا، وينتهي في غضون شهرين، ويجري انتقال سلمي للسلطة من الحكم العسكري والادارة المدنية الاسرائيلية إلى ممثلين فلسطينيين تتم تسميتهم لحين إجراء انتخابات المجلس الفلسطيني.

– لن يكون الأمن الخارجي والعلاقات الخارجية والمستوطنات من مهام السلطة الفلسطينية في المناطق التي سينسحب الجيش الاسرائيلي منها. أما الأمن الداخلي فسيكون من مهام قوة شرطة فلسطينية تُشكّل من فلسطينيي الداخل والخارج مع وجود لجنة للتعاون الأمني المشترك.

– تشكيل صندوق طوارئ مهمته تلقي الدعم الاقتصادي الخارجي بطريقة مشتركة مع الجانب الاسرائيلي، ويحق للطرف الفلسطيني أن يسعى الى الحصول على هذا الدعم بطريقة منفصلة كذلك، ولا يمانع الاتفاق من وجود دولي مؤقت للإشراف على المناطق التي سيتم الانسحاب منها.

– إنسحاب إسرائيل تدريجياً بعد التوقيع على هذه الاتفاقية على أن ينتهي ذلك في غضون 4 أشهر أي في 13 نيسان 1994.

المحور الثاني:

– تشكيل سلطة حكم فلسطيني انتقالي تتمثل في مجلس فلسطيني منتخب يمارس سلطات وصلاحيات في مجالات محددة ومتفق عليها مدة 5 سنوات انتقالية.

– لهذا المجلس حق الولاية على كل الضفة وغزة في مجالات الصحة والتربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة، فضلاً عن الاشراف على القوة الفلسطينية الجديدة، ما عدا القضايا المتروكة لمفاوضات الحل النهائي مثل القدس، والمستوطنات، والمواقع العسكرية، والاسرائيليين الموجودين في الأرض المحتلة.

– إجراء انتخابات المجلس التشريعي تحت إشراف دولي يتفق الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي عليه، وتتم هذه العملية في موعد أقصاه 9 أشهر من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ الفعلي أي في 13 تموز 1994، وتفصل الاتفاقية في مَنْ يحق لهم المشاركة في تلك الانتخابات خصوصاً من القدس.

– يُترك نظام الانتخاب وقواعد الحملة الانتخابية وتنظيمها إعلامياً وتركيبة المجلس وعدد أعضائه وحدود سلطاته التنفيذية والتشريعية للمفاوضات الجانبية بين الطرفين.

– على المجلس الفلسطيني بعد تسلّمه صلاحياته تشكيل بعض المؤسسات التي تخدم التنمية مثل سلطة كهرباء فلسطينية، وسلطة ميناء غزة، وبنك تنمية فلسطيني، ومجلس تصدير، وسلطة بيئة فلسطينية، وسلطة أراض فلسطينية، وسلطة إدارة المياه الفلسطينية.

المرحلة الثانية “الانتقالية”

– تبدأ بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة وأريحا، وتستمر 5 سنوات تُجرى خلالها انتخابات عامة حرة مباشرة لاختيار أعضاء المجلس الفلسطيني الذي سيشرف على السلطة الفلسطينية الانتقالية، وعندما يتم ذلك تكون الشرطة الفلسطينية قد تسلّمت مسؤولياتها في المناطق التي تخرج منها القوات الاسرائيلية خصوصاً تلك المأهولة بالسكان.

– تكوين لجنة فلسطينية – إسرائيلية مشتركة للتنسيق وفض الخلافات، وأخرى للتحكيم عند عجز اللجنة الأولى عن التوصل إلى حل الخلافات. والحثُّ على ضرورة التعاون الاقليمي في المجال الاقتصادي من خلال مجموعات العمل في المفاوضات متعددة الأطراف.

– البدء بمفاوضات الوضع النهائي بعد انقضاء ما لا يزيد على 3 سنوات، وتهدف إلى بحث القضايا العالقة مثل: القدس والمستوطنات واللاجئين والترتيبات الأمنية والحدود إضافة إلى التعاون مع الجيران وما يجده الطرفان من قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك على أن يُبحث ذلك استناداً إلى قراريْ مجلس الأمن الدولي 242 و338.

“طوفان الأقصى” بين المسار والمصير

بقيَ اتفاق أوسلو أسير الصفحات التي وقَّع عليها المعنيون ورعاة الاتفاق، فالاسرائيليون أنفسهم الذين نكثوا وعودهم للنبي موسى الذي غاب عنهم 40 يوماً ليجدهم ضالين عابدين للعجل، أخلّوا بإعلان المبادئ وأعادوا احتلال الأراضي التي كانت تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بعد 7 سنوات من الاتفاق، فجاءت انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000 تعبيراً عن وصول عملية السلام إلى طريق مسدود عبر التملص من اتفاق أوسلو وتعطيله.

اليوم هبت عملية “طوفان الأقصى” كرد فعل هو الأقوى حيال استمرار الكيان الصهيوني في استفزاز المشاعر الفلسطينية والعربية والاسلامية وتحدي الارادة الانسانية. عملية عسكرية يقوم بها مجاهدو “كتائب عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” وغيرهم من المجاهدين غير مسبوقة لناحية التخطيط والتنفيذ والوصول إلى أكثر الأماكن حساسية ومواقع استراتيجية شكَّل اختراقها زلزالاً إدارياً وأمنياً واستخباراتياً بالنسبة الى العدو.

وعن النهاية المتوقعة لهذه العملية عسكرياً، يقول رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في “مؤسسة القدس الدولية” الدكتور هشام يعقوب لـ “لبنان الكبير”: “يسعى الاحتلال الاسرائيلي إلى إنهاء معركة طوفان الأقصى بمشهد نصر يعيد له شيئاً من الهيبة العسكرية التي أصابتها المقاومة الفلسطينية بمقتل. ولكن استقراء تاريخ الصراع مع الاحتلال واستشراف مستقبله يشيران إلى أن هذه المعركة ستنتهي بمشهد انتصار غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية، فعلى الصعيد العسكري تمكنت المقاومة من توجيه الضربة العسكرية الأولى وسط انهيار واضح للمنظومة العسكرية والأمنية الاسرائيلية خصوصاً فرقة غلاف غزة التي كانت تسمى بثعالب الجنوب أو ثعالب النار وتضم نحو 20000 جندي إسرائيلي. وفي ظل عجز الاحتلال عن تحقيق أي مكسب عسكري نوعي يستهدف البنية العسكرية للمقاومة فإن الاحتلال محكوم عليه بالفشل عسكرياً في هذه المعركة”.

أما سياسياً فيوضح يعقوب أن “قادة الاحتلال أعلنوا أنهم يريدون إحداث تغييرات جذرية على مستوى إدارة قطاع غزة وهذا هدف محكوم عليه بالفشل أيضاً، لأن حركة حماس التي تدير شؤون القطاع عززت رصيدها الشعبي أضعافاً مضاعفة ورسخت شرعيتها بين أبناء الشعب الفلسطيني ولن يستطيع الاحتلال إزاحة حماس عن إدارة قطاع غزة”، مضيفاً: “أما على مستوى الاحتلال فإن طوفان الأقصى سيتسبب بزلزال سياسي يطيح حكومة اليمين الديني المتطرف بقيادة نتنياهو إضافة إلى رؤوس الأجهزة الأمنية في إسرائيل”.

أي تسوية سيرسيها الطوفان؟

لا شك في أن أي عملية عسكرية تنتهي إما بانتصار أحد أطراف الصراع وإما بإرساء تسوية سياسية وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب كما أُنهيت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 باتفاق الطائف. ولأن الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي هو شأن عربي وإسلامي فإنَّ جهوداً ديبلوماسية وسياسية مشتركة ستبذل للتوصل إلى اتفاق ما يؤمل أنه يرضي الفلسطينيين في الدرجة الأولى. وفي هذا السياق، يقول يعقوب لـ “لبنان الكبير”: “إن الاحتلال الاسرائيلي نسف اتفاق أوسلو ومن غير الممكن أن يكون هو سقف التطلعات الفلسطينية خصوصاً بعد كل التضحيات التي يقدمها الفلسطينيون، بل على العكس تماماً فإنَّ غالبية الشعب الفلسطيني بمن فيهم الفصائل الكبرى في منظمة التحرير ترفض اتفاق أوسلو المشؤوم لأنه شكَّل غطاءً للاحتلال الاسرائيلي ليواصل جرائمه واعتداءاته وبالتالي سياساته التهويدية والاستيطانية”.

ويشير يعقوب إلى أنه “إذا كانت ستوجد دولة فلسطينية على حدود الـ 67 فإنها بلا شك ليست وفق اتفاق أوسلو وشروط الاحتلال الذي فكك المناطق الفلسطينية وجعل من الصعوبة بمكان إقامة دولة فلسطينية متواصلة الجغرافيا”.

هل تبدلت ملامح محور المقاومة؟

في الوقت الذي تحتفظ فيه سوريا بحق الرد منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، كذلك ما أعلنه السيد حسن نصر الله عن أنه لو كان يعلم بالإضافة إلى فقاعات إزالة إسرائيل الايرانية، يبدو أن محور المقاومة ليس على درجة عالية كما يزعم من التناغم والتنسيق، فقد أعلن رئيس حركة “حماس” في الخارج خالد مشعل أن “حزب الله” يقوم بجهود مشكورة لكن ذلك ليس كافياً. في هذا السياق، يقول يعقوب: “على الصعيد السياسي ثمة توافق كامل بشأن القضية الفلسطينية لا سيما مواجهة الاحتلال والتمسك بحقوق الفلسطينيين كافة، ولكن هذا التوافق ليس محصوراً بالدول والجماعات المنضوية تحت لواء محور المقاومة، بل هو توافق تجتمع عليه الغالبية العظمى من أبناء الأمة العربية والإسلامية ولا خصوصية كبيرة لمحور المقاومة في هذا الموقف السياسي”.

عسكرياً، يضيف يعقوب: “لقد شاهدنا مشاركة متفاوتة لقوى منضوية تحت محور المقاومة في لبنان واليمن وسوريا والعراق ولكنها ما زالت في سياق التصعيد المنضبط ووفق قواعد الاشتباك التي ترسخت في السنوات والعقود الماضية، ومع ذلك ينبغي ألا نقلل من أهميتها فالمعركة لا تزال متواصلة والتقويم النهائي لمدى التماسك العسكري والدفاع المشترك بين قوى محور المقاومة سيكون مع انتهاء المعركة”.

أين لبنان و”حزب الله” من التسوية؟

على الرغم من إلحاح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على إعلان حياد لبنان ليبقى بمنأى عن الصراعات القريبة والبعيدة، وكان قد سبق ذلك “إعلان بعبدا” الذي يدعو إلى تحييد لبنان على أثر تدخل “حزب الله” في الحرب السورية، إلا أن لبنان واقع على الدوام في صلب الأحداث التي تجري حتى في الصين، كيف لا وهو منقسم بين المحورين الغربي والشرقي وحتى على نفسه؟ وإذا كانت أحداث السويداء السورية تنذر بالتوجه نحو فدرلة سوريا بعد العراق، كذلك في حال الوصول إلى تسوية ما للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي والاتفاق على قيام دولتين وفق اتفاق أوسلو أو العودة إلى حدود الـ 67، فلا شك في أن لبنان سيتأثر بهذه التحولات الجيوسياسية في المنطقة على وقع مطالبات ملحة من قوى سياسية عديدة بإجراء تغييرات في النظام السياسي.

في هذا السياق يقول رئيس قسم حقوق الإنسان في “جامعة الجنان” الدكتور اسكندر سكر لـ “لبنان الكبير”: “لا عودة إلى اتفاق أوسلو لاختلاف الظروف والذرائع الاسرائيلية في ما يتعلق بالحدود الآمنة واستحالة العودة إلى حدود الـ 67، وعليه فإن النظام السياسي في لبنان سيبقى يمثل حاجة وظيفية للدول الكبرى حتى تستطيع التدخل على وقع التناقضات ساعة تشاء خدمة لمصالحها وأهدافها التوسعية علماً أننا نشهد عودة الدول الاستعمارية بقوة إلى الساحات والدول التي احتلتها سابقاً”. ويضيف: “حتى لو ذهب البعض إلى تحقيق أحلامه بلامركزية سياسية موسعة فإن مندرجات التنفيذ ستبقى حاملة لصاعق التفجير خدمة لمصالح دول القرار”.

“حزب الله” سيد القرار اللبناني وأحد أبرز القوى الفاعلة في محور الممانعة أو المقاومة كما يفضل تسميته، ومشاركته في عملية “طوفان الأقصى” لا تزال تندرج ضمن سياق قواعد الاشتباك مع العدو الاسرائيلي. وكان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب أعلن أن “حزب الله” وبالتالي إيران لم يكونا على علم مسبق بعملية “طوفان الأقصى” وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. من هنا يُطرح السؤال حول موقف “حزب الله” من أي تسوية فلسطينية – إسرائيلية متوقعة، وأي دور سيلعبه من ضمن إطار محور الممانعة الذي يكاد يتزعمه في المنطقة؟

في هذا السياق، يعتبر سكر أن “أي تسوية لن يُكتب لها النجاح من دون انخراط حماس والجهاد فيها وبالتالي قبول اللاعب الاقليمي الايراني وهذا سينعكس على موقف حزب الله حكماً، علماً أن الحزب يردد أنه يقبل ما يقبله الفلسطينيون، فهل هذا خطاب جدي أم مجرد فقاعة إعلامية؟”، ليجيب قائلاً: “قادم الأيام سيفصل ما بين جدية الخطاب وصدقيته وظاهرة التقية الاعلامية السياسية”.

لا شك في أن عملية “طوفان الأقصى” ستجرف كل الوقائع السياسية والعسكرية التي سادت ما قبله لترسو مكانها سفينة المتغيرات التي ستنتج عنها على الصعيد الفلسطيني والاسرائيلي سياسياً وعسكرياً، وعلى صعيد الخارج العربي والاقليمي في سبيل إعادة تقويم العلاقات المستجدة مع الكيان الصهيوني ومدى انعكاساتها على القضية الفلسطينية وداخل هذه الدول. أما على الصعيد الدولي فتُعدُّ عواصم القرار والأطراف المؤثرة أطباق التسويات طِبقاً لمصالحها ومصالح حلفائها أينما وجدوا. وعليه، لا بد من أن هناك تسوية ما تنتظر ساعة الصفر لإطلاقها يصرُّ الفلسطينيون هذه المرة على أن تكون وفق مقاس التضحيات التي يقدمونها في ميدان العزة والكرامة.

لبنان الجار الأقرب إلى فلسطين المحتلة والذي يكاد يجرفه طوفان الانهيار الاقتصادي الأقصى في تاريخه يقف عند مفترق طرق المتغيرات المنتظرة والتسويات المرتقبة ليكون جزءاً من مشروع نهضوي شامل في المنطقة على أن تشكل رسالته التعددية نموذجاً لبناء شرق أوسط قوامه الشراكة والحوار والحداثة وفق معايير الانسانية. فهل يجري “طوفان الأقصى” وفق ما تشتهيه السفن الفلسطينية واللبنانية الحرة؟

شارك المقال