تأثير المظاهرات المنددة بجرائم إسرائيل على مسار حرب غزة

راما الجراح

تكتسب المظاهرات الغاضبة ضد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة أهمية خاصة في المدن الغربية والعربية بعد خروج الآلاف احتجاجاً على العدوان الاسرائيلي وتنديداً بالمجازر المستمرة. ورجح مراقبون أن يمتد الهجوم المضاد ضد حركة “حماس” أشهراً، وسط تخوف من دخول أطراف أخرى على خط المواجهة.

سارت حشود ضخمة في عواصم العالم الكبرى للتضامن مع الفلسطينيين، ورفعت الأعلام الفلسطينية تأكيدا على تضامنها، ودعت إلى وقف العدوان على قطاع غزة فوراً، مطالبة بوضع حد لإراقة الدماء والحصار المفروض عليه، وإنهاء الاحتلال، وإدخال المساعدات الانسانية لسكانه. ومن أبرز العواصم التي حشدت للتظاهر مع فلسطين لندن حيث احتشد ما يقارب ١٠٠ ألف متظاهر فيها، كارديف عاصمة ويلز، ومدن أميركية أبرزها في واشنطن وشيكاغو وهيوستن ولوس أنجلوس وفيلادلفيا، كما تظاهر الآلاف في نيويورك، ومختلف مدن ألمانيا وأدّوا صلاة جنازة الغائب على ضحايا الهجمات الاسرائيلية في فلسطين.

وتجمّع عدد كبير من المواطنين في ساحة الاستقلال في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وآلاف الناشطين وأبناء الجاليات العربية والاسلامية في مدينة تورونتو في كندا أمام القنصليتين الأميركية والاسرائيلية، بالاضافة إلى اسطنبول وقبرص التركية، كما تظاهر الآلاف في الدول العربية: بيروت، القاهرة، تونس، بغداد، البحرين، صنعاء وعمان وغيرها من الدول تضامناً مع قطاع غزة ورفضاً لاستمرار القصف الاسرائيلي الانتقامي. فكيف سيؤثر الدعم الغربي لاسرائيل في مسار الحرب؟ وهل يكشف هذا الدعم ازدواجية معايير؟

أوضح المحلل السياسي والباحث في الشأن الاسرائيلي فراس ياغي عبر موقع “لبنان الكبير” أن “ما يحدث الآن في العالم من تحركات داعمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة يؤكد فشل الدعاية الاسرائيلية والأميركية في محاولة دعشنة ما يحصل وما جرى من اشتباكات ومن هجوم من كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية على الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة. هذه التظاهرات عامل ضغط كبير واستمراريتها ستؤدي إلى الضغط على الطبقة السياسية الغربية في أوروبا بالذات بإتجاه وقف هذا العدوان، ولكن هي ليست العامل الحاسم، فالأحداث السابقة وتحرك العالم من أجل وقف نزيف الدم الذي يحدث لم يستطيعا فرض وقف الحرب على الطبقات السياسية خصوصاً في أوروبا وأميركا، ولكن هذا سيوثر اذا ما طالت المعركة في قطاع غزة”.

وقال: “اذاً هناك عامل سيؤدي إلى ضغوط من الرأي العام العالمي على حكوماته وأن يكون هناك توسع للمعركة وسيتأثر العالم ككل وقد يؤدي إلى تدخل أميركا وهذا سيصعب الوضع على الادارة الأميركية والطبقة السياسية في أوروبا الغربية لوقف ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ما يحصل هو تقدم كبير يؤكد أن الرأي العام العالمي أصبح يعلم جيداً أن الشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال وازدواجية المعايير لدى الطبقة السياسية في أوروبا”.

وأعرب ياغي عن اعتقاده أن “الطبقة السياسية ليست في وارد الذهاب إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، على العكس من ذلك هناك ضوء أخضر أسماه المستشار الألماني دعم اسرائيل إلى حد، وعندما سألوه ما هو الحد، أجاب بلا حد، وهذا يؤكد أن كل المظاهرات لم تؤثر بعد في هذه المرحلة لأن ما حدث يعتبر تهديداً حقيقياً لما صنعوه في منطقة الشرق الأوسط بمعنى تهديد مصيري ووجودي لهم وانهاء لدورهم الذي رسموه لفرض هيبة الغرب عبرها في منطقة غنية بالطاقة والموارد الطبيعة ولديها الممرات البرية والبحرية”.

ورأى أن “المسألة ستأخد وقتاً أكثر مما نعتقد، ويجب الاستمرار في التظاهرات والضغط في هذا الاتجاه، لأننا قد نرى بعض السياسيين في دول أوروبية يضغط من خلال البرلمانات على الحكومات وقد تؤدي هذه التحركات إلى إسقاط حكومات في أوروبا بهذا الخصوص، وقد يؤدي الرأي العام الأميركي الى الضغط على الرئيس بايدن، ونتحدث عن أعضاء كثر من الديموقراطيين في الكونغرس الذين يرفضون الدعم الكامل لاسرائيل في قطاع غزة، لذلك يجب أن يستمر العالم في هذا الاتجاه لوقف آلية القتل الاسرائيلية ضد الأطفال والنساء تحديداً”.

أما أستاذ القانون والناشط السياسي والأستاذ المساعد في القانون العام في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية علي مراد فاعتبر أن “القضية الفلسطينية هي قضية تحولت من بعد العام ١٩٦٧ لتكون من احدى القضايا الرئيسة والمعيارية على مستوى العالم، وبالتالي الموقف منها يحدد العديد من القضايا الأخرى، وقد وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني الكثير من المواطنين على مستوى العالم لدعمه، حتى أصبحت قضيتهم الأولى. نجد أن اليسار دائماً هذه القضية جزء من هويته، ومن جهة ثانية أصبحت تعني الجالية المسلمة غير العربية كإطار جامع لهؤلاء الناس”.

وشدد على أن “عودة المظاهرات تؤكد أولاً أن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها على مستوى العالم وتعتبر من القضايا الأكثر اهتماماً بين الدول، ومع الأجواء الداعمة بعد بدء عملية طوفان الأقصى خلق هذا الموضوع ضغطاً على المتضامنين مع القضية الفلسطينية على الرغم من أنهم منعوا إعلامياً من التضامن ولكن ضمن تدابير قانونية، ففي فرنسا اتخذ وزير الداخلية قراراً بمنع المظاهرات بصورة مطلقة وهذا الأمر جعل الناس تقدم طعناً إلى مجلس الشورى في القضاء الاداري ما أبطل القرار بمعنى طُلب من كل محافظ أن يقرر ما اذا كان يريد الإلغاء أَم لا”.

ولفت الى أن “النقاش اليوم في المجتمعات الأوروبية حول قضية فلسطين عاد بعد الصدمة الأولى، وأعتقد أن هذه المظاهرات ستساهم في زيادة الضغط على الدول والحكومات التي تغطي حتى هذه اللحظة الجرائم الاسرائيلية ومستفيده من هذا الغطاء، لذلك كل هذه المظاهرات في العالم مهمة من حيث التضامن بمعناه واسع، ومهمة جداً على مستوى وقف القتال الذي يعتبر من أحد المهام الرئيسة التي يجب أن تتركز الجهود عليها”.

شارك المقال