تطهير عرقي جماعي في غزة… اسرائيل ستحاسب عاجلاً أم آجلاً

راما الجراح

في اليوم الـ٢١ من الحرب، شهدت غزة قصفاً إسرائيلياً على مناطق عدة في شمال القطاع هو الأعنف منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، ووثقت وزارة الصحة الفلسطينية سقوط ٧٣٢٦ شخصاً، بينهم ٣٠٣٨ طفلاً، إضافة إلى أكثر من ١٨٩٦٧ مصاباً.

ومع تواتر المجازر بحق المدنيين والتدمير الشامل للأحياء السكنية في غزة، يزداد الوضع الانساني تدهوراً، وأعلنت وزارة الصحة الانهيار التام للمنظومة الصحية في المستشفيات، وخروج أكثر من ٨ منها عن الخدمة نهائياً، وسط شح كبير في المحروقات والأدوية وحتى في مياه الشرب، ما يؤكد أن اسرائيل تتعمد إبادة الأهالي بالحصار والقصف، وتصويب هدفها الأساس نحو الأطفال الذين تخطت أعدادهم أكثر من نصف القتلى خلال هذه الفترة. ويقوم مركز أبحاث إسرائيلي له علاقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالترويج لخطط التطهير العرقي الكامل في غزة.

ونشر معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجي الصهيوني في ١٧ تشرين الأول الجاري، ورقة موقف تدعو إلى “إعادة التوطين والتوطين النهائي لجميع سكان غزة”، وإلى استغلال اللحظة الحالية لتحقيق هدف صهيوني طويل الأمد يتمثل في إبعاد الفلسطينيين عن أرض فلسطين التاريخية. ويوضح العنوان الفرعي للورقة: “هناك في الوقت الحالي فرصة فريدة ونادرة لاخلاء قطاع غزة بأكمله بالتنسيق مع الحكومة المصرية”.

المتحدث الرسمي لحركة “الجهاد الاسلامي” في لبنان محمد الحاج موسى قال لموقع “لبنان الكبير”: “منذ احتلال إسرائيل لفلسطين لا حدود للإجرام والقتل، يستهدفون الأطفال بصورة مباشرة والنساء وكبار السن، ما تغير اليوم هو القدرة الكافية على إيصال الصورة أكثر من قبل من خلال الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنقل الأحداث. الاحتلال الاسرائيلي ما عهدناه إلا مجرماً، ويقوم بهذه المجازر ولكنه فاشل على المستوى العسكري ولا يستطيع تغيير المعادلة، وما حصل في ٧ تشرين الأول هو انتصار كبير للشعب الفلسطيني ولكنهم يحاولون تشويه هذه الصورة وتغييرها إلى مجزرة”.

ورأى أن “المجازر الكبيرة في غزة تحتاج من المجتمع الدولي الى أن يرى بعينيه وأذنيه ويكون إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يملك الحق ويُباد على مرأى من العالم أجمع، لذلك يجب أن يكون هناك تحرك دولي على المستوى الرسمي، ومستوى الشعوب لتأكيد وقوفها إلى جانب المظلوم. المقاومة بخير والاحتلال لم يؤثر على بنيتها ولكن المجازر بحق الأطفال والنساء هي المشكلة لأن إسرائيل لا تفرق بين أحد وتقصف المستشفيات ودور العبادة، لذلك يجب أن تتوقف بقرار وقف إطلاق النار في هذه الظروف”.

وبالنسبة الى قرار التطهير العرقي في قطاع غزة، أكد الحاج موسى أن “هدف اسرائيل منذ اللحظات الأولى تهجير أهالي القطاع، ولكنهم رفضوا وصمدوا على الرغم من الدمار والأوضاع الصعبة، وضحوا لأجل فلسطين وكل الأمة، لذلك هم مستمرون في النضال، ولن نسمح لهم بكسر هذه الارادة، والجرحى يخرجون من تحت الأنقاض وهم يهتفون أنهم مع المقاومة وصامدون في أرضهم لحمايتها، وسنُسقط مشروع التطهير وسيخسر العدو هذه المعركة”.

أما رئيس المجلس اللبناني لحقوق الانسان وديع الأسمر فأوضح أن “القانون الانساني الدولي موجود لحالات الحرب، وتطبيقه يعني اللجوء الى المحاكم الدولية، وخصوصاً المحكمة الجنائية الدولية، وما يحصل حالياً يعتبر جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية. وعدم القدرة على اللجوء إلى المحكمة الجنائية، هو العرقلة في مجلس الأمن، لأنه الآلية الوحيدة، وحالياً غالبية دول المنطقة غير منتسبة الى هذه المحكمة، لذلك لا يمكن تقديم شكاوى مباشرة، وعليه هناك طريقتان، الأولى أن يضع المدعي العام يده على ملف انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب في فلسطين، ويفتح تحقيقاً فيها من تلقاء نفسه، وهذا ما نسعى اليه كمنظمات حقوقيه، وهناك حملة كبيرة على المنظمات الحقوقية الفلسطينية (وتحديداً الحق، PCHR، والميزان)، والآلية الثانية من خلال مجلس الأمن، وللأسف جميعنا يعلم أنه لا يمكن أن يحيل هذا الملف بسبب الفيتو الأميركي”.

وأشار الى أن “الاشكالية الأساسية نحن كمنظمات حقوق الانسان ليست لدينا محاكم لمحاسبة أحد، ولكن نلجأ الى المحاكم الدولية. السياسة تتحكم كثيراً في آلية المحاسبة الدولية، جميعنا يذكر عندما أصبح آرييل شارون وغيره عاجزين عن السفر بسبب الدعاوى ضدهم”، معرباً عن اعتقاده أن “محاسبة إسرائيل ستتم عاجلاً أم آجلاً في ما يخص هذه الجرائم، والرأي العام العالمي لم يضيّع الوقت ومواقفه لم تتغير، والاعلام الأوروبي والأميركي منذ ٧ تشرين الأول قرر إزالة كل الضوابط الأخلاقية والمهنية من خلال تغطيته الحرب التي تشنها إسرائيل على فلسطين، والضغط الشعبي في كثير من الدول سوف يعيد بعض الأشخاص إلى وعيه، وستتم محاسبتها ولو بعد سنوات”.

ولفت الأسمر الى أن “مَن يتابع القضية الفلسطينية وما يحصل بين إسرائيل وفلسطين من عشرات السنين، الحرب مستمرة وفترات هدوء، والمطلوب هو وقف إطلاق نار شامل وتام، ومن دون الاعتماد على الممرات الانسانية التي تخفف من المأساة فقط، ولكن من منطلق حقوقي يجب وقف هذه الحرب، والعودة إلى حلول يقبلها الفلسطينيون لأنهم يعتبرون الفريق الأضعف، وأي قرار لوقف اطلاق نار مؤقت جيد، وبكل صراحة الوضع الانساني لا يطاق في غزة، هناك عمليات تهجير قسري جماعي، عمليات إبادة جماعية تحصل، انتهاك يومي للقانون الانساني بحجة أنها حرب والمفارقة أن القانون وجد من أجل حالات الحرب”.

شارك المقال