اجتياح محدود قبل الصفقة؟

زاهر أبو حمدة

حاولت قوات الاحتلال التقدم ضمن المناورة البرية في قطاع غزة، بعدما قطعت الاتصالات والانترنت والكهرباء. واستخدمت الأحزمة النارية بـ”ذخائر الهجوم المباشر المشترك” (JDAMs)، وهي مجموعة تعمل على تحويل القنابل غير الموجهة إلى سلاح “ذكي” دقيق. وكذلك قنابل ارتجاجية دقيقة التوجيه لضرب غزة من الجو وكلها حصل عليها الاحتلال من الولايات المتحدة. وشملت ساحات القتال المباشر والتقدم أربعة محاور:

– المحور الأول شمال القطاع: إيرز، القرية البدوية، وبيت حانونا، مستخدماً في تقدمه شارع صلاح الدين وتشكيلاً مدرعاً وجهداً هندسياً.

– المحور الثاني شرق القطاع: مفساليم، تل الزعتر، وأبراج زايد، مستخدماً تشكيلاً مدرعاً ومصحوباً بجهد هندسي.

– المحور الثالث شرق القطاع: رعيم، البريج، مصحوباً بتشكيل مدرع وجهد هندسي.

– المحور الرابع غرب القطاع: ساحل رفح، مدينة رفح، مستخدماً تشكيلاً بحرياً وزوارق بحرية.

وبالفعل، تحركت قوات الاحتلال تحت غطاء ناري جوي وبحري وبري، لتمهيد الطريق عند الواجهات الشرقية والشمالية والغربية للقطاع، فقصفت مخيم الشاطئ ومناطق شمال غرب القطاع وأبراج الكرامة في حي الشيخ رضوان والسوادنية وأم النصر. ومع أن قوات المقاومة تصدت لتقدم الاحتلال بالمضادات وقذائف مضادة للدروع، إلا أن الأمور بقيت في إطار الكر والفر حتى فجر يوم السبت. وفي المحصلة، أسفر القتال عن تقدم بسيط لقوات الاحتلال وتموضعها داخل المناطق الشرقية لبيت حانون والبريج وهي تُعرف بمناطق ساقطة عسكرياً. ومن المتوقع أن يحاول الاحتلال التقدم في بيت لاهيا وجباليا وتل الزعتر شمال القطاع. وبالتالي، ما حصل هو “دفع المفارز” لتكون رأس حربة التوغل الى الأمام لكشف المناطق واستطلاع بالنار المناطق المستهدفة، ولكن لا يعني احتلالاً كاملاً لبعض المناطق لأنه لم يستطع تثبيت قواته بصورة تامة.

وعليه، لم يجرؤ الاحتلال على تسمية عملياته بالاجتياح البري انما أسماها بالتوغل البري خوفاً من النتائج والغرق في وحل غزة، ويبقي امكان الانسحاب وقت شاء. وهنا، الاجتياح المحدود يواجه بضغط سياسي وخلاف بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت وهذا ظهر الى السطح من خلال المؤتمرات الصحافية وما نقلته وسائل الاعلام العبرية. ومن المتوقع أن يضغط أهالي الأسرى عند المقاومة في غزة، فهذه العمليات العسكرية تؤكد أن مصيرهم سيكون مجهولاً بعدما أعلنت المقاومة عن مقتل 50 أسيراً من أصل 220 جراء القصف الاسرائيلي. وما سيضغط على الاحتلال هو التحول في الشارع الغربي وبعض المواقف العربية والاقليمية. إلا أن القرار الأميركي بعدم الاحتلال الشامل، كي لا يتكرر سيناريو العراق وأفغانستان، خوفاً من مفاجآت المقاومة، سيعجّل في التفاهم على صفقة تبادل أسرى مع وقف اطلاق نار ولو كانت المفاوضات حالياً بالنار والقذائف المحرمة دولياً.

شارك المقال