عام على الفراغ… الرئاسة في الثلاجة ولبنان في مهب الريح

آية المصري
آية المصري

بعدما كان الشعب اللبناني يعد الأيام لانهاء ميشال عون ولايته الرئاسية، جاء 31 تشرين الأول 2022 وخرج عون من قصر بعبدا أخيراً. وبعدها بدأ اللبنانيون يعدون الأيام لتنتهي مرحلة الشغور الرئاسي وينتخب رئيس جديد للجمهورية، ولم يحصل ذلك حتى هذه اللحظة مع مرور عام بأكلمه على الفراغ، وصحيح أنه أفضل حمن وجود عون وصهره المدلل جبران باسيل في السلطة، لكن الى متى سيبقى هذا الشغور الرئاسي متحكماً في البلاد، خصوصاً أن مؤسسات الدولة معطلة والفرقاء عاجزون عن التوافق على مرشح ينهي هذه الدوامة المستمرة منذ عام، في ظل مجلس نواب أبوابه موصدة منذ ما يقارب الخمسة أشهر؟ وأين بات هذا الاستحقاق اليوم؟ وهل من مبادرات خارجية أو داخلية في الكواليس؟

عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حمادة قال في حديث عبر “لبنان الكبير”: “للأسف قد يراهن البعض على تطورات الصراع الدائر والمجازر في غزة وحدّة التوتر في الجنوب للايهام بتفوق هذا المرشح أو ذاك في نهاية المطاف، بينما بعد عام من الفراغ الرئاسي وست سنوات من جهنم الرئاسة التي كانت قائمة تبقى المواصفات المطلوبة هي هي، أي رئيس خارج دائرة الخلاف، متوازن استقلالي عربي، ديموقراطي، مثقف، ونزيه”.

ورأى حمادة أن “أي خيار آخر لن يتم، وفي كل الحالات لن يؤدي الى حل الأزمة اللبنانية. نعم الخيار من الداخل، وبالتوافق، والخيار لرئيس حيادي يُبعد لبنان عن المحاور والعزلة والدمار والافلاس”.

وأكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أن “لا تطور في موضوع الرئاسة حالياً”، متسائلاً: “أين الوطن حالياً؟ ففريق حزب الله المرتبط بوحدة الساحات الاستراتيجية والايديولوجية وضع لبنان كله في مهب الريح، واليوم من يقول ان هناك قواعد اشتباك وليس حرباً، فهذه القواعد هي حرب وما يحصل في لبنان من وضع اقتصادي متردٍ وانهيار في كل القطاعات بعد ربطنا بالساحات الايديولوجية التي تديرها ايران، أصبح البلد كله في حالة اقتصادية انهيارية كاملة وهناك غياب للهيئات والبعثات الديبلوماسية عن لبنان”.

وشدد كرم على “أننا نعيش حالة الحرب وإن لم تندلع بكل فصولها، ومن هذا المنطلق الموضوع أبعد وأعمق من وجود امكان لانتخاب رئيس للجمهورية والقصة هل هذا الوطن مهدد في وجوده أم لا؟”.

واعتبر عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون أن “هذا الاستحقاق اليوم في الثلاجة وتطوّرات المنطقة فرضت نفسها كأولوية خصوصاً على أحد اللاعبين الأساسيين في الاستحقاق الرئاسي وهو حزب الله المنخرط بصورة كبيرة في المعارك الدائرة اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة الى الدول الخمس التي كان تقوم بجهد لمساعدة لبنان وإذا بها منشغلة بصورة كاملة بالحرب الدائرة في غزة”.

وحول وجود أي مبادرة داخلية أو خارجية، أوضح عون أن “لا مبادرات خارجية أو داخلية مطروحة الآن بسبب إنشغال الجميع بالحرب الدائرة في غزة التي تصدّرت كل الأولويات والاهتمامات”.

في المقابل، أسف عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب أيوب حميد لأن “الموضوع الرئاسي نتيجة الواقع اليوم وما يجري في فلسطين وغزة وجنوب لبنان، لم يعد في طليعة الاهتمامات على الرغم من أن التواصل واللقاءات كلها تبرم وتُحدث بأولوية انتخاب الرئيس لكن الواقع اليوم يفرض نفسه، وحتى الاهتمامات التي كان يحكى عنها من لجنة خماسية والحراك العربي في تقديري باتت تختلف عن اهتماماتنا كلبنان”.

وأوضح حميد أن “حسم الأحداث في فلسطين موضوع طويل ولا ينتهي بجولة كما هو قائم اليوم، على الرغم من مخاطرها والمجازر التي تُرتكب بحق الانسانية، وتمارسها اسرائيل بقرار أميركي وأوروبي متواطئ ومنغمس حتى النخاع في عملية ذبح أطفال فلسطين”، مشيراً الى أن “الصورة ضبابية حتى الآن في الشق الرئاسي، ونسأل الله أن يكون الوجع خفيفاً”.

ورأى النائب المستقل إيهاب مطر أن “الاستحقاق الرئاسي في أدراج القوى السياسية ومصالحها، مرت سنة على الشغور وسنة وشهران على امكان انتخاب رئيس للجمهورية ولا حياة لمن تنادي”، وقال: “من الواضح أن الوقاحة باتت فاضحة في تجاوز الدستور وفرض الأجندات الخارجية والمصالح الداخلية على هوية الرئيس. وبالتالي تم تفريغ الدستور من مضمونه، وبات المطلوب بالنسبة الى القوى السياسية الاتفاق المسبق على رئيس للجمهورية، أي اتفاق بين الكتل الكبيرة، وانتزاع دور النائب في البرلمان”.

أضاف: “من الواضح أن الاستحقاق ينتظر لحظة وعي عند الأحزاب التي تضع الشروط الخاصة بها والا في نظرها لا رئيس للجمهورية، ونأسف بعدما كان الاستحقاق في أولوية اللبنانيين وحتى الدول الصديقة، بات اليوم في كعب الاهتمامات جراء الجرائم التي ترتكبها اسرائيل بحق اخواننا الفلسطينيين، بينما الحقيقة توجب علينا في هذه الظروف تحديداً الاسراع في انتخاب رئيس لما في ذلك من تقوية موقف الدولة تجاه ما يجري. والأكيد منه أن لبنان توقف عن البحث عن اسم ثالث تتوافق عليه غالبية المجلس وتؤمن له جلسات بنصاب ٨٦ نائباً”.

وأشار مطر الى أن “الأنظار تتجه نحو غزة، فيما لا تزال القوى المسيحية تتناحر بين بعضها البعض من دون حد أدنى للتوافق، وترجمة ذلك واضحة في ملف الجيش وقيادته، والانقسام الحاصل بين التمديد لقائد الجيش جوزيف عون والمعارض لذلك، بحكم أن عدم التمديد يصعّب وصوله الى الرئاسة. واليوم القوى السياسية تراهن على الخارج، وتنتظر عمليات البيع والشراء والنتيجة واحدة هي أنها قوى تريد مصلحتها ولا تريد مصلحة لبنان”.

وشدد مطر على “أننا سنكمل طريق تمتين الدولة، والضغط لاتمام الاستحقاقات في موعدها، واليوم مطلوب جلسة واحدة مفتوحة بدورات متتالية لانتخاب رئيس وبعدها تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة للبدء بمسيرة اصلاحات كان يفترض أن تتم من سنوات، لكن النكد السياسي والتشبيح يسيطران على معالم الدولة واستحقاقاتها”.

ولفت عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب وليد البعريني الى أن “الاستحقاق الرئاسي لا يزال في الثلاجة، ولأن الفريزر مشغولة حالياً وضع هذا الاستحقاق على ألف درجة تحت الصفر، وحتى نخرجها نحن بحاجة الى مزيد من الوقت، لذلك المبادرة الداخلية أو الخارجية غير مهيأة للعمل في هذا الملف”، مشيراً الى أن “تواصل الموفد القطري مجمّد حتى الآن”.

وأشار عضو تكتل “تجدد” النائب أديب عبد المسيح الى أن “الموفد القطري كان قد عوّم الاستحقاق الرئاسي من خلال تحركاته الأخيرة لكن مع بدء الحرب في قطاع غزة، هذا النشاط القطري عاد الى الوراء، اذاً نحن في مرحلة ركود رئاسي، لكن في نهاية المطاف نحن في لبنان اذا كنا قد حالنا فمن الممكن أن نستفيد من حرب غزة وننتخب رئيساً للبلاد”، معتبراً أن “هذا أحد الأسباب لضرورة تحصين أنفسنا داخلياً، وحب الوطن وولاؤنا له يجب أن يجعلانا نتكاتف وننتخب رئيساً في أسرع وقت لأننا نكون نبدأ برفع سورنا في وجه أي عدوان”.

وأعرب النائب المستقل بلال الحشيمي عن اعتقاده أن “أمد الفراغ لا يزال بعيداً خصوصاً في الأزمة التي نعيش فيها اليوم على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، وفي الوقت الحاضر قصة الرئاسة بعيدة جداً وهذا الشغور باق لأن هناك فيما بعد مفاوضات لوقف الحرب في غزة”.

وشدد الحشيمي على أن “هذه المفاوضات سيكون لبنان داخلاً فيها بطبيعة الحال، لأنه بلد محور، ونحن لسنا في دولة والقرار ليس بيدنا بل بيد (حسين أمير) عبد اللهيان، وايران هي من تحدد كيفية اللعبة. وفي الوقت الحاضر المفاوضات ستشمل رئيس جمهورية للبلد وفي غيابه ستبقى الأمور كما هي”.

شارك المقال