جحيم غزة يحاصر بايدن (٣)… قلق من استدراج القوات الأميركية للحرب البرية

زياد سامي عيتاني

منذ العملية النوعية التي شنتها “حماس” على إسرائيل في 7 تشرين الأول، يتزايد قلق الولايات المتحدة من الاستراتيجية الاسرائيلية، بحيث قال مصدر مطلع على المخاوف داخل إدارة جو بايدن: “لا أعتقد أن إسرائيل لديها استراتيجية لما ستفعله بعد ذلك” في ما يتعلق بتنفيذ غزو بري كامل. وفي هذا الاطار، كشفت مصادر أميركية مطلعة أن إدارة الرئيس بايدن تضغط على إسرائيل من أجل إعادة التفكير في خططها لشن هجوم بري كبير في قطاع غزة، ودعت بدلاً من ذلك إلى عملية “جراحية” باستخدام الطائرات وقوات العمليات الخاصة لتنفيذ غارات دقيقة وموجهة الى الأهداف والبنية التحتية عالية القيمة لحركة “حماس”.

وأكدت المصادر أن مسؤولي الادارة الأميركية باتوا قلقين للغاية بشأن التداعيات المحتملة لهجوم بري كامل، ويشككون بصورة متزايدة في أن ذلك سيحقق هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على “حماس”. وأشارت إلى أن بايدن شجع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثاتهما الأخيرة على التفكير في كيفية تطور مثل هذا الغزو، وما هي استراتيجية الخروج. وذكر مصدر مطلع أن بايدن ونتنياهو تحدثا يوم الأحد ومرة أخرى يوم الاثنين، وفي تلك المحادثات سعى بايدن إلى محاولة “جعل نتنياهو يستخدم رأسه، وليس قلبه”. وفي السياق نفسه، أجرى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز اتصالات هاتفية مع شركاء بلاده وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد)، وشركاء الولايات المتحدة العرب وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في محاولة لمنع الصراع من التصاعد إلى حالة من الفوضى، والعمل على ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى “حماس”.

وعلى الرغم من كل محاولات بايدن وإدارته وجهاز إستخباراته لعقلنة نتنياهو، فإن الشعور السائد في الاداراة الأميركية هو أن من شبه المؤكد أن إسرائيل ستمضي قدماً في غزو بري واسع النطاق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن المشاعر الداخلية داخل إسرائيل ملتهبة للغاية لدرجة أن نتنياهو قد يشعر أن لا خيار آخر لديه، الأمر الذي دفع نتنياهو الى القول لقائد الجيش الاسرائيلي: “لدينا مهمة واحدة فقط سحق حماس، ولن نتوقف حتى نكمله بمساعدتكم”. من الواضح أن هناك تحولاً في موقف بايدن، فبعدما أعلن في الأيام الأولى لعملية “طوفان الأقصى” لنتنياهو: “نحن ندعمك وسنفعل ما تريد”، فإنه وبعد أيام من العملية خرج عن موقفه من خلال النصيحة التي وجهها اليه بقوله: “تحتاج حقاً إلى إعادة التفكير في استراتيجيتك”.

ويفسر المحللون هذا التحول في موقف بايدن، بأنه ينبع من نقطتين أساسيتين: -التقارير عن ضعف قدرات الوحدات البرية في الجيش الاسرائيلي.

-الخشية في حال شن هجوم بري شامل من فتح جبهتي لبنان وسوريا، وقصف الميليشيات الموالية لايران في العراق واليمن العمق الاسرائيلي، ما قد يكشف الجيش الاسرائيلي، الذي سيفرض على القوات الأميركية المحتشدة في المنطقة التدخل المباشر، الأمر الذي سيحتم على ايران بدورها التدخل أيضاً دعماً لأذرعها العسكرية.

بناءً على هذه المعطيات فان واشنطن حريصة على عدم توسع الحرب، مخافة أن تنزلق إلى حرب إقليمية، من شأنها إستدراج القوات الأميركية الى النزول من القطع البحري إلى بر الساحات لمساندة الجيش الاسرائيلي، وما يمكن أن يلحق بها من خسائر، علماً أن ثمة قرار أميركي، بعدم خوض أية حروب بالنيابة عن أي بلد حليف للولايات المتحدة.

أما إذا وقع المحظور وتحولت حرب غزة الى حرب إقليمية، فإن الرئيس بايدن سيكون في وضع حرج، وبالتالي عرضة لاحتجاجات وإعتراضات واسعة من داخل الادارة الأميركية بكل أجهزتها، وعلى الصعيد الشعبي، الأمر الذي قد يتسبب بهزيمة مبكرة له ولحزبه خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

شارك المقال