سيّان عندهم

حسان الرفاعي

سيّان عندهم المخاطرة بأمن اللّبنانيّين ومستقبلهم من أجل الوصول إلى الكرسي.

يُشعِلون حروبَ تحريرٍ وإلغاء، يعطّلون انتخابَ رئيسٍ للبلاد، ويأخذون المواطنين دروعًا بشريّة حتّى يعطي المجتمع الدّولي الضوء الأخضر لحافظ الأسد كي يقتحم القصر الرّئاسي ويقتلع شاغله، يُقْتل جنودٌ لبنانيّون ويُؤسرون وتُقتحم وزارة الدّفاع  وأرشيفها… يهون كلّ ذلك أمام عناد التّمسك بالكرسيّ.

يُقفل مجلس النّواب لسبعة عشر شهرًا بهدف تعطيل المحكمة الخاصّة بلبنان ولكن سيّان إذا كان الأمر يخدم خطط ومشاريع منْ وَعَدَهم بالكرسي.

يَقتل عنصرٌ من “حزب اللّه” ضابطًا طيّارًا لبنانيًّا فيحمّلون الشّهيد المغدور مسؤوليّة طيرانه من دون الإبلاغ المسبق وأخذ الإذن بالتحليق.

تجتاح ميليشات “حزب اللّه” وأعوانه بيروت فتَقتل وتُدمّر، ولكن سيّان طالما أنّ الغُزاة يدعمونهم في وصولهم إلى بعبدا.

يُعطَّل تشكيل الحكومة لأشهرٍ ولكن ما الهمّ إنّ كان التعطيل يرضي شهوة وطموح الصهر العزيز بكرسيٍّ وزاريٍّ.

يُهرَّب إرهابيو الجرود في الباصات في صفقةٍ رغم أنف جيشنا الوطنيّ، ولكن سيّان إن كان الأمر يخدم حسابات حزب الله ومناوراته ومشاريعه.

انفجَرَ المرفأ أو العنبر رقم 12 فقُتل الأبرياء أو أصيبوا في أجسادهم وأرواحهم وممتلكاتهم، ودُمّر نصف العاصمة نتيجة عدم اكتراث المسؤول الأوّل وإهمال أو تواطؤ معاونيه وأزلامه في الإدارات والأسلاك العامّة، ولكن سيّان طالما أنّ الأمونيوم كان ليخدم الممانعة والممانعين ويقتل السوريّين الأبرياء.

أدّت سياستهم ومناوراتهم وتقلباتهم واستهتارهم بالوطن إلى هجرةٍ كبيرةٍ لبنانيّةٍ ومسيحيّةٍ، ولكن سيّان طالما أنّ الأمر لا يزعج مشاريع “وليّ الأمر” و”صاحب الكرامة”.

مزّقوا الدّستور ونعتوه بأبشع النّعوت بعدما أقسموا وتعهّدوا الحفاظ عليه وعلى الوطن، فالأمر يَخدم إنقلابهم وإنقلاب “الوالي” ويضمن له صرف فائض قوّة سلاحه على طاولة الصلاحيّات الدستوريّة عند أوّل مناسبة.

حرّضوا طائفيًّا ومذهبيًّا وافتعلوا كلّ المعارك بحجّة حقوق المسيحيّين وبهدف انتزاع لقب “الأقوى في طائفته” وزاد الضغط على اللّيرة، ولكن سيّان إنْ كان الأمر يخدم وصول الصهر إلى بعبدا.

هاجموا الأخوة العرب وانحازوا لإيران وللحوثيّين فالمُهِمْ إرضاء صاحب السّلاح ومشروعه التّوسيعيّ.

مِنْ استعراض بعض أفعالهم غير المبالية بالوطن ومصالحه العليا تطفو صورة الطّمع وترتسم أشكال الخيانة، ولكن سيّان فهوس الكرسي والسّلطة والمال يعلو  ولا يُعلى عليه.

ظنّ اللّبنانيّون أنّهم ذاقوا كلّ العذابات والويلات لثلاثين عامًا منذ اندلاع الحرب اللّبنانيّة وحتى الخروج السوري سنة 2005، ولكنّهم وبعد مرور 16 عامًا على هذا التّاريخ ما زالوا يدفعون من حياتهم وكرامتهم ورزقهم ثمن وصول “الرّئيس القويّ” الّذي أقسم ذات يومٍ بالآتي:

“أحلف باللّه العظيم أنّي أحترم دستور الأمّة اللّبنانيّة وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللّبناني وسلامة أراضيه.”

حمى الله لبنان واللّبنانيّين منهم! … انهم حقاً غير أهل للأمانة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً