إقتحام مستشفى “الشفاء”… لكسر رمزيته كعنوان للصمود

زياد سامي عيتاني

منذ بدء العدو الاسرائيلي حرب الابادة التدميرية على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها الثاني، تمعن قواته في القصف الذي يطال أيضاً المستشفيات، في ظل حقيقة أن الجانب الأكبر منها في القطاع دمر، أو خرج عن الخدمة، بحيث حذرت منظمات دولية، من أن الوضع الكارثي للمستشفيات، التي تئن تحت إستمرار القصف الاسرائيلي، ينذر بتحولها إلى “مشرحة”، في وقت ينفي فيه الجيش الاسرائيلي من جانبه، استهداف المستشفيات، ويكرر اتهامه لـ “حماس” باستخدامها كمقرات لها ولقيادتها.

مستشفيات غزة باتت واجهة للاستهداف المباشر لهجمات الجيش الإسرائيلي بالقصف المستمر والتهديد بالاخلاء القسري، حتى وصل به الأمر إلى إقتحام مستشفى “الشفاء” بكل وحشية! ومنذ بداية الحرب على غزة، تتهم إسرائيل “حماس” باستخدام المستشفيات لإخفاء مقارها ومنشآتها، وقد تكرر هذا الاتهام مراراً على لسان المتحدثت باسم الجيش الاسرائيلي، دانيال هاغاري، الذي قال في عدة مؤتمرات صحافية: “ان حماس تستخدم المستشفيات لأغراض إرهابية، وتستغلها لإخفاء آلتها الحربية”. وقد ردت “حماس” بالنفي مراراً على التهم الاسرائيلية، وكانت قد دعت الأمم المتحدة الى تشكيل لجنة دولية لزيارة المستشفيات في قطاع غزة والتحقق من ادعاءات إسرائيل حول استخدامها مواقع للمقاومة.

وفق تحليل نشره “مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية”، الأربعاء، فإن اقتحام “مجمع الشفاء الطبي” يمثّل تحدياً أمام الموقف الاسرائيلي في الحرب على غزة، كما يمكن فهم ذلك في ضوء:

– دخول المستشفى يشكّل فرصة للجيش الاسرائيلي لتعزيز روايته بشأن استخدام “حماس” للمنشآت الطبية في القطاع كبنية تحتية لأغراض عسكرية، للرد على الانتقادات الدولية لاستهداف المستشفيات.

– الاقتحام يفتح نافذة جديدة لزيادة الانتقادات الدولية لاسرائيل وزيادة الضغط عليها، في حال عدم قدرتها على تقديم أدلة تعزز روايتها.

– يمثّل اختباراً لمصداقية المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها إسرائيل، خصوصاً بعد نشر الجيش الاسرائيلي مقطع فيديو لما يزعم أنها “غرفة عمليات حماس” تحت المستشفى.

لذلك، فإن إسرائيل أمام تحدي ضرورة توفير معلومات موثوقة تدعم موقفها إقليميا ودولياً، خصوصاً مع تناقضات واضحة في الرواية الاسرائيلية، فمنذ البداية كان المستشفى يضم مقراً لقادة “حماس”، وبعد الاقتحام تبدّلت الرواية إلى أنه يضم أنفاقاً! (حسب المزاعم الاسرائيلية).

بالعودة إلى “مجمع الشفاء الطبي”، فهو يعد الأقدم والأكبر في القطاع، تأسس عام 1946، ويضم 3 مستشفيات تخصصية هي الجراحة والأمراض الباطنية والنسائية والتوليد، و642 سريراً، ويعمل فيه حوالي 1500 موظف. وتحوّل منذ العام 2007 إلى قلعة نضال ضد إسرائيل، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية، فضلاً عن بنائه لشراكات قوية مع المنظمات الدولية والصحية، وتحوّله في الحرب الحالية إلى مركز للمؤتمرات الصحافية. والمستشفى أخذ منذ السابع من تشرين الأول دور حكومة غزة، سواء في مخاطبة الرأي العام أو احتضان المؤتمرات الصحافية التي تفضح جرائم إسرائيل، ومن ثم لا بد من إسكات صوته عبر تحويله الى ثكنة عسكرية إسرائيلية.

لذا، فإن إسرائيل تسعى إلى كسر رمزية هذا المعلم الطبي، الذي تحول إلى رمز للصمود، بإلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقّة بالفلسطينيين النازحين للاحتماء في محيطه، بغية حرمانهم مِن الرعاية التي تقدّمها تلك المنشأة الطبية لهم.

إسرائيل التي تبحث عن نصر وهمي، حوّلت المستشفيات إلى هدف عسكري، وتعد الآن رواية مصطنعة جديدة لمواجهة أي انتقادات دولية.

شارك المقال