غزة الشهيدة

الراجح
الراجح

لم يكن الوطن العربي في تاريخه الحديث مجرد “تعبير جغرافي” أكثر مما هو عليه اليوم، على الرّغم من جميع الخطابات والبيانات والتّصاريح الرسميّة حول التّضامن العربي ودعم القضيّة الفلسطينيّة.

لم يقع الوطن العربي في تاريخه الحديث فريسة سهلة للهيمنة الخارجيّة والتلاعب الايديولوجي أكثر مما هو حادث اليوم، مع العلم بأن ذلك كلّه يجري تحت شعارات حماية استقلال المنطقة العربيّة والدفاع عن انفتاحها واستقرارها من دون نسيان أهمية حل الدّولتين!

لقد أصبحت الدّول العربية وحكّامها اليوم على درجة كافية من القوة والبأس والثقة بالنفس بما يسمح لهم بتغليب مصالحهم على المصالح الحيويّة لشعوبهم وبلدانهم، وهذا كله يتم باسم الواقعيّة السّياسية البعيدة النّظر والرّزانة الديبلوماسية الدقيقة في حساباتها.

تقوم التحالفات بين الحكام العرب اليوم على أساس التّطبيق التّدريجي للقضاء على كل تحرُّك شعبيّ معارض وعلى كلّ ميل جماهيريّ راديكاليّ وعلى كل قوّة تقدّميّة منظّمة أو شبه منظّمة لتحويل التحالف المصلحي والوظيفي القائم ضمناً بينها وبين الجبروت الاسرائيلي إلى حلف رسمي ومفتوح.

في الوطن العربي اليوم يتناسب الفيض الهائل لوسائل الاعلام، وبمعظم أدوارها، تناسباً طرديّاً مع الانحسار أو التّراجع السّحيق لكل فكر موضوعيّ مستقل ولكل ثقافة جديّة ملتزمة ولكل نقاش حر ومسؤول ولكل نقد مبدئي.

في الوطن العربيّ اليوم تُشكِّل الحرب القائمة في غزة الشرط اللازم وغير الكافي لإنشاء أي دولة فلسطينية، مهما كان نوعها، ولإقرار سلام غير عادل في المنطقة، مهما كانت طبيعته، وكل ما عدا ذلك قد يكون وهماً وتعمية.

بعد كم التصاريح الأخيرة، وبعد مؤتمر الـ57 دولة إسلاميّة وعربيّة، وضمنها إيران، وما صدر من بيان أعادنا إلى مؤتمر القمة العربية في بيروت وحل الدولتين والتوقيع الإيراني على البيان من دون أي تحفظ، علماً أنه لم يأتِ على ذكر “حماس” لا من قريب ولا من بعيد، وليلحقها الافراج عن عشرة مليارات دولار يدفعها العراق لايران ثمنًا للكهرباء!

أمام هذا، لا بدّ من السؤال – هل ستنضم غزّة إلى قافلة الشّهداء؟

شارك المقال