“المستقبل” يتألّق نقابياً في طرابلس

إسراء ديب
إسراء ديب

يُعيد مشهد الفوز الكبير الذي حقّقه تيّار “المستقبل” في انتخابات نقابة المحامين في طرابلس والشمال المتابعين والمناصرين لهذا التيّار، (بعد فوز مرشحه المحامي سامي الحسن بمركز نقيب المحامين) إلى المرحلة السياسية التي تسبق القرار الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري بتعليق عمله السياسيّ، والذي لا يبدو أنّه قد انعكس على عمل التيّار النقابيّ الذي بيّن وهجاً ورهجة ميّزتا التيّار الأزرق شمالاً، في وقتٍ كان يُلمّح فيه البعض إلى انتهاء “الحريرية السياسية” في هذه الأقضية وغيرها.

النقيب الحسن الذي تنتظره تحدّيات جمّة مرتبطة بحقوق المحامين وضرورة تحسين واقعهم الحاليّ لا سيما بعد أزمات وملفات ماليّة ومشكلات عدّة واجهها محامون خلال الأعوام القليلة الماضية، لا يُخفي الدّعم السياسي الذي يحظى به أو انتماءه الواضح الى التيّار، وهو ما يبدو من تصريحاته التي ظهرت بعد إعلان فوزه في الاستحقاق الديموقراطي، خصوصاً بعد إهدائه الفوز لكلّ من الشهيد رفيق الحريري، سعد الحريري كما الشهيد وسام الحسن. فيما هنّأ الأمين العام لتيّار “المستقبل” أحمد الحريري عبر منصّة “إكس” الحسن كاتباً: “بعض النصر في حسن اختيار الحلفاء، والبعض الآخر في حسن اختيار الخصوم، مبروك فوز الصديق سامي الحسن بمركز نقيب المحامين في طرابلس وفوز الصديق إبراهيم حرفوش بمركز عضوية النقابة”.

إنّ الفوز الذي حقّقه الحسن (الذي جاء خلفاً لنقيبة “المردة” السابقة المحامية ماري تيريز القوّال، واحتشد من أجله أيضاً المحامون الداعمون) لم يكن مفاجئاً بل متوقع قبل الانتخابات، وقد ظهر ذلك جلّياً عند انتهاء الدورة الأولى بحصوله على 618 صوتاً، إلا أنّ انسحاب المرشح صفوان المصطفى كان خطوة غير متوقّعة بعد حصوله على 525 صوتاً، أيّ بفارق 93 صوتاً، بحيث قرّر الانسحاب في ظلّ عدم قدرته فعلياً على تأمين هذه الأصوات في الدورة التالية، ما أدّى إلى فوز الحسن من دون دورة ثانية، كما فاز مرشح تيّار “المردة” إبراهيم حرفوش (466 صوتاً) بالعضوية عقب إعلان المصطفى استقالته من مجلس النقابة التزاماً منه بعرف النقابة القائم على المداورة والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

يُمكن التأكيد أنّ نسبة المشاركة أو الحشد الذي سجّل في هذا الاستحقاق كان مرتفعاً بصورة ملحوظة، بحيث اقترع 1269 محامياً من أصل 1509 سدّدوا اشتراكاتهم، وبالتالي تُعدّ هذه المشاركة لافتة هذه المرّة خصوصاً وأنّها لم تُحدث انقساماً ضمن التيّار نفسه، بل تمّ “صبّ” الاهتمام على دفع الحسن إلى الفوز، كما أنّ الأرقام التي خرجت بها صناديق الاقتراع أثبتت الحضور الملحوظ والمستمرّ منذ أعوام لتيّار “المستقبل” وأظهرت تماسك التحالف مع تيّار “المردة” وأهمّية التعاون مع “القوات اللبنانية” على المستوى النقابيّ في طرابلس تحديداً (لكنّه على ما يبدو لم ينجح في بيروت التي شهدت كباشاً واضحاً، ولم ينجح فيها مرشح “القوات اللبنانية” عبده لحود الذي حصل على 1950 صوتاً بفارق 23 صوتاً عن مرشح “الكتائب” فادي المصري، وذلك على الرّغم من “التسوية” التي كان قد أعلن عنها سابقاً وتحدّثت عن دعم “القوات” لمرشح طرابلس في مقابل دعم “المستقبل” لمرشحها في العاصمة)، لكن في الواقع، توضح الماكينة الانتخابية لهذا التحالف، قدرتها على تحقيق فوز في هذه النقابة وربما في استحقاقات ثانية نقابية ضمن “الموجة” نفسها أيّ وفق هذا التوازن السياسيّ شمالاً.

وفي المقابل، وبعد المنافسة الشرسة التي اتضّحت معالمها قبيل الانتخابات التي حدثت منذ ساعات، تلقّى الطرف المنافس (الذي بدا بقدرة أضعف على التأثير)، أيّ كلّ من النائب فيصل كرامي وأشرف ريفي وغيرهما كـ “التيّار الوطني الحرّ” الذي دعم “صورياً” المرشح المصطفى الذي كان من أبرز المنافسين الشرسين للحسن، “صفعة” نقابية بعد فوز “المستقبل”، مع العلم أنّ المصطفى كان قد حصل على عدد أصوات لا يُستهان به أيضاً (لأنّه يعتمد على مبدأ الالتزام بالمسافة الواحدة قدر الامكان في أيّ ظرف مع الجميع)، لكن نظراً إلى تقديره لأبعاد هذا الاستحقاق، فضّل الانسحاب على المقارنة فيما بعد.

ومع محاولة المرشح ناظم العمر الذي كان مستقلاً ورافضاً فكرة التدخل السياسيّ المتزايد، فلم يحصل إلّا على 70 صوتاً، يثبت فعلياً استمرار التدخل السياسيّ في أيّ استحقاق وأهمّيته في الوقت عينه دعماً للمرشح، فيما حصل المرشح سعدي قلاوون على 95 صوتاً أيّ أكثر من العمر، بينما حصل المرشح بسّام جمال على 42 صوتاً، وعن العضوية حصل كلّ من فهد زيفا على 387 صوتاً، ومريانا باشا على 209 أصوات.

شارك المقال